رئيس التحرير
عصام كامل

مصر التي لا يعرفونها!


لو لم يتقدم السكرتير العام للأمم المتحدة «بان كي مون».. بخالص العزاء للرئيس عبد الفتاح السيسي، عن ضحايا الإرهاب من رجال الشرطة الذين استشهدوا برصاص الإرهابيين، لاعتقدنا أن الأمين العام مثل غيره من المسئولين في دول العالم - لا يعرف حقيقة ما يجري على أرض مصر من حرب حقيقية بين جموع المصريين والجماعات الإرهابية- سواء في سيناء أو في الشوارع والميادين والجامعات.

حرارة استقبال الرئيس المصري عند زيارته للأمين العام على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كادت تقنعنا أن الرجل على علم بما يجري على أرض مصر، بدليل أن الرجل أكد للرئيس مساندة المنظمة العالمية ومساندته شخصيا لمصر في مواجهة الإرهاب.

ولكن الأسئلة التي وجهها للرئيس عن أحوال المعتقلين في السجون المصرية، وما تقوم به الحكومة من تضييق على الحريات وإقصاء للمعارضين، أثبتت أن الأمين العام للأمم المتحدة لديه معلومات مغلوطة عما يجري في مصر.

رؤية الرجل التي قدمها على صورة تساؤلات، تكشف الحقيقة المرة.. أن الحرب الشرسة مع الإرهاب التي تجري على أرض مصر وسقوط مئات الشهداء وإحراق الكنائس وتخريب الجامعات، لم يصل صداها إلى المسئولين الكبار في الأمم المتحدة أو لدى رؤساء وزعماء العالم، الذين ربما اعتبروها حلقة من حلقات الصراع مع المعارضة الإسلامية، وقد بدأ سوء الفهم واضحا في اللقاءات التي أجراها الرئيس مع أكثر من أربعين من رؤساء الدول الأجنبية.

أبدى بعضهم دهشته من أن الصورة التي وصلت إليه تختلف تماما عن الحقائق التي أوضحها الرئيس. لم يزعم الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الديمقراطية التي يسعي الشعب المصري من أجل تحقيقها وقام بثورتين من أجلها.. تتحقق بالقدر الكافي، ولكن الجماعة التي تسعي لهدم الدولة المصرية لتلحق بالدول المجاورة، لا تتيح الاستقرار لمصر.

أما عن قانون التظاهر الذي يثير اعتراض عدد من منظمات حقوق الإنسان، بينما يجد كل التأييد من غالبية المصريين فما كان له أن يطبق لولا خروج الجماعة عن السلمية التي يدعونها.. وسعيها لترويع المصريين والقتل وتخريب المنشآت العامة والخاصة، علما بأن العديد من خبراء القانون يؤكدون أن القوانين التي تنظم حق التظاهر في أعرق الدول الديمقراطية، تتضمن عقوبات أقسى وأشد لمن يخرج عن السلمية.

ومنذ أكثر من عام والرئيس السيسي يحذر الدول الغربية من أن الإرهاب لن يقتصر على دولة دون سواها، ولن يقف عند حدود الدول الصغيرة، وإن مواجهته يجب أن تكون شاملة.

جاءت تحذيرات السيسي عبر قراءة نابعة من خبرات تاريخية بين المصريين والفصائل الإرهابية التي تسعي إلى هدم الدولة الوطنية من أجل إقامة خلافة إسلامية تجمع كل الدول الإسلامية في دولة واحدة.. وهو ما دفع المصريين لثورة يناير التي أزاحت الجماعة عن حكم مصر.

وللأسف لم تستمع أمريكا والدول الغربية لتحذيرات الرئيس المصري، إلا عندما كاد الخطر أن يصل إليهم.. بل وصل إليهم بالفعل، عندما قامت داعش بغزو العراق والاستيلاء على العديد من المدن العراقية.. وقتلت حلفاء الغرب من الأكراد وأقامت لهم مقابر جماعية.. وذبحت العديد من المواطنين الأمريكيين والأوربيين أمام عدسات التليفزيون في مشهد لم يحدث حتى في القرون الوسطي..وفوجئوا بأن المئات من مواطنيهم تم تجنيدهم في التنظيم الإرهابي.
هنا أدركوا صحة الموقف المصري.. وأنها مصر التي لا يعرفونها.
الجريدة الرسمية