رئيس التحرير
عصام كامل

«عبدالجواد سعد» صاحب «النياشين» الخمسة.. جندي «الصاعقة المصرية» الذي بكى عليه «جمال عبدالناصر».. «البطل» الذي شارك في الحرب بدون ساقيه وبيد واحدة وعين

المقاتل البطل عبدالجواد
المقاتل البطل عبدالجواد محمد سعد

يروي البطل عبدالجواد محمد سعد القادم من "أبوصوير" بالإسماعيلية قصة اختياره لسلاح الصاعقة، ومشاركته في حرب الاستنزاف.

النياشين الخمسة


يقول "عم عبدالجواد" كما يطلق عليه الجميع: "كان تجنيدي قبل حرب يونيه 67 بعدة أشهر وعندما طلبوا منا الانسحاب مشينا عشرة أيام علي الأقدام ولم نأخذ راحة بل بدأنا فوراً في حرب الاستنزاف منذ 1 يوليو عندما حاول الإسرائيليون الدخول واحتلال مساحات واسعة من أرض سيناء وكنا مجموعة صاعقة قمنا بزراعة الألغام في طريقهم عند رأس العش وعندما تقدموا محاولين أن يحتلوا بورفؤاد استطعنا أن نردعهم وظللت في بورفؤاد المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تحتلها إسرائيل طوال فترة الحرب وبعدها شاركت في معظم عمليات عبور الصاعقة حيث نجحت في تدمير (16) دبابة و(11) مدرعة خلال حرب الاستنزاف حتي جاء يوم 1969/7/20 حيث رصدني أحد الطيارين وتتبعني واعتبرني هدفاً وضربني بالرشاشات فلم يفلح في إصابتي لأني أخذت أهرب منه بل وأرد عليه بسلاحي الآلي إلي أن ضربني بصاروخ كان سبباً في منحي خمسة نياشين في الميدان حيث تم بتر ساقي اليمني وبتر الساق اليسري وبتر الساعد الأيمن وفقد العين اليمني وجرح غائر في الظهر".


قتل نفسه

ويكمل عبد الجواد: "الحادث تم شرق (النينة) في القطاع الشمالي بسيناء.ـ وعندما انتظرت زملائي دقيقتين ولم يحضروا قررت أن أقتل نفسي بالسلاح حتي لا يتم أسري فقد شعرت بأني مسئول عن أمن مصر فنطقت الشهادتين وضربت السلاح ولم يضرب علي الرغم من أن به 30 طلقة لكن الرمال أصابته بتعطل لأعيش حتي الحرب والنصر".

رحلة العلاج

ويستكمل: "عندما وصل إلي زملائي ذهبوا بي إلي الوحدة فقرر الطبيب أنني أحتاج فورا أن انقل لبورسعيد لخطورة النزيف الشديد من كل أجزاء جسمي وتبعد بورسعيد عن موقعنا 25 كم و لم يستطيعوا استخدام مدرعة لأن النقيب سمير يوسف الذي يرأس الوحدة (الذي أصبح بعد ذلك محافظا لأسوان) قال لهم سوف يتعرض من فيها للموت فورا لأنها ستصبح هدفا سهلا للعدو فقرر اثنان من زملائي هما صابر محمد عوض وابراهيم عبدالفتاح عمران حملي علي نقالة وسرنا 25كم علي شريط السكة الحديد وتعرضنا لإطلاق النار من العدو عدة مرات حتي وصلنا بورسعيد، وهناك دخلت غرفة العمليات فورا ثم تم نقلي الي مستشفي دمياط العام وفوجئت بزيارة من المحافظ وكانت حالتي خطيرة جدا ورغم ذلك متمسك جدا بالحياة، وبعدها تم نقلي إلي المنصورة ثم القاهرة في مستشفي الحلمية التي استقبلني مديرها لواء طبيب بنفسه وقال لي أنت بطل وكلنا في خدمتك".

لقاء عبدالناصر

ويتابع عبد الجواد: "بعدها بأيام فوجئت بزيارة للرئيس جمال عبد الناصر ومعه الفريق محمد فوزي وطلب مني أن أحكي عن عمليات الصاعقة فهي تشبه حرب العصابات مليئة بالإنجازات والمواقف لأنها تعتمد علي السرعة والدقة ويحسب الوقت فيها بالثانية ورويت للرئيس عن آخر عملية أصبت فيها وكانت لتدمير منطقة ذخيرة للعدو فقال لي "مصر بتحبك يا عبدالجواد فقلت له من هنا علي الميدان يا ريس".

شهر إجازة

واستكمل البطل: "فأخذ ينظر الرئيس إلي وساقي ويدي اليمني مقطوعين وعيني اليمني مفقودة ودمعت عينه بالدموع وقال يا فوزي بهذه الروح ستنتصر، وكانت هذه الزيارة سببا في ارتفاع روحي المعنوية حتي طابت كل جروحي بعد 37 يوما فقط وبعدها تم نقلي إلي مستشفي العجوزة لتركيب أطراف صناعية وهناك قابلت عبقريا اسمه الحاج أحمد أنور مدني في مسكن القوات المسلحة وقال لي فورا رجلك شكلها جميل وستلعب بها كرة القدم بعد ذلك وبالفعل بعد عشرة أيام فقط عملت بروفة وكانت رجلي الجديدة جاهزة والغريب لم أشعر بأي ألم ووقفت وكنت أرغب بشدة في العودة إلي ميدان المعركة ولم يكن ذلك إحساسا عاطفيا لحظيا فقد وعدت الرئيس بالعودة رغم أنني وجدت في المستشفي خطابا بشهر إجازة".

شارك بالحرب

ويكمل عبد الجواد: "لكني أخذت الخطاب وتوجهت إلي وحدتي في القنطرة غرب بدون تردد وعندما وجدني زملائي بجوارهم لم يصدقوا أنفسهم أني حي وأسير علي قدمي وظللت معهم لمدة سنة حتي جاء يوم أعتبره أسوأ أيام حياتي في عام 1971 حيث تم رفتي لكنني رفضت وذهبت إلي قائد وحدتي نقيب سمير يوسف وقلت له أقسم بالله أنني لن أمشي إلا وسيناء محررة أو شهيد في سبيل الوطن فأدمعت عيناه حتي جاءت لحظة الحرب فكنت الجندي الوحيد علي مستوي مصر والعالم أجمع الذي يشارك في حرب بساقين مقطوعين وبيد واحدة وعين واحدة، وهو ما كان سببا في أن يكرمني الرئيس مبارك في اليوبيل الفضي لانتصار أكتوبر كممثل لـ100ألف جندي شاركوا في الحرب المجيدة".
الجريدة الرسمية