رئيس التحرير
عصام كامل

خبراء الاقتصاد يختلفون حول مسح "رويترز".."الدسوقي": لم يعكس الحالة الواقعية للاقتصاد.."رزق": مصر تتجه نحو اقتصاد "السوق الحرة".."فهمي":المسح دقيق للغاية.."الشريف": مشروعات البنية الأساسية تنعش السوق

الدكتور علاء رزق،
الدكتور علاء رزق، الخبير الاقتصادى والإستراتيجي

تباينت آراء خبراء الاقتصاد حول مسح أجرته وكالة رويترز الأمريكية مؤخرًا، حول وجود انتعاش اقتصادي يشجع الشركات على التوظيف لأول مرة منذ ما يقرب من عامين، على الرغم من الضغوط التضخمية في خفض الدعم الحكومي للطاقة.


وقالت "رويترز"، إن مصر تستهدف تحقيق نمو يصل إلى 5.8% في الأعوام الثلاثة المقبلة، مع بقاء العجز حول نسبة 10% من إجمالي الناتج المحلي.

من جانبه، قال الدكتور إيهاب الدسوقي – أستاذ الاقتصاد ورئيس مركز البحوث بأكاديمية السادات– إن الاقتصاد المصري ما زال يعاني ركودًا وارتفاعا في معدلات البطالة، مضيفًا أن المسح الذي أجرته وكالة "رويترز" حول أوضاع الاقتصاد المصري، والذي أكد انتعاش الاقتصاد المصري واتساع وتيرة النشاط التجارى بشكل ملحوظ، وتوفير فرص للتوظيف لم يكن واقعيًا، مشيرًا إلى أنه لم يعكس الوضع الذي تتناوله الأرقام الرسمية.

ولفت "الدسوقي" إلى أن وصف صندوق النقد الدولي للأوضاع الاقتصادية في مصر، كان أكثر دقة، إذ وصف الاقتصاد المصري بأنه بداية مرحلة جديدة من الاستقرار والتحسن، وهو أمر متوقع خاصة مع اتجاه الدولة نحو تنفيذ مشروع تنمية قناة السويس، مشيرًا إلى أنه حتى الآن لم يترجم ذلك في صورة مؤشرات فعلية.

وأكد أستاذ الاقتصاد أن نجاح الدولة في تحقيق معدلات تنمية مرتفعة وحقيقية مرهون بقدرة الحكومة الجديدة التي ستتولى الوزارة الجديدة بعد انتخاب مجلس الشعب.

وأضاف "الدسوقي" أن تحسن الأوضاع الاقتصادية في مصر سيواجه العديد من التحديات التي تحتاج لفترة من الوقت لاستعادة المعدلات الاقتصادية التي تدهورت خلال السنوات الماضية كرد فعل طبيعي لغياب الاستقرار السياسي والاقتصادى الذي أعقب ثورة 25 يناير، لافتًا إلى أن الاستقرار الاقتصادي لا يحدث في يوم وليلة، مؤكدًا أن المؤشرات تدعو للتفاؤل.

أما الدكتور علاء رزق، الخبير الاقتصادى والإستراتيجي، فقال إن المسح الجديد الذي أجرته وكالة "رويترز"، أظهر أن النشاط التجاري في مصر اتسع بوتيرة شبة قياسية، مع الانتعاش الاقتصادى الجديد الذي شجع الشركات على توفير فرص عمل جديدة، لافتًا إلى أن نتيجة هذا المسح تتزامن مع تصريحات صندوق النقد الدولي حول اتجاه مصر نحو الاستقرار الاقتصادي، وبالتالي فإن تلك التصريحات تؤكد أن مصر تسير في الطريق السليم للإصلاح الاقتصادي وهو ما أدى إلى رفع معدلات الثقة الدولية في الاقتصاد المصري.

وأوضح "رزق" أن هذا التحسن في الأداء الاقتصادي نتيجة متوقعة لاتجاه الحكومة الحالية نحو اتخاذ الإجراءات التي تستهدف الإصلاح المالي والتشريعي، مضيفًا أن هذا الأمر يحسن مناخ الاستثمار ويجذب روؤس الأموال الجديدة للسوق المصري وللمشروعات العملاقة والتي على رأسها مشروع قناة السويس -على حد قوله..

وفي سياق متصل، أشار "رزق" إلى أن مصر تتجه نحو اقتصاد السوق الحر، موضحًا أن هذا الأمر لوحظ منذ رفع الدعم عن الطاقة، مشيرًا إلى أن مصر مشاركة في دائرة النظام الاقتصادي العالمي ومن ثم استعادة النشاط التجاري وتوسيع دائرة التوظيف ورفع مستوي معيشة الأفراد.

وحول استهداف مصر لمعدلات تنمية تقترب من الـ6% خلال السنوات القادمة، قال الخبير الاقتصادي إن الأمر ليس بهذه السهولة، مضيفًا أن الوصول لهذه النسبة يحتاج لتنمية زراعية وصناعية حقيقية، ورؤية لم تطرح حتى الآن -على حد تعبيره.

فيما حذر "رزق" من استهداف معدلات تنمية بدون تنمية صناعية وزراعية سيكون مشابهًا للأوضاع الاقتصادية في فترة حكم المخلوع، لافتًا إلى أنه كان يتم فيها تحقيق فيها معدلات نمو مرتفع دون أن يشعر الفقراء ومحدودي الدخل.

وفي هذا الصدد... قال صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن ظاهرة النمو في الطلبات الجديدة والتوظيف، التي استعرضتها وكالة "رويترز" في مسح جديد، تعكس تحسن أوضاع السوق المحلي، موضحًا أن إتاحة فرص للتوظيف لا تعني توفير فرص عمل، وأنها الخطوة التي تسبق توفير فرصة عمل حقيقية، مضيفًا أن مرحلة الإعلان عن عدد من الفرص التي تحتاج لمؤهلات معينة قد تتوفر وقد لا تتوفر.

وأضاف "فهمي" أن المسح الذي أجرته الوكالة كان دقيقا للغاية، مؤكدًا أنه وصف الوضع الحالي بالانتعاش الاقتصادي، وهو ما يعني أن النشاط الاقتصادي في مصر بدء يتعافى ويخرج تدريجيًا من حالة الركود، ولكنه لم يصل بعد إلى حالة الرواج المستهدفة بعد الانتعاش.

وذكر أستاذ الاقتصاد، أن تصريحات مسئولي الصندوق والبنك الدوليين تعكس مضي مصر بشكل فعلي في طريق الإصلاح الاقتصادي وهو ما ظهر من خلال الاتجاه لتخفيض الدعم وضريبة القيمة المضافة والإصلاحات الاقتصادية والتشريعية التي تستهدف تحسين مناخ الاستثمار، ومن ثم توفير المزيد من فرص العمل ورفع معدلات النمو الاقتصادي.

وأوضح "فهمي" أن هناك عددًا من المؤشرات الاقتصادية التي تدعو للتفاؤل وعلى رأسها ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي وارتفاع حجم السيولة المحلية، لافتا إلى أن ثقة الحكومة في تحسن الأوضاع الاقتصادية، هو الذي دفع وزارة المالية لمطالبة صندوق النقد الدولي بإجراء تقييم للاقتصاد المصري بأمل تحسين صورة البلاد قبل مؤتمر اقتصادي سيعقد في فبراير المقبل.

عن تحسن المؤشرات الاقتصادية وفقًا لمسح "رويترز"، وتصريحات صندوق النقد الدولي، قال الدكتور مختار الشريف - أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، إنه جاء انعكاسًا طبيعيًا لاهتمام الحكومة خلال الفترة الماضية بمشروعات البنية التحتية والتي بدورها وفرت فرص عمل جديدة مقابل أجور رفعت معدلات الإنفاق ومن ثم ادت لانتعاش السوق المحلي.

وأوضح "الشريف" أن سياسة التوسع الإنفاقي على مشروعات البنية الأساسية، كان سببًا مباشرًا في الإنفاق الاستهلاكي الذي بدوره أدى إلى حالة الرواج الاقتصادي الحالية، لافتًا إلى أن مصر شهدت نهضة حقيقية لم تشهدها من قبل في الطرق والكباري.

وأشار "الشريف" إلى أن مشروع حفر قناة السويس أدى أيضًا إلى توفير المزيد من فرص العمل التي أدت إلى لإحداث رواج بالأسواق وإنعاش السوق المصري المحلي، مؤكدًا أن معدلات النمو مازالت أبطأ بكثير من الوتيرة المطلوبة لتوفير ما يكفي من فرص عمل للشباب، مؤكدًا أن البلد بحاجة إلى تنشيط قطاعات اقتصادية أخرى غير قطاعات البنية التحتية؛ كقطاعات السياحة والصناعة.

وأضاف أن الحكومة نجحت في مواجهة ملف الدعم والاتجاه إلى القيمة المضافة كخطوات نحو تحقيق الإصلاح الاقتصادي، مشيرًا إلى أن التحديات لا تزال كثيرة وعلى رأسها المشكلات المتعلقة بالطاقة والمصانع المغلقة، موضحًا أن أغلب المؤشرات الاقتصادية تؤكد أن الاقتصاد المصري يسير في الطريق الصحيح.
الجريدة الرسمية