رئيس التحرير
عصام كامل

الانتخابات البرلمانية هل خطوة للوراء أم للأمام؟


ما أكثر التحليلات التى نقرأها، والتى قد تعجبنا أيضًا، وما أكثر الأسباب التى يدفع بها كل طرف فى هذه «المكلميات» التى تصم آذاننا على شاشات التلفاز، والتى قد صار لدينا حالة من الإدمان عليها، لقد أدمن المصريون نشرات الأخبار، وتحليلات القنوات الفضائية، وأصبح مذيعو البرامج أكثر شهرة من نجوم السينما والمسرح، وليس فى ذلك عيب، لكننا نرى أن ذلك القول المأثور وهو أحد الأمثال لحكيم الأجيال سيدنا «سليمان» عليه السلام وهى «إن كثرة الكلام لا تخلو من معصية».. أى أنها يمكن أن تنطوى على الكثير من اللغط والمعاصى التى تجرّنا إلى المزيد من المشاكل، وقد تكون مصدرًا لمشكلة أخرى .



الكثير من المحللين يرون أو يتطلعون إلى ذلك المجلس النيابى القادم، ويعلقون العديد من القرارات والمشاكل التى تعد معضلات، وأزمات سياسية تبحث عن حل، مثل قانون تنظيم التظاهر، ومنع التحرش بالمرأة، وكذلك قانون السلطة القضائية، واستقلال القضاء، وقانون الحد الأقصى والأدنى، ويرون أن طرح هذه المشاكل على مجلس الشورى الذى أوكل إليه هذه المهمة يعد أمرًا بعيدًا، ويمكن الاعتراض على أى قانون يصدره على اعتبار أنه ليس صاحب اختصاص أصيل فى ذلك الشأن .

لذلك فهذه لا بد أن ترجأ لمجلس الشعب القادم، وذلك أيضًا ينطوى على قدر كبير من الخطورة، وهو التأخير فى وسط مجتمع يغلى ويفور، وفى حالة ملحة إلى التهدئة والاستقرار.. ونفس هؤلاء المحللون يرون أن الدعوة إلى الانتخابات البرلمانية فى ظل الظروف الحالية تنطوى على المزيد من الأخطار والتمكين للنظام السياسى القائم، وهى تعنى المزيد من القوانين والأوضاع التى لا ترضيهم، وأنه فى ظل هذه الأوضاع يمكن أن يأتى ذلك المجلس وبه العديد من العوارات القضائية، ويصبح باطلًا، ومن ثم كل ما يترتب عليه من آثار.

فالدستور لدى الكثير معيبًا، وأنه قد فرض جبرًا دون توافق عليه من الشعب، والتأسيسية التى قامت بصياغة الدستور تعد باطلة، ومن ثم فإن الدستور يعد باطلًا هذه هى الحلقات المفرغة التى تدور فيها مصر، والتى لا تعرف كل من المعارضة والحكومة كيفية الخروج منها، ولن يعرفا لأنهما عليهما أن يعرفا كيف يتفقا، وأن يكونا لديهما شىء مشترك، وأرضية للتفاهم، وهو ما قد أصبح الآن بمثابة المستحيل، أو أحد المستحيلات كالعنقاء «والخِل الوفى» أن الظروف الحالية التى تمر بها مصر، وعدم التوافق أصلًا على التشريع الذى ينظم هذه الانتخابات البرلمانية الجديدة، والتى قد أوكل لمجلس الشورى، وذلك هو أفضل أمرين كلاهما مر، فإما أن يترك ذلك للرئاسة أى من خلال إصدار مرسوم بقانون من الرئاسة، أو من مجلس الشورى الذى قد يكون فى هذه الحالة الأفضل مع أنه لا يملك الصلاحيات، أو غير صاحب اختصاص، ومن ثم يصبح ما يصدر عنه معيب وصيد سمين، وسهل لأى طرف من الأطراف، لا سيما قوى المعارضة التى باتت تخشى من كل شىء، وهى تعلم أن أية خطوة من جانب الحكومة قد تكون بمثابة تحريك القطعة الأخيرة فى شطرنج الحياة السياسية فى مصر بالنسبة لهم، ونفس الشىء تأخذه فى الاعتبار المؤسسة السياسية، وهى قد ترى أن ذلك قد يكون القطعة الأخيرة التى تحركها المعارضة؛ لتهوى بالنظام السياسى أو تفتح الباب على مصراعيه أمام العنف الذى يقود إلى الحرب الأهلية .

 

الجريدة الرسمية