ولماذا لم تسأل "أباك" يا بلال ؟!
لا يمل بلال فضل من التهجم بالباطل على جمال عبد الناصر وهو في طريقه للتهجم على السيسي..حتى أصبحنا في حيرة من أمرنا من عادة بلال السيئة البائسة ومعه كثيرون..فلا نعرف الآن هل هناك وجه للمقارنة بين ناصر والسيسي أم لا ؟ وهل الإشارة إلى التشابه شيء إيجابي أم سلبي ؟ ولأن بلال والذين معه لم يستقروا على رأي نستند إليه أو نتوقف عنده..
لذا لا نملك إلا الاندهاش تجاه موقف بلال نفسه..ولأننا من المؤمنين بالفكر القومي ومن المنتمين إليه..لذا لا نرى عيبًا في انتماء بلال إلى بلد عربي شقيق وأنه من أم مصرية وأب يمني ويعيش في مصر..فهذا كما نؤمن أمر طبيعي فكل الأرض العربية ملك لكل أبناء العرب ولم يضعنا في المأزق الذي نعيشه إلا التفكير القطري الذي وضع في غفلة من الزمن في مواجهة القومية العربية وتم تدعيمه حتى أصبحنا - كعرب - في أسوأ أحوالنا على الإطلاق..
لذلك أزمتنا الأساسية مع بلال وأمثاله هي المعايير التي يستندون إليها..ورغم استناد المذكور دائمًا إلى قصص مضحكة وحواديت مصاطب لا سند لها ولا دليل إلا في عقول أصحابها وأغلبهم من جرحى العهد الناصري من بين فشلة ومطاريد لأسباب نعرفها ويعرفها الكثيرون..إلا أننا سنسلم ليس بما يتهم به بلال العهد الناصري بما يتهمه به من أنه عصر القمع والتجسس على الناس والديكتاتورية..بل سنسلم بأكثر من ذلك ونضيف إليه اتهامات كل خصوم عبد الناصر..ولا نرى عرضًا أفضل من ذلك..
ورغم ذلك يبقى السؤال المهم تتلوه الأسئلة المهمة: وما الذي دفع أباك إلى النزوح إلى كل هذه المصائب يا بلال ؟ وإن كان من المنطقي أن يفر العقلاء من جحيم عبد الناصر..فلماذا جاء أبوك إليه ؟ وإن كان تورط الرجل وجاء بحكم أكل العيش..فلماذا استمر فيه؟ وإن كان أبوك لم يحسن التدبير..فلماذا إصرارك أنت على البقاء فيما وقع فيه أبوك ؟ وأنت تعلم كما نعلم كيف وبوساطة من حصلت على الجنسية؟ وكيف كنت تتصل وبمن وكم مرة في اليوم الواحد لتحصل على الجنسية ؟
ونسأل أيضًا: إن كنت أحببت بلد أمك إلى هذا الحد..وتريدها في أفضل صورة - مثلا مثلا - أليس لبلد أبيك عليك حق ؟ أليس للبلد الذي يأوي عائلتك واسمك ينتهي إلى من فيه..أليس له عليك أي حق؟ ألا تخطئ مرة واحدة حتى على سبيل الاستراحة لتكتب عنه شيئًا ؟ ألم تسمع أو تشاهد أو ترى أو تعرف بما يجري هناك ؟ ألم يبلغك أحد بما يحدث باليمن الذي كان سعيدًا ؟ ألا تحزنك مشاهد الدمار والقتل هناك ؟
والأهم: ألم يبلغك أبوك كيف أن العصر الذي تهاجمه كل يوم.. هو من حرر اليمن من أسر أسرة لم تكن تعرف حتى دورات المياه وكانت - وكنتم - تعيشون في جاهلية ما قبل الجاهلية ؟ ألم يقل لك أبوك كيف أن أتاكم نور الحرية والعلم والمدنية من القاهرة ومن العصر الذي تهاجمه ؟ ولا نعرف أي حرية تولد من الديكتاتورية وأي ديكتاتور ذلك الذي يحرر شعوبا ويدفع أبناءها طائعين مختارين للقدوم إليها والبقاء فيها راضين مطمئنين بها ساعين إلى الحصول على جنسيتها بكل الطرق الممكنة وغير الممكنة !
دي فعلا حاجة عجيبة جدا..وسبحانك يا إلهي..ولا حول ولا قوة إلا بالله !