رئيس التحرير
عصام كامل

دواعش في البيت الأبيض


من يرى أو يسمع تصريحات وخطب الرئيس الأمريكي باراك أوباما أو وزير خارجيته، يحسب أن الرجلين من دولة الملائكة على الأرض، وأنهما مبعوثان من السماء لمواجهة إبليس في أراضي المسلمين، الذين نزل دينهم أصلا محاربا له، فإذا به احتل المنطقة العربية، ومن ثم وجب على البيت الأبيض طرده، وهو هنا داعش، لكي يطهر أرض الإسلام من رجس الشيطان.


نفس المنطق المنحرف انتهجه الإرهابي الأول في العالم الخمورجي الأسبق، جورج بوش، حين شن حملته الصليبية ضد العراق، لأن الله أمره بذلك ! نحن إذن أمام دواعش على الطريقة الأمريكية، لكنهم دواعش مرضى بانفصام الشخصية، وفصمونا معهم، وهم "يجرجروننا" لحربهم الثالثة في الخليج والأولي في سوريا، بأموالنا وأولادنا.

المضحك في الموقف أن الدواعش الأمريكان والأوربيين، لا يدركون أن إبراهيم البغدادي أو الخليفة المزعوم، هو من بين صلب وترائب الإدارات الأمريكية متعاقبة، مثله مثل القاعدة والنصرة، والشريعة، يعني هم أهله وآباؤه الشرعيون، مولود في الحرام حقا، لكن يبقي أن آباءه العديدين معروفون !

وتبلغ المفارقة مداها المؤلم، حين يوافق الكونجرس على اعتماد 500 مليون دولار، لتمويل، وتدريب وتسليح، المعارضة السورية المعتدلة، بالنسبة للشعب السوري هذا ليس جيشا حرا، وبالنسبة لنا فإن أي جيش غير الجيش الوطني، هو كتائب خونة، وبالتالي فإن الإدارة الأمريكية تكون اعتمدت زمرة من جماعات الإرهاب المعتدل، لتقاوم جماعات الإرهاب المتطرف، ولما ينتصر المعتدل على الداعشي، يصبح الأول ألعن وأشد تطرفا، وتسود الفوضي والفتنة، سيناريو ليبيا، ويلفت النظر في المشهد العبثي لضرب داعش في العراق وسوريا، أن كل الأطراف رفعت سيقانها في الجو، وعزفت عن المواجهة على الأرض! والكل أعلن أنه سيضرب من فوق، بينما الأكراد والعراقيون والحر المعتدل، هو من سيواجه، لما كان ذلك كذلك، ما الحاجة إذن إلى 40 دولة متحالفة، لمواجهة ثلاثين ألف إرهابي.

أيضا، لا يوجد زمن محدد لإنهاء العملية، بل هي مفتوحة لسنوات، والشكوك تحيط بترابط واستمرار تحالف الأربعين دولة لمحاربة الثلاثين ألفا ! ولعل هذه الشكوك هي ما عبر عنه قادة عسكريون في الغرب، قطعوا بأن الغموض في تعريف هذه الحملة أو الحرب، وأوباما يقول ليست حربا، هو مكمن مقتلها وفشلها الذريع، لأنك ذاهب إلى مجهول، ومواصفات المهمة وأهدافها غائمة، والهزيمة العسكرية قد تلحق بالبغدادي، لكن الجحور ستأويه، لكي يبرز لاحقا ويتمدد من حدود المكسيك إلى ولاية فلوريدا الأمريكية، ويضرب ضربته.

أمريكا صنعت وحشين قضت على الأول تقريبا بأن أنجبت الثاني، داعش، وستقضي على الأخير بتربية وعلف الإرهاب المعتدل، وهكذا تقضي المنطقة عمرها مسرحًا لأولاد الحرام من ظهر الولايات المتحدة وبطنها، يعيثون فينا فسادًا ونكاحا!
الجريدة الرسمية