رئيس التحرير
عصام كامل

نصيحة من مائة عام!


جبران خليل جبران، شاعر المهجر اللبناني المولد، عاش في بوسطن وعاين بداية القرن العشرين بأمريكا، ولكن قلبه عاش مع الشرق حيث ولد وانتمى وتشكلت أحلامه ونما وجدانه، كان يكره دولة الخلافة العثمانية، ويراها الخطر الأكبر على الإسلام والمسلمين، وينصح المسلمين بمقاومتها، ومن مائة عام خط بيده رسالة تحمل نصيحة للمسلمين، وأراها كما لو كانت حية متجددة، اقرأوا رسالته وتأملوا معانيه...


( أنا مسيحي ولي فخر بذلك، ولكنني أهوى النبي العربي، وأكبّر اسمه، وأحب مجد الإسلام وأخشى زواله، أنا شرقي ولي فخر بذلك، ومهما أقصتني الأيام، عن بلادي أظل شرقي الأخلاق سوري الأميال، لبناني العواطف.. أنا شرقي، وللشرق مدينة قديمة العهد، ذات هيبة سحرية ونكهة طيبة عطرية، ومهما أعجبت برقي الغربيين ومعارفهم، يبقى الشرق موطنًا لأحلامي ومسرحًا لأمانيّ وآمالي.. بينكم أيها الناس من يلفظ اسمي مشفوعًا بقوله: «هو فتى جحود يكره الدولة العثمانية ويرجو اضمحلالها»..

إي والله لقد صدقوا، فأنا أكره الدولة العثمانية، لأني أحب العثمانيين، أنا أكره الدولة العثمانية، لأني أحترق غيرة على الأمم الهاجعة في ظل العلم العثماني.. أنا أكره الدولة العثمانية، لأني أحب الإسلام، وعظمة الإسلام، ولي رجاء برجوع مجد الإسلام..
أنا لا أحب العلة، ولكنني أحب الجسد المعتل، أنا أكره الشلل، ولكنني أحب الأعضاء المصابة به، أنا أجل القرآن، ولكنني أزدري من يتخذ القرآن وسيلة لإحباط مساعي المسلمين، كما أنني أمتهن الذين يتخذون الإنجيل وسيلة للتحكم برقاب المسيحيين..

وأي منكم أيها الناس لا يكره الأيدي التي تهدم، حبا للسواعد التي تبني؟ أي بشرى يرى العزم نائمًا ولا يطلب إيقاظه؟ أي فتى يرى العظمة متراجعة إلى الوراء، ولا يخشى انحجابها؟ خذوها يا مسلمون، كلمة من مسيحي أسكن «يسوع» في شطر من حشاشته، و«محمدًا» في الشطر الآخر.. إن لم يتغلب الإسلام على الدولة العثمانية، فسوف تتغلب أمم الإفرنج على الإسلام.. إن لم يقم فيكم من ينصر الإسلام على عدوه الداخلي، فلا ينقضي هذا الجيل إلا والشرق في قبضة ذوي الوجوه البائخة والعيون الزرقاء )!!.
الجريدة الرسمية