رئيس التحرير
عصام كامل

اللعب مع أردوغان !


لم نقرأ كتاب "الأمير" الشهير لميكافيللي فقط.. إنما اختبرنا فيه حيث كان منهجًا دراسيًا مقررًا..لذا نتذكره على الفور كل حين.. وأهم ما في الكتاب الخطير الرائع (بالمناسبة الكتاب مقتبس تقريبًا بالكامل من كتاب نصيحة الملوك لأبو الحسن الماوردي ولم يحظَ بشهرة الأمير) أنه يتحدث عن نصائحه للحكام..حتى إنهم قالوا لا يوجد حاكم على وجه الأرض لم يقرأ الكتاب وخصوصا الحكام العرب ! ومن بين نصائحه البحث عند الأزمات الداخلية على خطر خارجي حتى لو كان وهميًا..لكن هذا الخطر من شأنه أن يوحد الناس حول الحاكم ويجعلهم يؤجلون مشاكلهم الداخلية حتى ولو مؤقتًا !!


أردوغان يطبق الكتاب حرفيا..يشغل شعبه بقضية الأكراد وخطرها المحدق..فإن هدأ الأمر شغلهم - شكليًا ومسرحيا - بالأزمة مع إسرائيل من أجل حماس..فإن هدأت شغلهم بالأزمة مع سوريا..فإن هدأت شغلهم بالأزمة مع مصر!

مصر فيما يبدو تدرك الأمر..ولم تدخل في صراعات حتى لو كانت لفظية..والآن تتفجر الصراعات داخل تركيا..والمطلوب الآن وقبل أن تهدأ كسابقتها أن تلعب مصر دورًا في الأزمة المشتعلة هناك..على مصر فورا إدانة ما يجري..ومطالبة مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ببحث الأمر..بل والدعوة لمناقشة حقوق الأكراد هناك في كل المحافل والمؤسسات الدولية..وربط ما يجري ولو بالتصريحات بمذابح الأرمن..أما شعبيًا فعلى المصريين دعم الأتراك بكل الطرق..بالتظاهر..بالفيس بوك..برامج بالتركية توجهها القنوات الخاصة ولو نصف ساعة لكل قناة منهم أسبوعيا..وكافة الطرق الأخرى..

إن تم ذلك فلا يعني استمرار اشتعال الأزمة هناك فحسب..ورغم أن ذلك هدف في ذاته، فإنه يحقق أهدافًا أكبر وأهم ليس فقط مزيدًا من التفاف المصريين حول معركة، وإنما إفشال المخطط التركي بالتدخل عسكريا في سوريا.. وكذلك كسر أحد أضلاع المؤامرة على الأمة العربية متمثلا في تركيا أردوغان..بل والمؤامرة على مصر تحديدا..وبصراحة شديدة: مصر تلتزم بالقيم والأخلاقيات الدولية أكثر مما ينبغي..وأكثر مما يحتمل العالم..ونحتاج في سياساتنا إلى بعض من الشر..نعم..بعض من الشر..وهكذا العالم الآن!!
الجريدة الرسمية