رئيس التحرير
عصام كامل

قرار الاعتراف بفلسطين يثير الجدل... "الكنيست": القرار "مخز" ويتجاهل مشاكل حقيقية.. "الخارجية الإسرائيلية" تلتزم الصمت حيال القرار.. مراقبون: 3 خطوات غيرت السياسة البريطانية الـ 50 عاما الماضية

الكنيست الاسرائيلى
الكنيست الاسرائيلى

يعد الاعتراف الرمزي من قبل مجلس العموم البريطاني بدولة فلسطين خطوة تاريخية تكاد تكون انطلاقة لعودة الحق الفلسطيني، كما كان وعد البريطاني آرثر جيمس بلفور في عام 1917 نقطة انطلاق تأسيس الكيان الصهيوني وسلبا للحق الفلسطيني.


وبعد أن نجح المقترح الذي قدمه رئيس مجموعة أصدقاء فلسطين في حزب العمال المعارض "جراهام موريس" للمطالبة بالاعتراف بفلسطين بغالبية 272 صوتًا نظير 12 صوتوا بـ "لا" الثلاثاء الماضي، يمكننا القول بأن القضية الفلسطينية تنتظر نجاتها من بريطانيا كما كانت نفس الدولة هي العقدة التي وقفت أمام الفلسطينيين على إثر وعد "بلفور".

وبالنظر لوعد بلفور "وعد من لا يملك لمن لا يستحق"، والذي بعث برسالة إلى اللورد ليونيل روتشيلد، أشار فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وأكد أنها تنظر بعين العطف إلى إنشـاء وطن قومي سيضم "الشعب اليهودي"، سنجد أن مقترح "موريس" هو مقترح من لا يملك لمن يستحق، وهو الشعب الفلسطيني الذي نهبت أراضيه ودمرت حقوقه بسبب هذا الوعد، وحتى اليوم يعتبر الفلسطينيون وعد "بلفور" سبب مظالمهم جميعًا.

وعلى الرغم من أن الاعتراف بالدول من صلاحيات الحكومة في بريطانيا، وليس البرلمان، لكن التصويت لصالح المقترح، يعبر عن رغبة البرلمان، ويحرج الحكومة البريطانية.

كانت المسئولة بالخارجية البريطانية، "بارونس وارسي"، استقالت العام الجاري، احتجاجًا على سياسات الحكومة تجاه غزة، فيما أعرب سابقًا حزب العمال المعارض، عن دعمه للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

أما ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا، فهو يرى أنه في ضوء التصويت لن يكون هناك تغيير في السياسة المتبعة سواء مع إسرائيل أو السلطة الفلسطينية، غير أن هناك إحساسا بالتعاطف أو بالذنب، خاصة في وزارة الخارجية البريطانية، تجاه الفلسطينيين، إلى جانب وجود مخاوف على مصالح بريطانيا في العالم العربي.

وفي أعقاب قرار البرلمان البريطاني الاعتراف بالدولة الفلسطينية، قالت الخارجية الإسرائيلية إنها تخشى حصول تحول جارف في أوربا ضد إسرائيل.

وفي المقابل، فإن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، ووزير الخارجية أفيجدور ليبرمان، التزما الصمت حيال القرار البريطاني.

على الجانب الآخر، تخشى الخارجية الإسرائيلية بحسب صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، من حصول تحول جارف في أوربا ضد إسرائيل، ونقلت الصحيفة عن مسئول إسرائيلي قوله إن دولًا كثيرة في أوربا تهدف بشكل واضح للضغط على إسرائيل، زاعمًا أن هذه الدول الأوربية تتجاهل الواقع، وأن "أبو مازن" هو الرافض.

واعتبر عضوا الكنيست، ياريف ليفيين وأوريت ستروك، القرار البريطاني بأنه "مخز، ولا يتجاهل وعد بلفور فقط، وإنما يتجاهل المشاكل الحقيقية في العالم، مثل: الجوع والأوبئة والحروب الدموية والإسلام المتطرف".

وفي سياق متصل، يرى المراقبون أن السياسة البريطانية تغيرت خلال الخمسين عام الماضية عبر ثلاث خطوات: حين اعتذرت بريطانيا لقبائل الماو ماو في كينيا في أفريقيا في العام 1963 على ما ارتكبته من مجازر، وتم لهم حكم ذاتي
، وفي العام 2003 قال جاك سترو وزير خارجية بريطانيا الأسبق في مقابلة صحفية "لم ننصف الفلسطينيين في وعد بلفور"، وفي عام 2013، زار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الهند واعتبر أن المجزرة التي ارتكبها الجنود البريطانيون بالهنود إبان استعمار بريطانيا للهند في العام 1919 "وصمة عار في جبين بريطانيا"، وأخيرًا الخطوة الرابعة بتصويت البرلمان على الاعتراف بدولة فلسطين.

وعلى الرغم من الغضب العارم داخل الأوساط الإسرائيلية من قرار مجلس العموم البريطاني، إلا أن بعض المحللين حاولوا التقليل من أهميته، إذ قال يؤام شاحام المحلل الصهيوني إن دلالة التصويت -إن كانت له دلالة أصلا- لا تتجاوز حدود السياسة البريطانية الداخلية، موضحًا أنه بعد نحو نصف عام ستجرى في بريطانيا انتخابات برلمانية جديدة، وأن العديد من أعضاء حزب العمال يسعون للحصول على الدعم من قبل الناخبين المسلمين من خلال طرح القضية الفلسطينية على جدول الأعمال.
الجريدة الرسمية