خبراء الاقتصاد: رفع الدعم لا يكفي للحصول على قرض صندوق النقد الدولي.. جودة: الصندوق يطالب بخصخصة قطاع الأعمال العام.. الجندي: المساعدات العربية تغني مصر عن طلب القروض
أشادت رئيس صندوق النقد الدولي، كريستين لاجارد بجهود مصر في الآونة الأخيرة وبذل البلاد مزيدا من جهود الإصلاح، وخفض دعم الطاقة، وأكدت أنها بداية جديدة نحو تحجيم العجز في الميزانية.
وأضافت أن صندوق النقد الدولي يعيد تقييم منح مصر القرض الذي طال انتظاره، قال الدكتور صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية: " إن رفع الدعم عن المواد البترولية ليس كافيا بالنسبة لصندوق النقد الدولي، كي يوافق على منح مصر القرض البالغ 4.8 مليارات دولار"، موضحا أن الصندوق يعتبر هذه الخطوة ليست كافية وانها مجرد خطوة نحو رفع الدعم بشكل كامل عن السلع والخدمات.
وحذر من استكمال الخطوات التنفيذية التي يشترطها الصندوق لاستكمال الإجراءات الخاصة بمنح مصر القرض، مشيرا إلى أن رفع الدعم بشكل كامل هو بمثابة القنبلة التي ستنفجر في وجه الدوله حال تطبيقه في ظل الأوضاع المعيشية السيئة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
وأوضح جودة أن خصخصة قطاع الأعمال العام أيضا أحد شروط اعطاء مصر قرض الصندوق، وهو أيضا شرط لا يمكن أن تقدم عليه الدولة في الوقت الحالي.
وأضاف مدير مركز الدراسات الاقتصادية بالقاهرة،أن مصر ليست في حاجة لقرض صندوق النقد الدولي وهي في نفس الوقت في غنى عن الدخول في مثل هذه المعارك لارضاء الصندوق،خاصة أن مبلغ الصندوق متدن للغاية، مشيرا إلى أنه تم خلال اسبوعين تجميع المبلغ الذي احتاجه مشروع حفر قناة السويس الجديد والبالغ 60 مليار جنيه.
وقال الدكتور صلاح الجندي أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة: "إن علاقة مصر بصندوق النقد الدولي ما زالت مستمرة، ولم تنقطع في أي فترة من الفترات السابقة، وبالتالي فان الحصول على قرض الصندوق البالغ 4.8 مليارات دولار هو أمر متوقع سواء استغرق ذلك وقتا قصيرا أو طويلا"،لافتا إلى أن جميع المؤشرات تؤكد ترحيب الصندوق بخطوات الإصلاح الاقتصادي في مصر.
وأوضح أن رفع الدعم بشكل كامل هو الشرط الوحيد الذي يفرضه الصندوق مقابل اعطاء القرض، والسبب وراء تاخر حصولنا عليه حتى الآن هو اننا نرفع الدعم بشكل تدريجي ومن ثم فان الصندوق ينتظر إنهاء هذا الملف ورفع الدعم بشكل كامل على السلع والخدمات المدعمة، وهو أمر ينبغي الاستجابة له لما له من مردود إيجابي على الاقتصاد المصري.
وطالب الجندي بضرورة التفاوض مع الصندوق حول إمكانية عدم رفع الدعم عن السلع الأساسية والغذائية، نظرا لارتفاع نسبة الفقر في مصر لما يزيد على 40%، بالإضافة لارتفاع معدلات البطالة، خاصة أن اغلب السلع الغذائية مستوردة وترتفع أسعارها من وقت لاخر.
وأضاف الجندي أن الحوار مع الصندوق مستمر ومبشر، والدليل هو وفاء مسئولي الصندوق بإرسال بعثات لمصر في مواعيد محدد وبشكل دوري، واستمراره في تقديم الدعم الفني والمشورة لمصر، وترحيبه بالخطوات التي اتخذتها مصر بشأن الدعم كلها مؤشرات إيجابية تؤكد العلاقات الطيبة مع الصندوق، لافتا إلى ضرورة أن تحسم الدولة خلال الفترة القادمة ملف مستحقي الدعم.
المساعدات العربية
وأشار إلى أن المساعدات العربية بعد 30 يونيو كانت سببا رئيسيا في عدم حاجة مصر لقرض الصندوق في الفترة الماضية.
وقال الدكتور صلاح الدين فهمي أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر: " إن صندوق النقد الدولي اشاد في الفترات الأخيرة بانتهاج الدولة لسياسات واضحة وجادة نحو الإصلاح الاقتصادي، خاصة رفع الدعم عن المواد البترولية، واتجاه الدولة نحو رفع الدعم بشكل كامل خلال السنوات القادمة، خاصة ان ملف الدعم كان يشكل عقبة كبيرة امام الاقتصاد المصري".
وأوضح فهمى أنه على الرغم من تنفيذ مصر لشرط من أهم شروط الحصول على قرض صندوق النقد الدولي البالغ 4.8 مليارات دولار، إلا أن الصندوق يعتبر هذه الخطوة مجرد مرحلة أولية من الإصلاح الاقتصادي، وبالتالي فهو ينتظر أن تعود الحركة للاقتصاد المصري من جديد، وهو الأمر الذي سيتحقق مع البدء في تنفيذ مشروعات محور قناة السويس.
وأضاف أن الحصول على قرض الصندوق ونجاح مصر في التفاوض معه، خطوة هامة لتحسين أوضاع الاقتصاد المصري، اذ انه بمثابة شهادة عالمية تصل لجميع الدول الاخرى بان الاقتصاد المصري بدأ التعافي، ومن ثم تشجيع المستثمرين على الاستثمار وضخ الأموال في السوق المصرية، كما يشجع الدول الصديقة على تقديم المنح والمساعدات لمصر.
وكشف الدكتور فخري الفقي مستشار صندوق النقد الدولي سابقًا، أن هناك بعثة من صندوق النقد الدولي ستزور مصر في شهر ديسمبر المقبل، لمراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي،قبل انعقاد مؤتمر القمة الاقتصادية في فبراير القادم، والذي سيحضره عدد من مؤسسات التمويل الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي،مؤكدا ان الصندوق ما زال يستأنف التقييمات الاقتصادية الدورية لمصر.
وأشار فخري إلى أن خفض دعم الطاقة خطوة جريئة نحو الإصلاح الاقتصادي، وتمهيد لمزيد من الإجراءات التي تستهدف الإصلاحات المالية والاقتصادية، ومن ثم الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، والذي يعتبر خطوة نحو استعادة ثقة المستثمرين.