"العربي" أمام "مؤتمر حماية الأطفال اللاجئين في الشرق الأوسط": "حماية الأطفال" أثناء النزاعات المسلحة "ضرورة".. "الطفل الفلسطيني" رمز للمعاناة.. ولابد من وضع "إستراتيجية عربية" لحمايتهم في وضع اللجوء
قال الدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن الأطفال العرب في مقدمة المتضررين من الأحداث الجارية في الدول العربية، لافتًا إلى أهمية العمل على قضية حماية الأطفال، وتوفير الحماية المسلحة لهم.
توفير الحماية للأطفال
وأوضح العربي في كلمته بافتتاح مؤتمر "الاستثمار في المستقبل.. حماية الأطفال اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، الذي تستضيفه الإمارات، برعاية صاحب السمو الشيخ "سلطان بن محمد القاسمي" حاكم الشارقة، وقرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، أن قضية حماية الأطفال تتعلق بمستقبل المنطقة العربية بأسرها، مشددًا على ضرورة تأكيد توفير الحماية لهم أثناء المنازعات المسلحة واللجوء، والتضامن باسم الضمير الإنساني من أجل حماية الأطفال من كافة أشكال العنف والاستغلال.
وأضاف العربي: "إن شلالات الدم التي نشهدها على الأرض العربية، أصبحت تعبر عن نقص واضح في وسائل وآليات التدخل الإنساني للتعامل مع الأزمات الدولية الكبرى، تلك الأزمات التي تهدد ليس فقط مستقبل المنطقة، ولكنها تمثل أيضًا تهديدًا خطيرًا للأمن والسلم الدوليين، ويؤكد مشهد موت وإصابة الأطفال في المنطقة العربية، الفجوة الكبيرة بين التشريعات والقرارات الدولية من جهة، وإمكانية تطبيقها من جهة أخرى".
الطفل الفلسطينى
وذكر: "ولعل ما يواجهه الطفل الفلسطيني خير مثال على ذلك، فقد أشار التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للطفولة بفلسطين خلال الاعتداء الأخير على غزة، إلى سقوط نحو 597 طفلًا شهيدًا، وإصابة ما يقارب 3347 آخرين، من بينهم ألف طفل يعانون من إعاقة دائمة".
ولفت إلى أن ما يتعرض له الأطفال في سوريا والعراق وليبيا واليمن، أصبح أمرًا يتنافى مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان، مطالبًا بالتضامن من أجل حماية أجيال لا ذنب لها، سوى أنها ولدت على أرض الصراع، وأصبحت معاناتهم، وذلك في ظل إرهاب أسود يتفاقم يومًا بعد يوم، ويتعرض الأطفال خلاله لأخطار غير إنسانية سواءً في دولهم أو أثناء عملية الانتقال واللجوء.
وأشار إلى التقرير الصادر عن مؤسسة إنقاذ الطفل، والذي يؤكد أن هناك أرقامًا صادمة بشأن عدد الأطفال الذين تضرروا من القتال في سوريا، ويضيف التقرير: "سبعة آلاف طفل قتلوا، وتعرض طفل من كل ثلاثة أطفال إما للضرب أو الركل أو إطلاق النار"، كما تفيد تقارير أخرى لمنظمة اليونيسيف أن مليوني طفل في سوريا بحاجة إلى الدعم والعلاج النفسي، وأن الصراع الدائر هناك أثَّر على نحو 5.5 ملايين طفل سوري وهم الآن بحاجة ماسة للمساعدة الإنسانية.
وضع أطفال العراق
وفيما يتعلق بالعراق، قال إن الجماعات المسلحة في العراق تستغل وضع الأطفال النازحين من المناطق الساخنة لإرغامهم على الانخراط في القتال، وتشير أيضًا بعض التقارير إلى أن معظم الأطفال في اليمن هم ضحايا الصراع، ومحرومون من فرص الحماية ومعرضون لعديد من أشكال العنف.
وأضاف: "تقوم الجامعة العربية الآن - وإدراكًا منها بهذه التحديات - بإعداد "وثيقة المبادئ التوجيهية حول ضمان حقوق الأطفال في حالات الطوارئ"، بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية المعنية، من أجل تطبيق مفهوم حماية الأطفال في كافة الخطط والإستراتيجيات الوطنية، وقد تم التركيز فيها على قطاعات التعليم، والصحة، والحماية البدنية والنفسية، ووضع سياسات عامة وبرامج وطنية في الدول العربية الأعضاء لكفالة حقوق الطفل قبل وخلال حالات الطوارئ".
اجتماع رفيع المستوى
ولفت إلى أن الجامعة العربية ستنظم اجتماعًا رفيع المستوى حول "البروتوكول الاختياري الثالث الملحق بالاتفاقية الدولية لحقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات"، في المملكة المغربية خلال الربع الأخير من هذا العام، كما تقوم الجامعة بمساعٍ حثيثة على المستويين العربي والدولي لتحديث "الاتفاقية العربية لتنظيم أوضاع اللاجئين في الوطن العربي" بما يتناسب مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والأوضاع الحالية في المنطقة.
وأوضح أنه قام مؤخرًا في نيويورك، بتوقيع اتفاقية تعاون مع مكتب الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأطفال والنزاعات المسلحة، بهدف ضمان حماية وتعزيز حقوق الأطفال أثناء الصراعات المسلحة، وإعادة تأهيلهم وإدماجهم في مجتمعاتهم.
وطرح العربي في كلمته، بعض الأفكار التي من المتاح تطبيقها عمليًا، فيما يتعلق بالتعاون بين جامعة الدول العربية وكل الأطراف المعنية بقضية الأطفال في وضع اللجوء وحمايتهم.
إستراتيجية عربية لحماية الأطفال
ويشير إلى ضرورة وضع إستراتيجية عربية لحماية الأطفال في وضع اللجوء بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين والمنظمات والجهات المعنية، تستهدف وضع رؤية متكاملة لتوفير بيئة حاضنة وآمنة للأطفال يتم ترجمتها من خلال "دعم الاستثمار" في برامج الوقاية والحماية للأطفال بشكل عام وبرامج توفير الرعاية للاجئين بشكل خاص، والعمل على إيجاد آلية لدعم الدول والمجتمعات الحاضنة والمستضيفة للاجئين لتوفير الدعم المادي المستدام على المدى القصير والطويل، ووضع آلية تنسيقية بين المجتمعات الحاضنة للاجئين والمنظمات الإقليمية والدولية ومنظمات المجتمع المدني لتعزيز حقوق الأطفال بشكل يضمن استدامة الفعالية وحسن تطبيق البرامج في مجالات الحماية والتعليم والرعاية الصحية.
تعزيز التعاون الإقليمي
كما أكد على ضرورة رفع كفاءة المؤسسات الوطنية، والتأكد من وجود خطط وطنية فعالة تمكن مؤسسات الدولة من التعامل الجيد مع حالات الطوارئ، ومنها حالات اللجوء والنزوح الداخلي، فضلًا عن تطوير وتعزيز نظم وآليات حماية الأطفال الوطنية، وبناء قدرات العاملين فيها، إضافة إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي وبناء الشراكات الهادفة إلى حماية الأطفال اللاجئين، وإنفاذ حقوقهم بين الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وتقديم كافة أشكال الدعم الفني والمادي للدول التي تستضيف اللاجئين حيث يشكل هذا الأمر في أغلب الأحيان عبئًا إضافيًا على هذه الدول.
وطالب في نهاية كلمته، المجتمع الدولي باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بحماية الأطفال في مناطق الصراع والنزاعات المسلحة، تنفيذًا للمواثيق الدولية الخاصة بحماية الأطفال، وإلزام كافة الأطراف بما وقعوا عليه من تعهدات في هذا الشأن.