في ذكرى البطل.. الناصرية هي الحل والناصريون المشكلة !
حتى تاريخه..حتى اللحظة..لا يفرق أنصار جمال عبد الناصر أو خصومه بين الناصرية وبين الحقبة الناصرية..الأولى مشروع للمستقبل والثانية تاريخ يمتلكه الجميع..الأولى مشروع سياسي يتناقش حوله الناس فيؤيدونه أو يرفضونه..والثاني تاريخ فيه الخطأ والصواب..وفيه رابحون ومتضررون وحوله قد يتعارك الناس..الناصرية أفكار للنهوض بهذا الوطن وهذه الأمة..والحقبة الناصرية هي زمن التجربة في الواقع وعلى الأرض..الناصرية هي قيم عامة وهي خلاصة القراءة الواعية في تاريخ هذه الأمة وهذا الشعب وأيضًا مع خلاصة الممارسة العملية في الواقع..أما الحقبة فهي سجل هذه الممارسة ومدونة أخطائها وإيجابياتها !
السد العالي من الحقبة الناصرية..إنما إعلاء الشعور الوطني واستقلال الإرادة من الناصرية..ومجانية التعليم من الحقبة الناصرية..لكن منح الجميع الحق في التعليم والمعرفة والمساواة بينهم من الناصرية..تأميم قناة السويس من الحقبة الناصرية..إنما السيادة المصرية على كل الأرض المصرية من الناصرية..نكسة 67 من الحقبة الناصرية..إنما التعلم من الدرس والاستفادة منه في بناء جيش قوي وحديث والانتباه لمؤامرات الشر من الناصرية..الوحدة مع سوريا والانفصال من الحقبة، إنما فكرة الوحدة ذاتها من الناصرية...
ولذلك، ولأن الناصرية الفكرة هي للمستقبل فمن غير المعقول أن يطرح الناصريون على الوطن والشعب تأميم قناة السويس مرة أخرى ولا بناء السد العالي من جديد ولا الهزيمة مرة أخرى من العدو الإسرائيلي..ولذلك هناك ناصريون عرب لم تبنَ في بلادهم سدود ولم تؤمم قنوات ولم يهزموا في 67 !! ومن هنا.. يأتى اللبس وسوء الفهم من الناصريين وغيرهم عند خلطهم بين الحقبة والفكرة وعدم الإدراك أن الثانية ابنة الأولى فعلا لكنها منفصلة الآن عنها..وتراهم يقولون "ثور" ويقول خصومهم "احلبوه" وتدور الدائرة بغير توقف وهكذا وكأنه حوار الطرشان!
الناصريون تيار سياسي..المفترض أنه يعرض نفسه على الشعب المصري والعربي ليقول إن أفكارنا هي الأصلح للنهوض بهذا الوطن..وعليهم صياغة أفكارهم بما يليق بالقرن الحادي والعشرين..ولا نرى بكل أمانة إمكانية ذلك..فالسلفية تصيبهم مثل غيرهم.. والتحجر آفة لا يستطيعون التخلص منها..والاتهامات والاتهامات المضادة مرض غير قابل للشفاء بينهم إلا بمعجزة..وقدرة بعضهم - بعضهم - على تقبل الآخر غير موجودة..بل وغير ممكنة..ومنهم - منهم - من يرى أن كل انفتاح خيانة وكل تعامل مع الآخر عمالة وكل الخصوم حثالة ومرتزقة، وليس هكذا يمكن لا طرح أفكار ولا حكم الناس..!!
ولذا نعتذر لـ"أبو خالد" في يوم رحيله ونقول له نخذلك كل يوم يا جبل الكبرياء..يا من تتصدر صفوف الأوفياء..يحمل أفكارك اليوم بعض الأشقياء..لكن تبقى الناصرية هي الحل..ونحن جميعا المشكلة وبغير استثناء !!