كهنة رئيس منتخب
هل يحتاج الرئيس المنتخب انتخابا شعبيا مذهلا إلى كهنة؟ هل يحتاج الرئيس السيسي لمن ينافقونه ويتقربون إليه بأعمال هي في حقيقتها مجرد ديكور يستهدف التقرب إليه لا إلى الوطن؟ هل هو بحاجة إلى سياج من الكهنة يحيطونه يرون له ما لا يرى ويرسمون له خططه وطرق تعاطيه مع الجماهير التي اختارته؟!.
يقول التاريخ، إن طبقات الكهنة كانت متعددة، مِن الكاهن الأكبر إلى كهنة الأعمال الشاقة، وقد كانت كل تلك الطوابير جزءا من شرعية الحاكم ولها أدوار متعددة، أولها عبادة المعبود وليس آخرها إطلاع الناس على المستقبل وعلى المآسى التي ستتعرض لها البلاد وعلى الخيرات القادمة.. باختصار كان بعضهم هيئة أرصاد ورقابة نجوم وكان من بينهم مَن يشرفون على بيت الحياة الملحق بالقصر، وكان بيت الحياة هو بمثابة الجماعة العلمية.
كانت هذه هي الأدوار النبيلة لكهنة صنعوا تاريخا لم يشفع لهم ولم يحل دون تشويههم خاصة وأن الدور الذي تقوم به طبقة الكهنة تغير مع مرور الزمن، فالكاهن قديما كان يستقى شرعيته من عمل حقيقى وفق الظرف الزمنى في حين أن تغير هذا الدور مع العصر الحديث وضع كهنة الفراعنة في موضع الشبهة، ونال منهم وأسقط عليهم ما يفعله كهنة العصر الحديث.
أشعر أن صراعا هزليا تدور وقائعه ليس في مؤسسات بعينها، وإنما تعدى ذلك إلى الأفراد حيث يحاول البعض الاستفراد بالرئيس عبر مشروعات وهمية ومؤتمرات شكلية وندوات سطحية وتصريحات ساذجة، وذلك كله سعيا ليكونوا جزءا من عيون الرئيس يرون له وينصحونه بما هم ليسوا أهلا له، وفى النهاية يكون الانفراد أو الاستفراد به، وهو الأمر الجلل الذي ننبه إلى خطورته على البلاد.
أتصور أن الإسراع في بناء مؤسسة الرئاسة وتكوين الفريق الرئاسى وفق مفاهيم من الشفافية ربما يحول دون تنامى تلك الطبقة التي تحاول إحاطة الرجل بأفكار لا نتصور أبدا أنها أفكار بناءة، فالجهاز الرئاسى لابد وأن يكون تكوينه موافقا لذات الطريقة التي وصل بها السيسي للرئاسة وفق عصر الجماهير التي تختار حاكمها رافضة أن يكون له كهنة.
إن ما نخشاه هو بناء سور بين الرجل والناس كما فعلوا مع مبارك، الذي بدأ عهده بقيادة سيارته بنفسه، وانتهى به المطاف إلى عزله تماما داخل القصور، فلم يستوعب ماذا يحدث في الشارع عندما ثارت عليه الجماهير.