رئيس التحرير
عصام كامل

وجهة نظر إخوانية


تعودت أن أطالع تعليقات القراء على مقالي الأسبوعي الذي ينشر كل خميس في جريدة "الأهرام".. واتسعت قاعدة القراء حتى أن بعض الحالات وصلت التعليقات التي تنشر على شبكة الإنترنت إلى ما يزيد على ثلاثين تعليقًا!


وأستطيع القول إنه عبر الزمن تكوَّن منتدى فكري على الشبكة لم تقتصر فيه التعليقات - التي كانت تتضمن أحيانًا انتقادات عنيفة لأفكاري أو تعليقات لاذعة، وفي بعض الأحيان هجومًا شخصيًا - ولكن حوارات بين القراء أنفسهم يتناولون آراءهم بالنقد أو بالتأييد!

وكننت احترامًا وتقديرًا لاهتمام القراء بما أكتب، وأفتح حوارًا على صفحات الجريدة بعنوان "حوار تفاعلي" حول كذا أو كذا من القضايا الخلافية، أناقش فيها تعليقات القراء وأقبل الانتقادات التي أرى فيها صوابًا على أساس أن ما أكتبه مجرد اجتهادات باحث علمي وكاتب صحفي قد تصيب وقد تخطئ.

وقد نشرت في الأهرام في مقالي بتاريخ 25 سبتمبر 2014، موضوعًا عنوانه "الحوار بين الأجيال" لخصت فيه أسئلة وتعليقات شباب كلية الاقتصاد والعلوم السياسية على المحاضرة التي ألقيتها عليهم في الدورة التدريبية التي نظمها المركز العربي للبحوث يوم السبت "20 سبتمبر 2014".

وقد رددت على سؤال وجهه لى أحد الطلبة مؤداه: "كيف يرى العالم مصر اليوم"؟ وقلت في رأيي: إن العالم ينظر إلى مصر بصورة إيجابية بعد أن كانت بعض الدوائر الغربية تشكك في 30 يونيو باعتبارها انقلابا عسكريا وليست حركة شعبية ضخمة شارك فيها الملايين لإزاحة الحكم الإخواني الديكتاتوري الذي كاد يقضي على هوية مصر ويغرقها في أجواء من التعصب الديني المقيت.

وقد سرني وأنا أكتب هذا المقال، أن يصلني تعليق نقدي عنيف على بريدي الإلكتروني كتبه أكاديمي مرموق يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، هو الدكتور "علي فرج" وهو من قرائي المتابعين بدقة لكل ما أكتب، وغالبًا ما كان يعلق منتقدًا مقالاتي من وجهة نظر إخوانية خالصة مع أنه – كما يقرر- ليس عضوًا في الجماعة وأنا أصدقه تمامًا، وتوصيفي له أنه إخواني الهوى، بالرغم من أن الرجل لا يتردد أحيانًا من النقد لبعض سياسات الإخوان المسلمين، وخصوصًا لكونهم تعجلوا ورشحوا الدكتور "محمد مرسي" لرئاسة الجمهورية، على أساس ضرورة التزامهم بما وعدوه من عدم ترشيح مرشح إخواني.

وأنا من باب التقدير العميق للدكتور علي فرج، أعتبره صديقًا لي على البعد بالرغم من اختلافاتنا العميقة أحيانًا.

وقد جاء في رسالته: "نختلف معكم رغم احترامنا وتقديرنا لكم.. أرسل تعقيبًا عما كتبته اليوم.. نحن محزونون من الواقع وسوئه يمنعنا من التحدث بمواربة، فالأمر جلي والخطب جلل ويا ليتنا مخطئون في نظرتنا فو الله لو تحسن الحال لكنا أسعد السعداء".

وبعد هذه المقدمة، يقدم الدكتور "علي فرج" ملاحظاته النقدية على ما يعتبره زعما من جانبي يحتاج إلى إثبات في الإجابة عن سؤال كيف يرى العالم مصر اليوم؟ لأنني قلت: إن العالم ينظر لمصر بإيجابية بعد 30 يونيو، بعد أن انتهت موجة الهجوم من قبل بعض الدوائر الغربية أنها كانت انقلابًا عسكريًا.

وهو يبدأ نقده العنيف لما كتبته بالتساؤل أي إيجابية لما حدث في مصر؟

ويقول الدكتور "علي فرج" وأنا أقتبس من كلامه: "العالم لن يخدع أبدًا ببلد تقتل المعتصمين في ميادينها العامة وتسجن العلماء، والعالم لا يخدع بديمقراطية بلا أحزاب ودستور البلاد يحكم على الأحزاب تبني أساسا إسلاميا وإلا تصادمت معه.. وقلنا في بحث طويل سابق: إن مشكلة مصر ليس في الخلط المعيب بين الدين والسياسة، مشكلة مصر هي فساد الحكم وغياب رشده، والإسلاميون بعيدون عن الحكم منذ عقود!

العالم كله يعلم هذا إلا صحافتنا ومفكرونا الذين جعلوا كراهيتهم للإخوان طريقًا للرضا بعودة العسكر للحكم في صورة "السيسي"، وهم قد حكموا مصر لستة عقود وحالها هو ما يعلمه العالم جيدًا ونراه ونحسّه ونبتئس منه ونكتئب، وظننا أننا تخلصنا منهم في 25 يناير 2011 وخارطة الطريق المستقيم بحق في "19 مارس 2011".

انتهى الاقتباس من الدكتور "علي فرج" وانتهت مساحة المقال.. ولذلك سنتولى في المقال القادم التعليق عليه.
الجريدة الرسمية