دماء لم تجف
ستبقى ماسبيرو شاهدة وعالقة في أذهان الشرفاء المسلمين والأقباط.. ستبقى ماسبيرو شاهدة على سلمية الأقباط مهما حاولوا تغيير الحقيقة.. ستبقى ماسبيرو أبد الدهر شاهدة على دماء ذكية سُفِكت وأجساد طاهرة نقية نُحِرْت وأرواح عظيمة صعدت أمام عرش الله.
شاركت في مظاهرات ماسبيوا 1 و2 وللأسف لم تتح لي الفرصة بأن أتواجد في مصر للمشاركة في مظاهرات في ماسبيرو الثالثة، كم كنت أتمنى تواجدى في ماسبيروا 3 لنيل إكليل الشهادة مع أخوتي الشهداء الأبرار.
شهداؤنا الأبرار سفكت دماؤهم لرفضهم الظلم، اعتراضًا على هدم كنائسهم بعد سقوط ديكتاتور هادن التيارات الدينية وظلم نسيجا أصيلا من تراب الوطن وسلم ملف الأقباط أكثر من ثلاثين عاما لجهاز أمن الدولة، ليعاملوا كمجرمين !!!.
بينما يموج الشرق بلقب (استشهاديين) إلا أن المعنى الحقيقي للشهادة بعيد كل البعد فالشهادة التي يرددها العديد اليوم تُطْلق على لص قاتل ذابح ناحر مُفَخِخ لنفسه وللآخرين نسمع كل يوم في المنطقة الشرق أوسطية كلمة استشهادي فجماعات الإخوان الإرهابية تطلق على مجرميها شهداء وداعش الناحرة تطلق على موتاهم شهداء والجهاديين في منطقة سيناء أيضًا.
فحينما نسمع كلمة شهيد نصاب بحالة من الفزع كم قتل وكم نحر وكم حصد أرواح أبرياء في عمليته الاستشهادية..!! ولكن ستبقى الشهادة المسيحية شاهدة على سمو معنى الاستشهاد فشهداؤنا لم يحملوا سكينًا ولم يفخخوا أنفسهم ولم يفجروا في المارة ولم يزرعوا قنابلهم هنا وهناك، حملوا صليبهم وعلت أصواتهم (لا لهدم كنائسنا، لا لاعتبارنا مواطنين من الدرجة الثانية، لا لخطف بناتنا القصر، لا للاضطهاد) كانت أصواتهم ترعب الخونة والمتطرفين والمنحرفين، كان رفع صليبهم يهز عروش الشياطين وأتباعه، كان صوت الحق داخلهم يُفِقْد الجانى سلامة.
ما إن وصلت مظاهرات الأقباط مع إخوانهم المسلمين إلى ماسبيرو فانطلق الرصاص الحي من فوق كوبري 6 أكتوبر بطلقات لتحصد أرواح الشهداء.. وانطلقت المدرعات تدهس أجساد قديسينا وإعلام مضلل يعكس الحقائق ليحول المجنى عليهم كجناة وكلمات مذيعة تنطلق كرهاية وحقد بهدف شحن أبناء الوطن ضد الأقباط للقضاء على المتظاهرين السلميين.
ارتوت أرض ماسبيرو بدماء مينا دانيال الذي نجا من ظلم مبارك ليسقط برصاص جيش الوطن، ودهست الدبابات أجساد قديسينا فدهست مايكل مجدي لتخطفه من عروسه وعرسه، ويسقط العديد من الأقباط بين رحى ظلم الوطن والتيارات الدينية.
إن دماء شهدائنا لن تجف طالما لم تظهر الحقيقة كاملة وستبقى دماء شهدائنا شاهدة على الظلم والتطرف والتعصب الأعمى وانعدام الإنسانية، ومازال يسقط في ربوع الوطن دماء شهداء مصريين الفارق الوحيد أن دماء شهداء الوطن نعرف من هو قاتلهم… وأما دماء شهداء الأقباط فالجاني دائمًا مجهول الهوية.
تُرى هل سيتم التحقيق؟ هل سيتم مكاشفة ومصارحة؟ أم سيظل يعاني الأقباط ويُعاملون بسياسة الإنكار والاستهتار؟
إنها رسالة سنذكرها ما حيينا إن دماء شهدائنا لن تجف ما لم يقدم الجاني للعدالة ويتم القصاص لدماء الشهداء..إنها صرخة بصوت عاليا لأم مكلومة وأبناء يتموا: من قتل ذويهم ؟