رئيس التحرير
عصام كامل

دلالة وخطورة التظاهر في يوم مؤتمر غزة !


بدأت الدراسة الجامعية السبت..وتظاهر الإخوان الأحد..ربما أرادوا السبت امتصاص حالة التأهب القصوي عند أمن الجامعة..أو ربما أرادوا لطلابهم الانخراط في الدراسة السبت وتسليم أنفسهم للجماعة للتظاهر الأحد..أو ربما أرادوا حشدا للتظاهر في اليوم نفسه الذي تستقبل فيه مصر مؤتمرا لغزة..للتشويش عليه أو لإبلاغ العالم وهو يجتمع في القاهره بأنهم لا زالوا هنا..يرفضون الخضوع للمجتمع المصري ومطالبه..وأنهم في طريق الصدام سائرون !

الآن: ما هي الرسائل في مشهد الأحد كله؟ ماذا نقرأ فيما جري ما بين الجامعات والمؤتمر ؟ نقول: ما كانت أمريكا تدفع ما يقرب من نصف مليار دولار لفلسطين إلا أن كانت مقدمة على عمل إجرامي كبير ضد العرب..! ففي كل مرة تقدم على ذبح بلد عربي إلا وتقدم على المسرح ما يوحي بأن فرصا للتسوية الشاملة تبدو في الأفق..وبعد إتمام جريمتها ينتهي الأمر..! كما أننا نلاحظ أن العالم يتعامل في المؤتمر مع فلسطين وليس مع حماس وهو ما لا يمكن أن تقبله حماس إلا بضغوط قطرية مباشرة وحاسمة.. 

فالتأثير القطري على حماس له الغلبة على النفوذ الإيراني بعد خروج مشعل من سوريا ناكرا للجميل منحازا لقطر مشتركا في اغتيال القائد الميداني الكبير أحمد الجعبري الذي طلبت قطر التخلص منه لانحيازه إلى إيران ضدها..كما أننا أيضا - ثالثا - نلاحظ تمرير إسرائيل للمؤتمر دون احتجاج واحد أو اعتراض واحد أو تصريح واحد..وهو ما يعني تنسيقا أمريكا إسرائيليا كاملا!
ولأنه - على الجانب الآخر- يستحيل أن تهاجم النيويورك تايمز مصر بالانحطاط الذي حدث في الأسبوع الماضي دون موافقة أو توجيه من الحكومة الأمريكية كما أنه لا يستقيم أن يتم تنظيم مظاهرات إخوانية في يوم واحد بهذا الانضباط - والتمويل طبعا - إلا بتعليمات من مكتب الإرشاد السري الذي يدير الجماعة وهو ما لا يتم إلا بدعم قطري تركي مباشر..

فإذا أضفنا تصريحات محامي الجزيرة السابق في قضية الماريوت والذي كشف عن حجم الأموال الضخمة التي كانت معدة لدخول البلاد لأدركنا من مجمل المشهدين ما يلي:

- المنطقة تقترب من عمل إجرامي أمريكي كبير يحتاجون فيه إلى "النصب" على الشعوب العربية من جديد وامتصاصها وغضبها من التضامن مع الضحية العربية الجديدة !

- هذا العمل الإجرامي يحتاجون فيه إلى مصر..والتعامل مع مصر يتم بالعصا والجزرة..مرة بالإغواء ومرة بالتهديد..مرة بدور كبير لمصر في غزة وليبيا أو بالموافقة على قروض من مؤسسات دولية ومدحا غربيا متتاليا لمصر ولرئيسها..أو بالتهديد من خلال الهجوم عليها في الصحف الأمريكية وبمظاهرات الإخوان..أو مرة يمدح حاكم قطر لمصر ويتصل ليهنئ رئيسها..ومرة أخرى يتركه الجزيرة تهاجم مصر ورئيسها !

- ربما كان العمل الإجرامي العدوان على سوريا أو تقسيم العراق أو كلاهما معا !

- مصر تدرك ما يجري..ولذلك تؤكد كل يوم أنها غير ذاهبة في التحالف ضد داعش أكثر من الدعم المعلوماتي..كما أنها تؤكد أمس لوزير خارجية بريطانيا من خلال وزير خارجيتنا أنه ينبغي محاربة الإرهاب كله دون استثناء وهو ما يعني أن مصر تضع العقدة في المنشار وتطالب بحرب على الإرهاب في ليبيا واليمن ودعم مصر في سيناء في وقت واحد !

- مصر ورغم إدراكها لما يتم..لا يمكنها رفض القيام بدورها الطبيعي..ولا يمكن لرئيسها الدعوة للحرب ضد إسرائيل وهو يفتتح مؤتمرا لإزالة آثار العدوان والحرب على فلسطين !

- يتبقي انتظار مصر للحظة انفجار الأوضاع والعلاقات من جديد بينها وبين حماس وبين الولايات المتحدة والغرب..فكل هؤلاء لن يقبلوا بظهور قوي إقليمية كبري في المنطقة..لن يقبلوا بدولة عصرية متقدمة هنا..لن يقبلوا بدولة قوية وحديثة هنا..وأمريكا تحديدا تجيد توظيف أدواتها..لها صحف في بلادها تحركها كيف تشاء ولها دول في المنطقة تحركها كيف تشاء ولها رجالها في مصر وهي تحركهم كيفما تشاء.. وتبقي الخلاصة:

أي تفاهم مصري أمريكي معناه انتهاء أو تقويض مشروع الانطلاق المصري الحالي نحو التنمية والتقدم..وليس أمامنا - حقيقة - إلا الصدام بالأدوات المتاحة - أو انتظاره - مع المشروع الاستعماري التركيعي الأمريكي..وربما كان ذلك معيار مصداقية السيسي ومشروعه الكبير وهو ما تزداد فيه الحاجة إلى مزيد من الدعم الشعبي حوله وله وأكثر من أي وقت مضي!
الجريدة الرسمية