قصة أغرب عدّاد كهرباء
«هي شابة مصرية لم تطرق أبواب الوظيفة الميري، وآثرت أن تعزف خارج السرب الحكومي.. ربما ساعدتها ظروفها المعيشية لكي تصبح سيدة أعمال.. تحب الأطفال وعالمهم.. فضلت التخصص.. اشترت قطعة أرض بالقاهرة الجديدة، وأنشأت عليها سوقا تجارية للعب الأطفال.. عانت كثيرا حتى تحقق حلمها.. بعد سنوات من العمل الدءوب رأت الحلم يتحول إلى حقيقة واقعة».
هي الآن بصدد افتتاح مشروعها الذي داعب أحلامها.. توجهت إلى جهاز مدينة القاهرة الجديدة لتغيير عداد الكهرباء من «إنشائى» إلى «عداد دائم».. قد تبدو القصة بسيطة ولكنها مثل آلاف القصص التي تلقى بأحجار في طريق كل مستثمر مهما كان مشروعه صغيرا أو كبيرا.
عرفت معني الطوابير.. ألقوا بأوراقها وحلمها على وزارة الكهرباء.. ذهبت إلى وزارة الكهرباء فأعادوها إلى جهاز المدينة، ومن جهاز المدينة إلى وزارة الكهرباء.. الجهاز يقول إنها التزمت شروط الترخيص، والكهرباء تقول إن الأمر ليس بيدها.. إذ أنها لم تتسلم بعد الخط الرئيسى من المدينة.
في جهاز المدينة قالوا لها إنها ملتزمة، وأن ترخيصها سليم «مائة في المائة»، وأن الذنب ليس ذنبها.. ظلت تبحث عن الذنب في كل زاوية قالوا لها عنها فلم تجده.. أخيرا رقّ قلب موظف من الجهاز وأطلعها على السر الدفين.. والسر هو أن أحد المستثمرين الكبار قطع كابل الكهرباء الرئيسى أثناء إنشاء مشروعه وقام الجهاز بدوره على أكمل وجه.. بتحرير مخالفة مالية كبيرة ضد المستثمر.
سألت الشابة: وماذا يجب أن أفعل؟.. أجابوها بكل شفافية بعد ثورتين ضد العتمة.. الحل أن يدفع المستثمر الغرامة ومنها يستطيع الجهاز وضع كابل جديد.. ذهبت إلى الكهرباء وطالبتهم بتركيب عداد دائم خاصة وأن التيار يصل إلى مشروعها.. قالوا لها: لا يجوز تركيب عداد دائم على كابل استثنائى.. عادت إلى المدينة تطالبهم بسرعة تركيب الكابل الدائم حتى تستطيع تركيب العداد الدائم خاصة وأنها جاهزة لافتتاح مشروعها.. أجابوها بنفس منطق الموظف العتيق المتعارف عليه إعلاميا «فوت علينا بكرة»!!
«فوتت بكرة وبعد بكرة.. ومضي على انتظارها أكثر من مائة بكرة، وبكرة للأسف الشديد لم ينعم عليها بالعودة من رحلته الطويلة»..
سألتُ الشابة: ولماذا لا تفتحين مشروعك بالعداد الاستثنائى؟.. قالت الحساب على العداد الاستثنائى مضاعف القيمة وحقى في عداد دائم طالما كنت ملتزمة بالاشتراطات التي وضعها جهاز المدينة.. عادت الشابة تطرق أبواب جهاز المدينة خاصة بعد أن جندت كل أسرتها وأصدقاءها ومعارفها للبحث عن واسطة حتى تصل إلى العداد الدائم دون جدوى.
ومن الجهاز للكهرباء ومن الكهرباء للجهاز، تفقد الشابة جزءا من عمرها ومن عمر أصحابها وأهلها بحثا عن السيد المستثمر الذي قطع الكابل الرئيسى.. ولا يزال الملف مفتوحا.. ملف عداد كهرباء دائم..
قد تبدو القصة بسيطة ولكنها مثل آلاف القصص السخيفة التي يفقد فيها الإنسان نصف عمره بحثا عن عداد، وقد يتحول العداد إلى أمنية أكبر بكثير من حلم المواطن، وقد ينتهي به العمر دون عداد وساعتها قد لا يجد إجابة عندما يسأله الملكان عن عمره فيما أفنااااااااه ؟!!!