"تلاوة في كتاب السامري" يجدد الأزمة بين الأدب والدين.. "الخوميني" أهدر دم "سلمان رشدي" بسبب "آيات شيطانية".. "الإغواء الأخير للمسيح" صورت الصلب حلما.. اتهام "محفوظ" بالردة بسبب "أولاد حارتنا"
تتغير الثقافات وتتبدل الأزمنة والأمكنة وتظل للنزعة الدينية سطوتها، فالاقتراب من معتقدات دينية حتى لو بأسلوب مجازي، هو خط أحمر، وكثيرا ما حدثت صدامات كبيرة بين رجال الدين والآدباء في هذا الصدد.
ديوان "تلاوة في كتاب السامري"، للشاعر محمد مجدي، والصادر مؤخرا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، أحدث جدلا واسعا في الأوساط الأدبية مؤخرا، خاصة بعد مصادرته بعد طرحه في الأسواق ليوم واحد، بدعوى أنه تعامل مع الموروث القرآني بشكل خاطئ، وهو ما نفاه الشاعر مؤكدا أنه لم يتعرض لأي من الآديان السماوية.
الهجوم على الأعمال الأدبية بدعوى تعارضها مع الآديان السماوية، ليس جديدا، فلا تزال رواية "آيات شيطانية" للروائي البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي منذ إصدارها عام 1988، تثير جدلا بين الحين والآخر، مما جعلها أشهر الروايات الممنوعة، وهذا لجرأة رشدي في تقديمه سردا أدبيا عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مما دفع الخميني، المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية حينها، لإصدار فتوى تهدر دم صاحبها، في حين اعتبر بعض الكتاب العرب ما تضمنته الرواية جزءًا من الخيال الأدبي الخلاق، في حين شارك بعض الروائيين في الهجوم على كاتبها دون قراءتها، وهو ما ذكره صادق جلال العظم في كتابه "ذهنية التحريم.. سلمان رشدي وحقيقة الأدب".
في حين تعد رواية "الإغواء الأخير للمسيح" للروائي نيكوس كازانتزاكيس، والتي نشرت عام 1951، من أشهر الروايات التي أثارت جدلا كبيرا، إذ تناقش العلاقة بين المسيح ومريم المجدلية، وبلغت الرواية ذروة جدلها عند تخيل الكاتب إغماء السيد المسيح فوق الصليب، ويذكر أنه حلم حلما طويلا يخلصه فيه ملاكه الحارس من الصليب، ويؤكد له أن صلبه كان مجرد حلم رآه، فيعشق المجدلية، مما دفع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية إلى منعها وسعت الكنيسة اليونانية إلى تحريمها، لكن دون جدوى؛ كما عمد البابا آنذاك إلى إدراج كتابه ضمن لائحة الكتب الممنوعة في الفاتيكان عام 1954، ولم ينج الفيلم الذي اقتبس عن الرواية كذلك من الاعتداءات.
كما استفاد أديب نوبل نجيب محفوظ، من قصص الأنبياء في روايته "أولاد حارتنا"، وتوظيفها في إطار السرد الأدبي الاجتماعي وخارج البعد الديني، مستخدما الأسلوب الرمزي، وبدأ كتابتها في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، وقد عبر محفوظ عن ذلك بقوله: "قصة الأنبياء هي الإطار الفني ولكن القصد هو نقد الثورة والنظام الاجتماعي الذي كان قائما"، تعرضت "أولاد حارتنا" منذ بداية نشرها في شكل سلسلة بالأهرام، لهجوم كبير من مشايخ الأزهر وطالبوا بوقف نشرها، لذا تم طبعها في لبنان عام 1962، واتهم محفوظ بعدها بالإلحاد والزندقة والكفر، واتهمه الشيخ عمر عبد الرحمن بالردة، وهو ما عرضه للاغتيال على يد أحد الشباب المتطرف.
"الإنجيل يرويه المسيح" كانت إحدى الروايات التي أشعلت غضب الكنيسة والمسيحيين المتشددين، ضد الروائي البرتغالي جوزيه ساراماغو، أحدث ضجة كبيرة في مواجهة المسيحيين المتشددين والكنيسة، وكانت تحكي سيرة السيد المسيح ليس وفق ما جاء في الإنجيل بل من خياله، مما دفع الرئيس البرتغالي إلى الاعتذار لكل أصحاب الخلفيات المسيحية.
وكان للبرتغالي واقعة أخرى عندما آثار غضب الكنيسة الكاثوليكية عام 2009، بعدما كتب روايته "قابيل"، وجسدت الشر في التوراة، عندما تناول قصة قابيل قاتل آخيه هابيل، ووصف ساراماغو قابيل بأنه كائن بشري ليس أسوأ أو أفضل من الآخرين، وخلال تقديمه للكتاب، أجّج ساراماغو الجدال واصفًا التوراة بأنها "كتيب للعادات والتقاليد السيئة"، حتى أن الكنيسة اعتبرته "أنه كاتب معاد للدين".