"قرقوشة ودن" السيسي
الخيال المريض لا يصنع مصداقية، ولا يخلق إثباتا حقيقيا، خاصة لو جاء من جماعة لا تعرف الابتكار، ولا التجديد. والأساطير عندهم مسلمات، يتوارثونها بجهل وباجتهاد أبًا عن جد. وهى ميزة لا يشترك فيها سوى جماعة الإخوان، وجماعات بدائية في أقصى أفريقيا ظلت تطارد "الباعوضة" على أنها لعنة.
وخيالهم الخصب الرنان، أقنعهم بأن الذي ذهب للأمم المتحدة لإلقاء كلمة مصر، ليس رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، وإنما بديله من ذهب لإلقاء الخطاب، ووضعوا صورتين على مواقع التواصل الاجتماعى، الأولى للسيسي وهو وزير دفاع، والثانية وهو يلقى كلمة مصر في الأمم المتحدة، وتفتق ذهن الجاهلية عندهم الممتد منذ عقود، أن يعقدوا مقارنة بين الصورتين ليؤكدوا حقيقة يعرفونها هم وحدهم، أن السيسي في الصورة الأولى، ليس هو السيسي في الصورة الثانية، وكان برهان صبيانهم، وغلمانهم أن "أذن" السيسي وبالتحديد كما نطلق عليها "قرقوشة" ودن السيسي في مصر مختلفة عن صورته الحديثة في الأمم المتحدة بنيويورك.
خلقوا فكرة، وأوهموا تابعيهم، بأن الباطل لا يأتيهم، فهم لا ينطقون عن الهوى. كثيرون منهم يصدقون الأمر ويروجون له، باعتباره حقيقة، لا تقبل الجدال أو النقاش، حتى لو بذلت جهدًا في توضيح أن هناك تكنولوجيا بسيطة وبرامج قد تغير من تركيبة وطبيعة أي شخص، فأنت "انقلابى". لا تفرق كثيرا عن العسكر.
أي تشخيص طبيعى لأى مريض سيؤكد أن الجماعة تعانى من مرض جمعى، هو في الأحرى "نفسي"، يصدقون الكذب طالما خرج من جماعتهم، ويكذبون الحقائق طالما أن الأوامر كانت رافضة لها.
قرقوشة ودن السيسي التي نشروها، وصدقوها، أعادت تأكيد أن الجماعة تفتقر لكوادر تصنع خيالا، أو حتى التفكير بشكل مختلف. ابنة الرئيس المعزول محمد مرسي، وعقب إلقاء القبض عليه ومحاكمته، خرجت وصرخت بأن الذي في القفص ليس أباها، وبنفس طريقة "ودن السيسي" وضعت صورتين لأبيها ونشرتهما "اللي في الصورة اللي على اليمين أبي، الشمال مش هو أنا متأكدة. دققوا جيدًا مش هو". وتابعت قائلة: "أنا اخترت صورة فيها نفس التعابير تقريبًا علشان تقدروا تقارنوها، أقوياء الملاحظة هيقدروا يميزوا اللي في القفص مش الرئيس"، وعلى طريقة المثل الشعبى متخفشى من الهبلة خاف من خلفتها، رد أبوها عليها بعد ذلك ليؤكد أن "الذي في القفص هو محمد مرسي أبوكِ الذي في القفص".