رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا تركتم للفلاحين ؟


بعد قرار وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بزيادة أسعار الأسمدة 33 % ليصبح سعر الطن 2000 جنيه بالتمام والكمال، وجد المزارع نفسه بين يوم وليلة مطالبا بدفع مبلغ 100 جنيه ثمنا للشيكارة الواحدة بدلا من 75 جنيها، وهو ما يزيد من الأعباء الملقاة على عاتقه، ويعرض مهنة الزراعة للانقراض.


حقيقة الأمر أن الحكومة لم تدرس القرار جيدا وتعجلت كثيرا بإصداره في هذا التوقيت، لاسيما وأنه يساهم في زيادة مساحة التعديات على الأراضي الزراعية، هربا من نزيف الخسائر التي يتعرض لها الفلاح بارتفاع تكاليف مستلزمات الزراعة في ظل تدني أسعار المحاصيل وبوارها في الأسواق، وخير مثال على ذلك محصول القطن الذي طالب الدكتور أيمن فريد أبوحديد وزير الزراعة السابق الفلاحين بزراعته وحينما جني المزارعون المحصول وطالبوا الزراعة بشرائه كما وعدهم " أبوحديد " رد عليهم الدكتور عادل البلتاجي وزير الزراعة الحالي ببرود " حد قالكم تزرعوه " !!.

القرار غير المدروس مثال على أن الزراعة تسير عكس الاتجاه وتعمل في غير صالح الفلاحين، لكن الملفت للانتباه هو رد فعل أسامة الجحش نقيب الفلاحين ومجلس نقابته الذين أيدوا القرار تماما، ولم يعترضوا عليه، دافعوا عن قرار الحكومة وتناسوا الفلاحين الكادحين، والحقيقة أنني أعتبر أن موقف النقابة الحالي خيانة للفلاحين وأطالب بجمعية عمومية لسحب الثقة منهم لأنهم باتوا يشكلون خطرا حقيقيا على الفلاح.

زيادة سعر الأسمدة يصب في صالح الشركات الخاصة المنتجة له، لاسيما وأن المصادر أكدت أن وزارة الزراعة اجبرت على اتخاذ القرار بسبب ضغوط الشركات بتعديل الأسعار بعد ارتفاع أسعار المواد البترولية ورفضهم توريد حصة الاسمدة للموسم الشتوي الجديد وهو ما وضع الوزارة في ورطة كبيرة استلزمت اتخاذ القرار الذي اعتبره الخبراء الزراعيون أنه القشة التي ستقضي على ما تبقي للفلاحين من أمل الإصلاح.

لم نر يوما أي تظاهرة للفلاحين طوال فترات كانت فيه جميع فئات وأطياف الشعب المصري تطالب بحقوقها في الشارع، وكان المزارعون وقتها يعملون وقوفا إلى جانب مصر في هذه المرحلة الصعبة من عمر الوطن، شاركوا في الاستفتاء على الدستور، وحينما انتخبوا المشير عبد الفتاح السيسي رئيسا للجمهورية قال لهم بالحرف الواحد "لو أطول اجيب لكم حتة من السما مش
هتأخر ".

الفلاحين أكدوا أنهم سيرسلون مذكرات للرئيس السيسي والمهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء ليطالبوهم بالعدول عن القرار قبل فوات الأوان مخاطبين فيه الرئيس العادل والإنسان لرفع الظلم عنهم.

بعض المزارعين أصيبوا بخيبة أمل وقالوا إنهم سيعزفون عن الزراعة لأنها ببساطة "معدتش جايبة همها" بحثا عن وظيفة أخرى تضمن لهم حياة كريمة في ظل ارتفاع الأسعار ورغبتهم في بناء مستقبل أفضل لأبنائهم، وهو ما يجعلني أتساءل ماذا تركت الحكومة للفلاحين حتى يتمسكوا بمهنتهم؟!.
الجريدة الرسمية