باختصار.. ما لم تدركه فاطمة ناعوت!
تعج الكرة الأرضية بطقوس مدهشة وعجيبة لكل أجناس الأرض تحتفل فيها بذكرى ما أو تحيي مناسبة ما تمت في عصور سابقة.. بما فيها حتى مهرجان الطماطم الذي يقام في إسبانيا مثلا إحياء لذكرى احتفال عفوي تم قبل عقود وفيه يتم التراشق بين عشرات الألوف من المشاركين بعشرات الأطنان من الطماطم التي لا يجد الفقراء في أوقات من السنة ثمنها !
في الإسلام أمر إلهي بإحياء ذكرى مهمة في حياة البشرية وهي فداء ابن أبو الأنبياء وحامل الأمانة من بعده وشريكه في بناء بيت الله الحرام.. والذي فيه نحج وإليه نتوجه في كل صلاة وخمس مرات كل يوم..ولم يكن الأمر بإحياء شعيرة الذبح استمتاعا بمشاهدات عنيفة ومؤلمة وإنما كانت من أجل إبراز فكرة المنافسة في التقرب إلى الله بالخير واكتشاف القدرة عند المؤمنين على الطاعه والامتثال لأوامر الإله العظيم والتضحية بالمال من أجل أوامر رب العالمين وهي بذاتها - الفكرة كلها - من أجل نصيب للفقراء في أموال الأغنياء والأهم أنها تتم بأجواء احتفالية مبهجة كبيرة!
السؤال الآن: أين ستذهب الأغنام والخرفان والماعز إن فاتها الذبح في عيد الأضحى؟ أليس إلى الذبح أيضا ؟ ولماذا لا ينسحب كلام ناعوت على غيرها مما يسره الله للإنسان مثل البقر والجاموس والجمال؟ ولماذا والحال كذلك لا ننتقل قليلا لنحرم الدجاج والأرانب والحمام وغيرها من الطيور الضعيفة التي تذبح ولا حول لها ولا قوة ؟ وهكذا يمكننا الاستطالة في الأسئلة كمتوالية غير نهائية تبحث عن إجابات لأسئلة مثيرة !
السؤال الأخطر: ماذا لو تعاملنا مع اليقيني المقدس بالهوى وبالعاطفة؟ ماذا لو فتحنا الباب لشطحات لا تليق بمقام العقائد والعبادات؟ ماذا لو قال أحدهم - مثلا - إنه لا يجوز في أزمة نقص المياه ومخاطرها أن يتوضأ الناس خمس مرات في اليوم ؟ وقال غيره إنه لا يجوز ونحن نتطلع للنهضة أن ننهك قوانا العاملة ونهدرها شهرا في العام حتى لو كان "رمضان" ؟ أو أن الزكاة بوجود الضرائب غير ملزمة ؟ ماذا يمكن بالقياس السابق أن يتبقى من ديننا؟
وفي النهاية سنكتشف أنه وكما أن هناك من يفرض الإلهي على البشري - أو يحاول - وفي غير موضعه.. نجد أن هناك وعلى الجانب الآخر في صفوف المتطرفين علمانيا من يفرض البشري على الإلهي..أو يحاول ! وهكذا..من متطرفين هنا إلى متطرفين هناك.. كان الله في عون العامة والبسطاء من جنون النخبة أو المستنخبين!