رئيس التحرير
عصام كامل

الزيتون رمز الصمود الفلسطيني.. البرغوثي: زيت الزيتون هدية المسافر واطمئنان العروس ومكافأة الخريف وثروة العائلة.. الاحتلال يحاربها بالخنازير للاستيلاء على الأراضي.. و"القدس" تحتضن أقدم شجرة

فيتو

"زيتون بلادي أجمل ما يكون" هي كلمات نُغمت على ألحان "الدلعونا" الفلسطينية، اعتاد الفلسطينيون منذ قديم الزمان الترنم بها في موسم حصاد الزيتون.


فالزيتون عند الفلسطيني ليس مجرد ثمرة يمر حصادها مرور الكرام، إنما هو الذاكرة، هو الوطن الملخص في مرارة زيتونه وحلاوة زيته المنقى، هو ذكرى الحصاد واجتماع العائلة، هو ذلك الرمز المقدس في عنق كل ما هو فلسطيني، وهو المرادف الوحيد لمعنى التجلي الوطني في قلوبٍ اكتوت بمرارة تهويد الهوية.

يتعجب البعض عند سماع علاقة الفلسطيني بالزيتون، ولكن ما غريب على أرض الرباط، أو ربما ألف الفلسطيني الغرابة فصارت حياته اليومية التي اعتادها.

هو يرتبط به إلى هذا الحد لأن البلاد كلها عرضة للتهويد، هل جربت يومًا أن تعيش في منزلك دون أكثر من نصف غرفك التي تحتفظ فيها بألبوم صورك القديم؟! حينها ستشتاق لذلك الألبوم وتتلوع لفراقه المدوي في جوانبك، هكذا هو الزيتون.

وفي وصف الزيتون تغزل كل أبناء فلسطين، فيقول البرغوثي المهجر: "زيت الزيتون بالنسبة للفلسطيني هو هدية المسافر، اطمئنان العروس، مكافأة الخريف، ثروة العائلة عبر القرون، زهو الفلاحات في مساء السنة وغرور الجرار".

ومع دخول الزيتون في موسم حصاده هذا العام، تتزايد كالعادة مخاوف المزارعين الفلسطينيين من عربدة المستوطنين في مزارع الزيتون الفلسطينية، ويطلق بعض المستوطنين "قطعان" من الخنازير على مزارع الزيتون لتخريبها.

وبحسب الناشطين في مجال مقاومة الاستيطان، فإن عملية نشر الخنازير من قبل سلطات الاحتلال هي وسيلة واحدة من بين وسائل كثيرة تأتي ضمن سياسة محاربة المزارع الفلسطيني في لقمة عيشه، وهي إحدى الوسائل المتبعة من قبل الاحتلال للتضييق على المزارعين، وهي أيضا وسيلة من بين وسائل كثيرة ومتعددة تهدف في مجملها إلى إبعاد المزارع عن أرضه لتسهل سرقتها ومصادرتها بعد ذلك.

لكن في المقابل ترى الزيتون يأبى أن يكون على غير هذه الأرض، ولغير أهلها العارفين طباعه، والمدركين قيمته، فالزيتون هو الشجر الأطول عمرًا في العالم، وتقع أقدم شجرة على مر العصور في مدينة القدس في فلسطين، والتي يبلغ عمرها قرابة الـ5 آلاف وخمسمائة عام، لكن لا تحظى هذه الشجرة بشهرة كبيرة، وتكاد تكون مجهولة، حتى أن كثيرا من سكان قرية "الولجة" التي تقع الشجرة فيها لا يعرفون عنها الكثير.

أما عن الجو التراثي الذي يملأ موسم الحصاد فتتجلى فكرة "العونة" أي الأعمال التطوعية الشبابية والطلابية لمساعدة صغار المزارعين في قطف وجمع الزيتون، خاصة أن هناك مناطق كثيرة أصبحت موضع احتكاك على الجدار الفصل العنصري الذي أقامه الاحتلال، مما يعطي ضرورة التجمع من قبل المزارعين أثناء القطف في فترة زمنية واحدة ليكونوا عونًا ودعمًا لبعضهم.

فشجرة الزيتون مستهدفة من قبل جنود الاحتلال، وحصد الاحتلال شجر الزيتون أثناء تشييده لجدار الفصل، مما أودى بحياة عدد كبير من الأشجار التي تصل أعمارها إلى ألفي عام.

لكن "أن تكون فلسطينيا يعني أن تصاب بأمل لا شفاء منه"، فقد أخذ المواطنون الفلسطينيون أشجار الزيتون التي اقتلعها الاحتلال وأعادوا زراعتها في ساحة كنيسة المهد، فصارت ساحة المهد وطنا وذاكرة تزين المكان.

إحدى أشهر الأغاني الفلسطينية عن موسم الحصاد تقول: على دلعونــة وعلـــــى دلعونة.. زيتـــــــــون بـــــــــــــــلادي أجمــــل مــــــا يكونــــــــــــا

زيتون بلادي واللوز الأخضر
والميرامية ولا تنسى الزعتــر

واقراص العجــة لمـا تتحمـــر
ما أطيب طعمها بزيت الزيتونا

خبــز ملتوت وجبنــة طريـــة
أكلــــة تدفينــــا بالشتويـــــــة

وصحون السحلب والهيطليـة
خلتنــا ننسـى بــردك كانونــــا

يا ربي تشتي ونلبس طاقيـــة
ونلبس كبود ونحمل شمسيــة

ونغني سوا يا فلسطينيـــــة
دايم في بلادي خبز الطابونـــا
الجريدة الرسمية