الصدق.. شمس غابت عن بلادنا
غربت شمس الصدق في مصر منذ سنوات، ولا ندرى مستوى الظلام الأخلاقي الذي وصلنا إليه إلا إذا سافرنا ورجعنا من السفر.. إنها قيمة تهالكت بحق ولم يعد منها إلا الإطار الخارجي القديم وبعض ألوان باهتة.
ولأننا تعودنا على الصدق، وأصبح جزءا لصيقا بنا، ومع أن هذا شيء محمود في الظاهر، إلا أنه في الباطن سبب عذاب وصراع بين قبول الواقع المرفوض وبين ما يفترض أن يكون عليه الواقع ذاته، والنتيجة عزلة وتفاقم للأزمات إلى الدرجة التي يفقد فيها الإنسان ثقته في الجميع دون استثناء.
للأسف الصورة حقيقية نقر بها دون تضليل أو زيادة أو نقصان.. وصلنا إليها بعد عقود من السكوت على تجاوزات أخلاقية في المجتمع قادها أولا بعض منتجي الأفلام وفرح الناس بها بل ودفعوا من أجل مشاهدتها الكثير من المال والوقت ليكرروا ما شاهدوه في منازلهم.
واستجابة للواقع يقوم الأهالي الآن بتعليم الأطفال كيف يكون الكذاب والفهلوي والبلطجي الذي يرونه في التليفزيون وحتى أصبحت الرقصات المعاصرة هي رقصات تستخدم فيها السكاكين والمطاوي كما يرون أبطال الأفلام المشاهير وكل شيء قابل للبيع والشراء، حتى ولو كانت بعض الذمم، هذا ما جناه المنتجون على المجتمع وبإرادة المجتمع للأسف، فطالما كان هناك من يرتاد الأفلام الساقطة فلم لا يكون هناك منتجون ساقطون؟!.
حينا فحينا نقترب من الخطر حتى تعودّنا عليها وتغيرنا بالتبعية رويدا رويدا دون أن ندرى، والذين رفضوا الاستجابة لها لفظتهم حتى أصبحوا غرباء في معزل عن الناس.. أصبحت الدعوة التي يدعو بها الناس وهم يخرجون من منازلهم صباحا "اللهم اكفنا شر الناس" و"أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"، كمن يستعيذ بالله من الشيطان تمامًا.
لذا يجب مواجهة تلك الأفعال..كل يبدأ بمن يعرف يحاول بكل جهد أن يدفعهم إلى تحري الصدق والعدل والأمانة بدلا من تعليمهم فنون الكذب وحتى إن كان ذلك بدافع تطبيعهم مع المجتمع، ولا تنسوا أن كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته وإذا ضاع الصدق ضاعت الأمانة وحينها.. فلننتظر الساعة.
ليت لدي عصا سحرية تمر على خريطة مصر ترجع لغالبية شعبنا صدقه وأمانته الغائبة.