رئيس التحرير
عصام كامل

«حرب أكتوبر» في وثائق «ويكليكس»: «كيسنجر» يتهم «غيوم السماء» بالتحالف مع العرب ضد إسرائيل..والصحافة العبرية لعبت على مشاعر الإسرائيليين وأمريكا لم تعترف بالنصر

حرب أكتوبر - صورة
حرب أكتوبر - صورة ارشيفية


سوف تظل حرب أكتوبر أهم عمل عسكري خلال القرن الماضي، بما لها من تأثير على الفكر العسكري العالمي، وتأثيرها على الوضع الجيوستراتيجي في الشرق الأوسط، وقد نشر موقع "ويكيليكس" وثائق عن حرب 6 أكتوبر 1973 وتغيرات الموقف تجاه العرب، فسلطت الوثائق على سجلات الحرب، وتواجد السفير الأمريكي لدى إسرائيل في هذه الفترة، وبلغ عدد هذه الوثائق 1.7 مليون سجل دبلوماسي أمريكي صدرت بين عامي 1973 و1976 أثناء تولي هنري كيسنجر وزارة الخارجية الأمريكية.


ومن بين الوثائق العديدة، برقيات مرسلة من السفارة الأمريكية في إسرائيل - خلال حرب يوم الغفران- إلى البيت الأبيض، وكتب كيسنجر ملاحظات في 8 أكتوبر 1973 يوم الإثنين الساعة 10:41 قال فيها: " ونحن نتحرك في اليوم الثالث من هذه الحرب، أعتقد أن إسرائيل ما زالت قادرة على الانتصار في الحرب".

وكانت الملاحظة الثانية أن اليوم الحاسم كان الطقس ملبدا بالغيوم، وكان يجب منع استخدام السلاح الجوي الإسرائيلي ضد المدرعات السورية، فكانت القوات البرية الإسرائيلية جاهزة تماما وتجري تعزيزات في كل مكان، ويمكن أن تستمر الحرب لفترة أطول مما كنا نعتقد.
وكانت الملاحظة الثالثة هي أن شيئا واحدا أصبح أكثر وضوحا وهي الخسائر البشرية الإسرائيلية على كل الجبهات وهذه الخسائر في تزايد مستمر، ولم تعط الحكومة الإسرائيلية معلومات بشأن الخسائر البشرية التي لديها، وأبقت الموضوع في سرية تامة حتى عن شعبها، فهي حكومة عرقية، وأهدرت كثيرا من الدماء، فكان عليها تخفيض الخيارات السياسية التي أمامها لكي تضمن أمن إسرائيل.

ولفت إلى الملاحظة الرابعة وهي الصعوبات والمخاطر التي يواجهها الجيش الإسرائيلي ومحاولة الحكومة العرقية الحفاظ على الروح المعنوية، فلم يقوموا بإذاعة الأخبار العسكرية عن سوريا ومصر، بينما الملاحظة الخامسة والأخيرة ليوم 8 أكتوبر هي تكاليف الحرب على إسرائيل، وكيف يمكن أن تكون قادرة لتوجيه السياسة الإسرائيلية.
وكانت الملاحظات الخاصة بيوم 9 أكتوبر 1973 - يوم الثلاثاء الساعة 6:11 مساء- أن إسرائيل أخذت منحى أفضل وسعت لأخذ إجراءات تؤثر على الوضع في ما بعد الحرب في المنطقة.

وكان هناك دعوات في الصحافة العبرية لتحقيق النصر على سوريا ومصر بعد أن سمحت لنفسها أن تكون ضحية للهجمات العربية، وكان هناك العديد من السيناريوهات، وهي دفع مصر وسوريا إلى ما قبل 6 أكتوبر لوقف إطلاق النار، ثم مطاردة جيوش مصر وسوريا، واحتلال المزيد من الأراضي أو مواصلة الهجمات الإسرائيلية الجوية على أهداف مصرية وسورية لمدة يومين أو ثلاثة أيام والعودة إلى حدود ما قبل أكتوبر.

وكانت وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية أن تدمير إسرائيل لمعدات الحرب المصرية والسورية لن يقدم أي ميزة في نهاية الحرب، ولن يغير الوضع، فكان يجب تحقيق تسوية سلمية بعد حرب 1967 لأن العرب شعروا بأن الإسرائيليين محظوظون، وهم لم يهزموا، فيجب الإسراع إلى طاولة المفاوضات، وليس الإسراع إلى الحرب، لأن ذلك سيخرج إسرائيل من دائرة الضحية إلى صورة المعتدي.

ومن ملاحظات كسينجر أن السيناريو الأمثل - من وجهة نظر المصالح الأمريكية - أن إسرائيل تعلن فورا نهاية الحرب، وتدعو إلى عودة القوات المصرية والسورية إلى ما قبل 6 أكتوبر، ولا تتجه لسحق مصر أو سوريا، أو توقف إسرائيل إطلاق النار وبذلك سيوقف الجانب الآخر إطلاق النار، أو تعتزم إسرائيل احتلال منطقة إضافية، أو تستمر إسرائيل بعد الحرب للسعي إلى تحقيق تسوية سلام مع مصر وسوريا والأردن، تسحب إسرائيل بموجبها قواتها من الأراضي المحتلة في حرب يونيو 1967 إلى حدود آمنة ومعترف بها.

وكانت ملاحظات يوم 12 أكتوبر لعام 1973 - الجمعة الساعة 14:09 ظهرا- أن الولايات المتحدة لم تكن لديها رؤية لوجهات نظر القيادة الإسرائيلية، ولكن ظهرت تغيرات في الموقف تجاه العرب، وزيادة الثقة بالنفس لدى مصر، ومواجهة إسرائيل وجها لوجه، وقال الإسرائيليون: يجب أن نضع في الاعتبار الطابع العربي والشجاعة والقدرة على تعلم التكنولوجيا الحديثة والقدرة على التخطيط والتنسيق وحفظ الأسرار والإستراتيجية العالية بين مصر وسوريا للمجهود الحربي حتى الآن.

وأضافت الملاحظات: إن كل هذا لا يبشر بجهود السلام بالشرق الأوسط في المستقبل، لأن إسرائيل في قلق دائم لتأمين حدودها، وكان هدف حرب أكتوبر ليس تدمير إسرائيل بل تحرير الأراضي التي وقعت تحت يد إسرائيل في عام 1967، فالإسرائيليون يميلون للشك دائما نحو العرب في مسألة حق إسرائيل في الوجود، ولكن العرب أصبحوا أكثر واقعية حول تحقيق تسوية سلام محتمل مع إسرائيل.

وألمح كيسنجر إلى أنه سيكون من السابق لأوانه معرفة تأثير الحرب على الرأي العام، فضلا أن إنهاك إسرائيل في الحرب، وستكون أي رسالة مصرية لها تأثير على إسرائيل أكبر من تأثير أي طرف ثالث.
الجريدة الرسمية