رئيس التحرير
عصام كامل

لا مصداقية لهذا الائتلاف الذي انعقد بجدة


حاول "أوباما" والدول المتورطة في خلق الجماعات التكفيرية التي أتوا بها من بلدان العالم العربية والأوربية ومدها بالسلاح التقليدى والتكنولوجى وبملايين الدولارات، أن يقنعوا العالم بهذا الائتلاف الوهمى الذي أسموه تحالفا من خمسين دولة، كما أعلن أوباما في خطابه في الأمم المتحدة، أنه للأسف لم يحضر هذا الائتلاف غير عشر دول عربية علاوة على تركيا التي رفضت هي ومصر وسلطنة عمان ولندن وباريس وبرلين الاشتراك معهم في ضرب هذه الجماعات التكفيرية سواء في العراق أو في سوريا.


الغريب هنا أن هذه المجموعات المسلحة، كانت على شكل خلايا نائمة تحركها الدول التي مولتها وقتما تريد وفى الوقت المحدد الذي تتراءاه، لذلك نجد النصرة كانت أولى هذه الجماعات التابعة للقاعدة التي عملت بسوريا منذ ثلاث سنوات ونصف ومعها بعض المجموعات الأخرى، ولم تظهر داعش في سوريا إلا في نهاية 2012 من أجل أن تقوم بمحاربة النصرة، وعندما انحرفت عن المسار المطلوب منها، عندها قامت داعش بضرب النصرة وكل الجماعات الأخرى وعلى رأسها الجيش السوري الحر الذي جردته تماما من السلاح والرجال ولم يبقَ له وجود داخل أو خارج سوريا، وهذا ما كانوا يطلقون عليه ( المقاومة المعتدلة ) استولت داعش على كل الأسلحة التي كان يمتلكها هؤلاء التكفيريون في كل المحافظات السورية.

ولما حان الوقت الذي وجدت فيه الولايات المتحدة ضرورة عودتها إلى الشرق الأوسط مرة أخرى بعد هزائمها المتكررة في العراق 2003 وانسحابها منه في 2009 / 2011 وبعد هزيمتها في لبنان على يد الممثل لها ( إسرائيل ) في 2006 وبعد تراجعها في ضرب سوريا أو غزوها في 2012 بعد تدخل روسيا والصين وفك اشتباك الأسلحة الكيميائية التي تمتلكها سوريا وذلك بقبولها تدمير هذه الأسلحة، منيت الولايات المتحدة وإسرائيل بخيبة أمل جديدة في دخولهما الشرق الأوسط، عندئذ كان لزاما على واشنطن تحريك الخلايا النائمة من داعش في العراق وتنصيب رئيس وزراء جديد لكى يدعوها إلى مساعدة العراق في التخلص من داعش التي ما لبثت أن استولت على مدن كبيرة في العراق من أهمها الموصل ونينوى وأربيل.

عندها استجابت واشنطن لنداء القادة الجدد في العراق وجاءوا كما كانوا متأكدين من نجاح مخططهم، ولكن المخطط لم يقف عند هذا الحد، فمثلما نوهت في المقالة السابقة، أن الولايات المتحدة تحمى مصالحها ومصالح تل أبيب، فهى أتت لا لكى تقضى على داعش، ولكن لتبعدها عن المدن الكردية وخاصة ( أربيل ) التي هي مجمع الاقتصاد الأمريكى والأوربي في الشرق الأوسط والتي تريدها عاصمة لها في المستقبل.

هي أتت ليس من أجل عيون الأكراد أو العراقيين وحمايتهم من هذا الخطر الداهم بهم، ولكن من أجل قواعد تريد أن تكون لها بالعراق التي رفضت عند انسحاب القوات الأمريكية من على أراضيها بقاء أي جندى أو أي قواعد لها عندها، علما بأن لها قواعد بالكويت أبقتها بعد انسحابها من العراق و15000 ألف جندى أمريكى.

وبالفعل لها أكثر من عشرين يوما تضرب بقواتها الجوية داعش بالموصل وأربيل وغيرها من المدن العراقية، ولو كانت ترغب حقيقة في محوها لمحتها في أيام قلائل، أليست هي التي غزت العراق في أسبوعين ؟ فهل لا تستطيع أن تقضى على هذه الجماعة في يومين ؟ بالطبع هي لا تريد ذلك ولكن تريدها أن تعمل وفقا لمخططاتها وليس للقضاء عليها.

ولذلك عندما فكرت في العودة لضرب سوريا مرة أخرى لإسقاط النظام والدولة التي لم تستطع إسقاطها منذ 2011، ابتدعت فكرة هذا الائتلاف الذي لم يسفر عن شيء، والتي رفضت إيران الاشتراك فيه رغم كل التوسلات من واشنطن للعمل معها في هذا الائتلاف، وكذلك روسيا التي أعلنت عدم اشتراكها إلا بالطرق القانونية الدولية، وهى العودة للأمم المتحدة وبعد موافقة سوريا، وقد أعلنت الخارجية السورية أنه إذا لم يتم إبلاغها بذلك فسوف تعتبر ذلك تعديا على سيادتها وسوف تتخذ الإجراءات المناسبة في حينه.

لذلك رغم أن واشنطن قالت أكثر من مرة على لسان مسئوليها أنها ستضرب دون مشاركة سوريا، إلا أنها قبل القيام بذلك، أبلغت مبعوثها في مجلس الأمن وكذلك وزير خارجية العراق ليبلغ نظيره السورى، وقد كان، هذا مما دعى روسيا بإرسال بعض مدمراتها إلى ميناء طرطوس واللاذقية كما أرسلت سفينة محملة بأحدث الصواريخ العابرة للقارات إلى سوريا من أجل الحفاظ على أمنها القومى حيث أن حدود روسيا مع سوريا لا تبعد أكثر من ألف كيلو متر فقط، ولأن هذه الحرب أولا وأخيرا هي حرب بين واشنطن وموسكو في كل من سوريا وأوكرانيا خاصة بعد العقوبات التي فرضها كل من الاتحاد الأوربي وواشنطن عليها والتي سوف تعود بالخيبة عليهم نتيجة اقتصادهم الهش الذي يعيشونه من 2009 وحتى اليوم، ولدى موسكو الكثير من العقوبات التي لم تعلنها بعد. 

Dr_hamdy@hotmail.com

الجريدة الرسمية