رئيس التحرير
عصام كامل

«المدفونون في الحياة».. سكان المقابر الأكثر تعاسة بين الطبقات.. الآباء يحلمون بـ«اللقمة» وتعليم أفضل للأبناء.. الأطفال والنساء يختبئون مع غروب الشمس.. واستشاري طب نفسي: أصبح لديهم

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

يعيشون حياة لا تمت للآدمية بأي صلة، يزداد عددهم يوما بعد يوم، وتزداد كذلك مشاكلهم، يمثلون أكثر من 6 ملايين نسمة من سكان مصر، بحسب آخر إحصاء للأمم المتحدة، إنهم سكان المقابر أو "المدفونون في الحياة"، إذا أردنا التعبير الصحيح، فهم من الفئات الأكثر تعاسة على أرض المحروسة، وتزداد أعدادهم لأنهم الأعلى إنجابًا، حيث ترتفع معدلات الخصوبة والإنجاب لـ6 أو 7 أفراد للأسرة، طبقًا لدراسة أجراها فريق من جامعتي القاهرة والأزهر.


"الاختباء في الليل"
يقول عادل حسن، يعمل سائق تاكسي، أحد سكان المقابر: "الحياة في المقابر لها طابع خاص، فبعد غروب الشمس تختبئ السيدات والبنات داخل الأحواش، خوفًا من متعاطي المخدرات والمنحرفين، الذين يتخذون المقابر ملجأ لهم في الليل، أما الحرامية فيطرقون أبوابنا لإثارة الرعب بداخلنا، ففي كل مرة نفتح فيها الباب لا نجد سوى الظلام، ونتظاهر بالسعادة لأننا في أطهر مكان بالأرض".

وأضاف حسن: "إن عمله كسائق لم يساعده في الحصول على سكن آخر مثل باقي البشر، واكتفى بأن يقطن في المقابر، ولا يتمنى سوى "لقمة نضيفة، وتعليم كويس لأولاده"، على حسب قوله.

"ضيق الحال"
وتحدث عوض الجمال بأنه يسكن داخل المقابر منذ 32 سنة، وورث الحوش من أبيه المدفون بجواره، ويعمل عوض نجار مسلح، ومعه من الأطفال ثلاثه أكبرهم في المرحلة الثانوية صنايع والأصغر في المرحلة الابتدائية".

وأشار الجمال إلى أنه ورغم ضيق الحال وعدم سكنه في مسكن مناسب مثله مثل الأشخاص العاديين، صمم على تعليم أولاده تعليما جيدًا حتى يستطيعوا أن يبنوا مستقبلهم، ولكن المشكلة التي يواجهونها ليست الأموات، ولكنها في تجار المخدرات والمدمنين الذين يأتون في الليل لشرب المخدرات.

وأضاف: "أننا أبلغنا الشرطة ولكنهم لم يأتوا، فقمنا وبعض سكان المقابر بالخروج عليهم وطردهم من الأماكن التي يترددون عليها، ولكنهم عادوا ثانيًة بل والأكثر من ذلك يرهبون الأطفال في كل ليلة ولا نستطيع أن نفعل شيئا".

"رأي الطب النفسي"
ويقول الدكتور أحمد الباسوسي استشاري أمراض الطب النفسي، بأن سكان المقابر يعيشون في مأساة كبيرة، فهذه المشكلة بدأت منذ أكثر من 50 عامًا، عندما زادت المشكلة السكانية في مصر، فتوجه هؤلاء الأشخاص بعائلاتهم إلى المقابر لعدم توفر مسكن لهم.

وأكد الباسوسي أن سكان المقابر يتأقلمون مع بيئتهم فيعيشون في حالة "البلاده الفكرية والحسية "، ومعنى البلادة الفكرية هي تحول العقل والفكر بعد طول البقاء في المقابر وبعد سنوات في البؤس إلى أفكار منغلقة تحولهم إلى مجتمع آخر يعيشون في مكان لاينتمي إلى المجتمع بشيء.

واستكمل حديثه أما "البلادة الحسية" فإنهم لا يشعرون بالمشاكل الموجودة خارج مجتمعهم المغلق، فهم منغلقون على أنفسهم ولكثرة مشاكلهم لا يكترثون لمشاكل المجتمع.
الجريدة الرسمية