رئيس التحرير
عصام كامل

انقل السكان واقلب "عاليها واطيها"


تمنيت أن تكون التهنئة للقوات المسلحة بذكرى انتصار أكتوبر خالصة، لكن ما يحدث في مصر جعلها منقوصة وترك في القلب غصة وفي العين دمعة!!.

قبل 41 عامًا، خاض الجيش المصري معركة "العزة والكرامة"، وأذهل العالم بحرب مباغتة سيطر خلالها برًا وبحرًا وجوًا، وشل قدرات الجيش الإسرائيلي ودمر دفاعاته في 6 ساعات، وبعد أن منّ الله على مصر بالنصر، أصبحت حرب 6 أكتوبر الأهم عسكريًا في القرن العشرين، لما لها من تأثير ونتائج على التخطيط العسكري العالمي، فما تبناه قائد "الحرب والسلام" الرئيس محمد أنور السادات، من فكر وخطط نفذها الجيش المصري ببراعة وقدرات فذة، حطمت أسطورة "الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر"، وغيرت معها تكتيكات وفنون الحرب من حيث الخداع والمناورة واعتماد أساليب عسكرية غير تقليدية وحاسمة على الأرض.

أنهك جيشنا في السنوات الثلاث الماضية أثناء مواجهة مؤامرة كونية تستهدف تقسيم مصر، وانشغلت القوات المسلحة في التصدي لفوضى متعمدة تهدم ركائز الدولة.. لكن عندما تولى الرئيس السيسي أمر وزارة الدفاع عام 2012، عمل على رفع كفاءة كل ما يمت إلى القوات المسلحة بصلة.. وأنهى حكم جماعة الإخوان الإرهابية بمعجزة، ثم بدأ حربًا مفتوحة على الإرهاب، حيث تكشف التقارير يوميًا عن مقتل مجموعة إرهابيين أو تفجير مستودعات أسلحة، مع تدمير المئات من أنفاق التهريب العائدة إلى "حماس"، ومع هذا استمر الإرهاب متحديًا الدولة !!

توقعنا جميعا تطهير سيناء ومصر كلها من الإرهاب في وقت أقصر بكثير مما يحدث، أو مثلما قال أحد قادة الجيش "إن إعلان سيناء خالية من الإرهاب سيحدث خلال أسابيع".. لكن زادت المواجهة على العام، ومازالت الجماعات الإرهابية تنفذ عملياتها وقتما وكيفما أرادت لتثبت علو كعبها على الدولة بجميع مؤسساتها!!.

احتفلت مصر بنجاح الرئيس السيسي في الأمم المتحدة وتسابق قيادات العالم على لقائه وأولهم باراك أوباما، وفور عودته دشن الاحتفالات الوطنية بذكرى انتصار أكتوبر وتحرير التراب المصري كاملا، بالتزامن مع عيد الأضحى المبارك، لكن أبت قوى الظلام الإرهابية أن تكتمل فرحة الشعب، معلنة عن أن أيام العيد ستكون سوداء ومخضبة بالدماء!!.

مضت مؤسسات الدولة في احتفالاتها وسط فرحة وسعادة الشعب بالعيدين، وفي الوقت نفسه فجر أنصار "الإخوان" مجموعة قنابل في مدن متفرقة، ونفذت جماعة "أنصار بيت المقدس" تهديدها في سيناء بذبح 3 مواطنين وقتل رابع بالرصاص وتدمير منزل مواطن خامس بتهمة التخابر مع إسرائيل والجيش المصري، فضلا عن العثور على 4 جثث مفصولة الرأس !!

واستعرضت "بيت المقدس" الإرهابية قوتها بفيديو يعرض أكمنة تابعة لعناصرها على الطرق، يفحصون المركبات والهويات ويفتشون المواطنين إثباتًا لسيطرتهم على الأرض في سيناء، كما أن تبنيهم أسلوب "داعش" في ذبح المواطنين، دلالة على قرب التحالف مع التنظيم الإرهابي في العراق والشام ومبايعة أميرهم البغدادي.

ويبقى السؤال، لماذا يصبر جيشنا، وهو الأقوى عربيًا وأحد أفضل جيوش العالم كله، على الوضع المأساوي في سيناء وعلى الحدود؟!.. قد يبرر البعض بأن طبيعة سيناء الصحراوية الوعرة، وعقيدة الجيش في الحفاظ على عناصره وأرواح المواطنين تحد من عملياته وتجعله حذرا في حربه مع الإرهاب.. لكن هذا التبرير مردود عليه بأن الإرهاب لا يرحم ويحصد أرواح الجنود والمواطنين على حد سواء، وكلما طال أمد المواجهة مع التكفيريين، زادت شهوتهم وبسطوا نفوذهم..

وعليه لماذا لا يحول الجيش "سيناء" إلى مسرح عمليات مكشوف ليواجه المجرمين دون حذر أو رحمة، خصوصا أن قاطني "سيناء" ليسوا بكثافة بقية المدن، وبإمكان الجيش نقلهم إلى مساكن مؤقتة في محافظات قريبة، ثم يقلب سيناء "عاليها واطيها" على الإرهابيين ويفجر الحدود المصرية كاملة مع "غزة" لتدمير ما تبقى من أنفاق السرقة والتهريب. وبعد تطهير سيناء من الإرهاب، لن يستغرق بناء منازل السيناوية وقتا طويلا، ليعودوا إليها وتنعم مصر كلها بالأمن والأمان.
الجريدة الرسمية