رئيس التحرير
عصام كامل

وجه أمريكا القبيح


أحببت دائمًا الاستماع إلى الأحاديث السياسية التي كانت تدور في منزلنا بين الكبار من العائلة.. لم أكن تعديت سن المراهقة ورغم ذلك كنت أقحم نفسي في مجالس الكبار حتى أستمتع بما يدور بينهم حول السياسة.


عندما عادت شقيقتي من الولايات المتحدة تحمل شهادة الدكتوراه من إحدى جامعاتها، كان الحديث عن أمريكا وسياستها ذا شجون بالنسبة لحداثة سني.. عجبت أشد العجب عندما وجدت حديث شقيقتي عن أمريكا لا يتفق إطلاقًا مع الصورة الوردية التي كانت في مخيلتي أنها جنة الله في أرضه.. تصورت وقتها أنها بلد الحرية والديمقراطية والعدل.

بدأت تدريجيًا أكتشف وجه أمريكا القبيح كما وصفته شقيقتي، وكما اكتشفه الكثيرون ممن كانوا في مثل سذاجتي.. اكتشفت أنها أسقطت كلمة العدالة من قاموسها ومبادئها، والدليل انحيازها السافر لإسرائيل والفيتو الجاهز دوما لإخراس أي صوت يبدي الاعتراض أو حتى التذمر من قرارات قد تدين ربيبتها في أي من المحافل أو المحاكم الدولية.

عندما خطب الرئيس الأسود أوباما في جامعة القاهرة، استبشر السُّذَّج أمثالي خيرًا بأن القضية الفلسطينية ستحل على يديه الكريمتين.

والديمقراطية عند الأمريكان يتغير مفهومها حسب "التساهيل"، فهي تستخدم عند الحاجة، أي أنها تحت الطلب.. قد تكون من باب التهديد، وقد تكون من باب النية لشلح أحد الحكام ممن لا يروقون لها ولا يسير في ركابها، وقد يكون لأنها الأم والأب لكل دول العالم.

أما الإرهاب الذي تُوصِم به المسلمين والعرب فهي ملكته المتوجة والحاضنة له منذ دعم وتسليح بن لادن وقاعدته حتى يكتمل الدور المرسوم، ثم تغتال الزعيم وتحارب الفريق.. هي الداعمة الكبرى لداعش، الابنة البكر لتنظيم القاعدة، حتى خرجته عن خلفها وبدأت في قطع رقاب أولاد العم سام، فحان وقت أديبها وإيقافها عند الحد الذي لا يجب أن تتعداه.

إشمعنى داعش؟ أين كانت أمريكا وحلفاؤها الأوربيون من باقي فرق الإرهاب الذين لا زالوا يرتعون في سيناء وكل محافظات مصر.. لن تنسى وقوفها بجانب مرسي وعصابته واستمرار مؤامرة تفكيك الدول العربية وتسريح جيوشها والاستيلاء على ثرواتها وتشغيل مصانع السلاح والحرب لديها.

ولا زال هناك بعض الحكومات العربية في مثل سذاجتي وقت تخيلت أمريكا بلد الأحلام، ولا زال بعض الحكام يتمنون رضاها ويتصورون أن باراك أوباما مسلم واسمه بركة.
الجريدة الرسمية