رئيس التحرير
عصام كامل

اللواء طيار ممدوح حشمت: تصفية الحسابات لن تهدر إنجاز القوات الجوية في 73

فيتو

  • لا أحد ينكر مجهود 10 آلاف مقاتل قوات جوية في الحرب 
  • المصريون يعيشون الآن روح نصر أكتوبر
  • احترمنا رأي القيادة بعدم ضرب الثغرة والقضاء على قوات الاحتياط الإسرائيلية 
  • انتصار أكتوبر لم يكن معركة عسكرية تقليدية 
  • بشهادة الخبراء مفتاح نصر أكتوبر
  • تكاتف الجيش والشعب الذي صنع أعظم نصر
  • نصر أكتوبر مثل 30 يونيو غير الأوضاع في المنطقة العربية 

أكد اللواء طيار ممدوح حشمت، أحد أبطال حرب أكتوبر وحرب الاستنزاف، أنه شارك في الضربة الجوية التي قطعت الذراع الطولية لإسرائيل وقصفت كل مطارات ومخازن الذخيرة والوقود وأماكن تجمعات العدو وأبراج المراقبة والاتصال.

وأضاف حشمت، في إطار سلسلة الحوارات التي تجريها بوابة "فيتو" مع القادة العسكريين في ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، أن الضربة الجوية صاحبها تمهيد نيراني ولكن موجة عبور القوات 80 ألف مقاتل في وقت واحد على طول الجبهة مشهد غاية في الروعة وزلزل الأرض تحت العدو، ثم انقض عليه مرة واحدة فكان النصر الكبير من عند الله.

وإلى تفاصيل الحوار:

*ما دور القوات الجوية في حرب أكتوبر ولماذا ينكر البعض أن الضربة الجوية مفتاح النصر؟
الحقيقة الثابتة أن القوات الجوية بدأت القتال بقوة وشراسة عند بدء ساعة الصفر الثانية وخمس دقائق فخرجت "220" طائرة من جميع مطارات الجمهورية ليعبروا في وقت واحد القناة، وضربت المطارات ومخازن الذخيرة والدشم الحصينة ومخازن الوقود والقوات المتمركزة على المحاور الإستراتيجية مما شل حركة العدو وقطع جميع الاتصالات بين القوات والقيادة الإسرائيلية. 

كما قامت عقب ذلك بعمل غطاء جوي للقوات البرية التي تعبر القناة لعدم السماح لأي طائرة معادية بالوصول للكباري والمعدات، وهذا ليس كلامنا نحن كطيارين شاركنا في الحرب، ولكن هذا رأي كل خبراء العالم الذين أشادوا بالضربة الجوية المصرية ويدرسونها حتى الآن في مدارس الطيران، بالإضافة إلى التعاون بين القوات الجوية والدفاع الجوي في تأمين القوات؛ لأننا شكلنا شبكة عنكبوتية كسرت اليد الطولى لإسرائيل التي كانت تتغنى بها بعد 67 حتى 73، ولا أحد ينكر أبدا مجهود أكثر من 10 آلاف مقاتل من القوات الجوية شاركوا في الحرب لمجرد اختلافهم مع شخص واحد لمجرد تصفية حسابات.

*ما هي ذكرياتك عن يوم السادس من أكتوبر؟
عندما جاءت ساعة الصفر كنت في مكان قريب من الجبهة؛ لأنني طيار استطلاع ولم يكن لي دور وقتها، وخرج أمامي سرب من الطائرات السوخوي ودخلت سيناء محملة بالذخيرة ثم عادت بعد أن أفرغت حمولتها وذهبت أنا وبعض زملائي لكي نطمئن على الطيارين وتأكدنا من عودتهم سالمين هذا اليوم، وسمعنا خبر استشهاد البطل عاطف السادات وبعض زملائه من تشكيلات أخرى ليسطروا بأرواحهم تاريخا ذهبيا لا يستطيع أحد أن يمحوه أو يزايد عليه.

*هل ساهمت في حرب الاستنزاف وما هو دورها في الوصول لنصر أكتوبر؟
عقب نكسة 67 التي ضُرِبت فيها الطائرات على الأرض ودمرت تماما المطارات وأماكن تخزينها، استوعبنا الدرس ووضعناه أمام أعيننا فحققنا نصر أكتوبر لأننا لم نستسلم للهزيمة، فقد نجحت قوات العدو الإسرائيلي في ضرب طائراتنا على الأرض في 67 ولم يقتلوا الطيارين، وبالتالي امتلكوا إرادة الثأر ووضعوه هدفا أمامهم وأيضا استعادة قوتنا، ولكن هذه المرة وفق أحدث نظم الطائرات والتسليح، ونحن في استطلاع القوات الجوية استخدمنا طائرات الميج 21 لدخول سيناء أثناء حرب الاستنزاف لجمع المعلومات عن الأهداف الإستراتيجية وتسليح القوات الإسرائيلية، وهذه المعلومات كانت تنقصنا قبل 67 وكانت الاستهانة من جانبنا سبب الهزيمة. 

وأنا كنت ضمن أوائل التشكيلات التي تم إنشاؤها بعد 67 لطائرات الميج، وقمت بعمل خطط لاستطلاع مطارات العدو وتدربنا على ذلك ونفذناه وأحضرنا المعلومات التي ساعدت القادة على التخطيط بدقة، وفي حرب أكتوبر قمنا بجمع واستطلاع وتصوير مطار بالوظة بالمحور الشمالي وصورنا تكوينه ومبانيه ومواصفاته وتسليحه وأماكن تمركز القوات حوله وتأمينه وكيف يقومون بإخلائه إذا حدث هجوم مفاجئ، بالإضافة إلى تصوير النقاط والدشم الحصينة شرق القناة، وظللنا نقوم بأعمال استطلاع يومية للجبهة ونعبر الضفة الشرقية دون الخوف من دفاع العدو الجوي حتى ساعة الصفر.

*ما أهم الطلعات التي قمت بها؟
لقد قمت بطلعات كثيرة سواء قبل الحرب أو بعدها، ولكن أكثر الطلعات وأهمها يوم 16 أكتوبر بعد الحرب مباشرة دخلت بطائرتي المحور الأوسط من أول منطقة الديفرسوار إلى الطاسة، وفيها صورنا مواقع المدفعية داخل الثغرة التي اخترقها العدو في الجيش الثاني، وكانت هذه أول طلعة فوقها وصورنا سلاحا جديدا أحضرته أمريكا لإسرائيل في الجسر الجوي وهو عبارة عن مدافع 175 مم، لم نكن على علم بها من قبل، بالإضافة إلى تصويرنا مراكز تجميع القتلى الخاصة بهم والقوات التي يتم تجميعها ودفعها للثغرة في منطقة الطاسة، وهذه المعلومات أفادت كثيرا في التخطيط لمحاصرة وضرب الثغرة إلى أن تدخلت أمريكا لوقف إطلاق النار، وبرغم إيماننا خلال تلك الفترة بضرورة ضرب الثغرة للقضاء تماما على قوات الاحتياط الإسرائيلية ولكن القيادة كان لها رأي آخر احترمناه كلنا.

*ما النصيحة التي تريد توجيهها للشباب؟
أولا أحب أن أقول لهم إن انتصار أكتوبر لم يكن معركة عسكرية تقليدية فقط كما يراها البعض، ولكن نصر أكتوبر كان بالروح التي جسدت معنى التضحية والفداء التي تحلى بها الجنود والضباط عقب نكسة يونيو، التي زادتنا إصرارا بضرورة استرداد الأرض، وكما قالها الزعيم الراحل عبد الناصر "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"، وهو ما دفعنا جيشا وشعبا إلى التكاتف لتحقيق النصر، وهذه الروح أراها الآن بعد ثورة 30 يونيو وخلع الحكم الإخواني، لذلك لابد من استثمار هذه الروح لإعادة مصر إلى دورها الريادي في المنطقة والإستراتيجي في العالم، كما أعادت حرب أكتوبر للمقاتل المصري كرامته وعزته بعد أن تحدى اليأس ووقف أمام القوة الإسرائيلية الغاشمة وحطم أسطورتها الجوفاء.
الجريدة الرسمية