رئيس التحرير
عصام كامل

إيران النووية صداع فى رأس الغرب.. كازاخستان تستضيف جولة جديدة من المفاوضات.. 6 قرارات من مجلس الأمن تضرب الاقتصاد الإيرانى فى مقتل.. محللون: أى خطوة عسكرية "كارثة" على أمريكا

محطة بوشهر النووية
محطة بوشهر النووية الايرانية

تنفجر أزمة النووى الإيرانى ثم تهدأ، ثم تنفجر من جديد، وما أشبه اليوم بالبارحة، فاليوم تعود الأزمة إلى واجهة الأحداث السياسية الدولية، حيث تستضيف مدينة "ألماأتا" فى كازاخستان، جولة جديدة من المفاوضات بين مجموعة "5 +1" (بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا) وإيران حول برنامجها النووى.


تأتى هذه الجولة من المفاوضات، وسط حالة من الاحتقان السياسى المسبق من جانب الطرفين، فالجانب الإيرانى يؤكد أنه إذا استمرت الدول، التى تتفاوض معها فى سياستها الخارجية وتصريحاتها المعادية لطهران فلن تحقق تلك المفاوضات أية نتائج تذكر، وتؤكد أنه إذا تبنى جميع الأطراف موقفا منطقيا داخل إطار عمل كل من معاهدة حظر الانتشار النووى والوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع سعيهم إلى التواصل والتفاعل بدلا من الندية والنزاع، فإن طهران ستتصرف وفقا لذلك النهج.

من ناحية أخرى، وبرغم ما وعدت به مجموعة "5+1" بتقديم عرض جديد على أمل الحصول على تنازل من طهران بشأن برنامجها النووى، لكن فرص تحقيق اختراق فى اللقاء تبدو ضئيلة، وخاصة فى ظل تأكيد طهران دوما على حقها فى تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية والتكنولوجية.

كانت جولة المحادثات الأخيرة فى موسكو يونيو 2012 قد قطعت عندما طلبت مجموعة "5+1" من إيران تعليق تخصيبها لليورانيوم بنسبة 20 بالمئة، لكن طهران أكدت أنها تخصب اليورانيوم لأغراض مدنية فقط بنسبتى 5 بالمئة لإنتاج الكهرباء و20 بالمئة لتغذية مختبر للأبحاث الطبية، وتطالب بإقرار حقها فى تخصيب اليورانيوم بموجب توقيعها على اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية.

وقد صدرت ستة قرارات عن مجلس الأمن الدولى لإدانة البرنامج النووى الإيرانى أرفقت أربعة منها بعقوبات وتم تعزيزها منذ 2010 بحصار اقتصادى ونفطى فرضه الغربيون مما أغرق طهران فى أزمة اقتصادية خانقة، تجلت فى إعتراف الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد بالتحديات الاقتصادية التى تواجهها إيران .

ورغم الآمال العريضة المتوقعة من وراء مفاوضات جولة مدينة "ألماأتا" الكازاخية، وإمكانية حدوث انفراجة بين الجانبين، لا يتوقع العديد من المحللين والدبلوماسيين الكثير من النجاحات والانجازات، لا سيما بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر فى الحادى والعشرين من فبراير الجارى، والذى أشار إلى قيام إيران بنصب أجهزة طرد مركزى جديدة وأكثر كفاءة ليصل عددها إلى ثلاثة آلاف مما يمكنها من تسريع وتيرة تخصيب اليورانيوم.

ومما يضعف الأمل فى تحقيق نتائج مرجوة من تلك المفاوضات، إعلان إيران عن نيتها تحديد 16 موقعا جديدا لبناء محطات للطاقة النووية فى مناطق ساحلية تطل على بحر قزوين والخليج وبحر عمان ومحافظة خوزستان جنوب غرب البلاد والجزء الشمالى الغربى للبلاد.

وفى نفس الوقت انطلقت مناورات عسكرية للقوات البرية التابعة للحرس الثورى الإيرانى باسم مناورات "النبى الأعظم 8" فى منطقة سيرجان بمحافظة كرمان جنوب شرق إيران وذلك بحضور عدة كتائب من قوات التعبئة.

وفى ظل المشهد السياسى المرتبك والمعقد، يصر الإيرانيون على مواصلة برنامجهم النووى بينما الأمريكيون يتوعدون، والإسرائيليون يتربصون ، ويبقى الوضع على ما هو عليه.

وفى هذا السياق ، يقدم فلينت ليفيريت أستاذ الشؤون الدولية بجامعة بنسلفانيا والمتخصص فى شؤون الشرق الأوسط وإيران، وهيلارى ليفيريت محللة شؤون الشرق الأوسط السابقة بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومى الأمريكي، رؤية جديدة مفادها أنه ينبغى على واشنطن انتهاج استراتيجية "استيعاب" إيران أو استراتيجية "الذهاب" إلى طهران، وذلك فى ضوء الخبرة التاريخية للسياسة الأمريكية تجاه مناطق التوتر والنزاع.

ويرى المحللان أنه بعد أقل من عقد من الزمان على حرب أمريكا على العراق، التى جرت عملية فبركة مبرراتها - حسب المحللين الاثنين -، فإن طبولا تدق هناك فى واشنطن لتعيد نفس الاسطوانة لشن حرب ضد إيران، ويؤكدون أن مثل هذه الحروب يمكن أن تكسر ظهر أمريكا وتسقطها عن عرشها كقوة عظمى إذا ما أقدمت عليها، لأن إيران ليست العراق، ومن ثم فإن كلفة هذه الحرب لن يكون بمقدور الأمريكيين دفعها لأن الحرب قد تمتد عشر سنوات وربما أكثر.

وتأسيساً على ما سبق، يمكن القول أن الإقدام على أى خطوة عسكرية من أى نوع ضد إيران سيكون بمثابة استراتيجية كارثية لأمريكا، وأن مخاطبة واشنطن ود طهران، وتغيير النهج العدائى معها، وانتهاج سياسة "استيعابية" حديدة مع طهران، وإعلان إدارة أوباما عن رغبتها فى زيارة إيران والجلوس مع المسئولين الإيرانيين، والأهم الاستعداد للتوافق هو الحل الوحيد لهذه الأزمة المزمنة التى لا تضر إيران بقدر ما تضر أمريكا التى تعانى مشاعر عداء بالمنطقة، قد لا تجعل أحدا يتعاطف معها حال مهاجمتها إيران.
الجريدة الرسمية