سر إطاحة «السادات» بالفريق الشاذلي!
بعد 41 عامًا لانتصارات أكتوبر، مازالت أسرار إطاحة الرئيس السادات بالفريق الراحل سعد الدين الشاذلي بحاجة إلى مَنْ يفك طلاسمها.. وباعتقادي أن القوات المسلحة هي الوحيدة التي تملك ذلك، وتوضح للمصريين دون زيف أو انحياز، هل صحيح أن الشاذلي هو الرأس المدبر والمهندس الحقيقي لحرب 1973؟، وهل السادات وأحمد إسماعيل والجمسي ومبارك سرقوا منه النصر؟ وهل السادات أطاح به خارج البلاد أم أنه اختار المنفى الإجباري لنفسه حتى عاد بعد ثورة 25 يناير؟.
وإلى أن تجيب القوات المسلحة عن هذه التساؤلات، فإن الشاذلي -من وجهة نظري- هو الذي أطاح بنفسه، وليس السادات، وهو الذي ظلم نفسه وتجنى على قادته للأسباب الآتية:
أولًا: السادات كان «داهية» بالفعل، فاختار الشاذلي لرئاسة أركان الجيش، بناء على «الكفاءة»، متخطيًا 30 ضابطا يسبقونه في الأقدمية، لكن الشاذلي قال، إن السادات اختاره لهذا المنصب الحساس لأنه لم يكن منتميًا لأي تيار سياسي.. وكأن «الجيش» كان ذاهبًا للعب ضد فريق «بني عبيد» وليس لمحاربة الصهاينة!
ثانيًا: الشاذلي عاشق لـ«الأنا»، يبحث عن الأضواء.. وظهر ذلك بوضوح في عدة لقاءات مسجلة مع قناة «الجزيرة»، عندما نسب لنفسه «منفردًا» خطة الحرب، متجاهلًا أو متناسيًا جهود زملائه في الأسلحة الأخرى.
ثالثًا: الشاذلي «تحامل» على السادات، تمامًا كما فعل هيكل في كتابه «خريف الغضب».
رابعًا: الشاذلي شخصية «غير منصفة»، فلم يذكر أن فكرة العملية العسكرية المحدودة على حسب قدرات جيشنا هي فكرة «السادات»، وأن السادات هو الذي اتخذ قرار العبور وتحطيم خط بارليف، كما لم يذكر الفضل في خطة الحرب الموضوعة في «كشكول الجمسي» كما سماه السادات.
خامسًا: السادات لم يُعين أحمد إسماعيل، وزيرًا للحربية، لـ«حسابات سياسية»، كما يدعي الشاذلي، الذي وصفه بـ«الرجل المريض».. فبشهادة محللين بارزين في أمريكا وإسرائيل اعترفوا أن أحمد إسماعيل «أعظم من روميل»، و«أكثر دهاءً من مونتجمري»، و«واحد من بين 50 قائدًا عسكريًا غيروا من إستراتيجيات وتكتيكات المعارك الحربية على مر التاريخ».. فأيهما نصدق، شهادة الأعداء، أم شهادة الشاذلي؟!
سادسًا: الشاذلي شوَّه كل أبطال أكتوبر.. تمامًا كما فعل بعض النشطاء برموز ثورة 25 يناير، فهل تشويهه لهؤلاء الأبطال «شرف» يضاف إلى سجله العسكري، أم «عار» سيظل يلاحقه؟!
سابعًا: قبل اغتيال السادات اتهمه الشاذلي صراحة بالكذب والخيانة العظمى، ورغم قدرة السادات على اتخاذ أي إجراء تجاه الشاذلي، إلا أنه ترفع عن الرد على هذه الاتهامات، ولم ينزلق السادات- العارف بالأصول والعيب- إلى حرب كلامية تُشمت الأعداء في قادة وأبطال حرب أكتوبر.
ثامنًا: النصر له ألف «أب» والفشل له «أب» واحد.. ولو كنا انهزمنا في «6 أكتوبر»- لاقدر الله- لكان «الشاذلي» أول القافزين من سفينة الهزيمة، وألقى بالمسئولية الكاملة على السادات.. فنحن أساتذة في تشويه كل شيء جميل، طالما كان من صنع غيرنا!
تاسعًا: الشاذلي كانت «إيده في الميه»، بينما السادات كانت «إيده في النار» فكان هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولديه صورة كاملة عن كل ما يدور على أرض المعركة، بالإضافة إلى الحسابات السياسية، والضغوط الدولية.. إلخ.. وكل ذلك لم يكن متوافرًا للشاذلي، الذي ملأ الدنيا صخبًا وضجيجا، محاولًا تشويه نصر أكتوبر، وتصويره بأنه «هزيمة ساحقة»، وكأنه استكثر على الشعب الفرحة.
عاشرًا: كانت ثغرة «الدفرسوار» أحد أهم أسباب الخلاف بين «السادات» و«الشاذلي»، فقد اقترح الشاذلي تحريك أربع كتائب لمواجهة جنود الاحتلال في الثغرة، بينما رفض وزير الحربية أحمد إسماعيل هذا الاقتراح، وكذلك رفضه السادات، مبررًا ذلك بأنه لو تم تحريك هذه الكتائب لظن الجنود أنه «انسحاب» من أرض المعركة، ويتبادر إلى ذهنهم ما حدث في نكسة 5 يونيو 1967، وبالتالي يؤثر على روحهم المعنوية، وهزيمتهم النفسية.. وهو مبرر له وجاهته ومنطقيته، بعيدًا عن شطحات الشاذلي!