آخر خطابات «مبارك» في «محاكمة القرن».. اخترت طواعيةً التخلي عن منصبي حقنًا للدماء.. لا أدعي الكمال وأنا بشر أصيب وأخطئ.. أفنيت عمري دفاعًا عن المصريين ولا يمكن أن آمر بقتل المتظاهر
يسدل القضاء الستار اليوم السبت على المشهد قبل الأخير في «محاكمة القرن»، التي يحاكم فيها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ووزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلى، و6 من مساعديه السابقين، بقتل المتظاهرين السلميين خلال أحداث ثورة 25 يناير.
ومن المقرر أن يصدر القاضي محمود الرشيدي حكمه اليوم في القضية التي شغلت الرأي العام محليًا ودوليًا، إما بالبراءة أو الإدانة.
كانت محكمة جنايات شمال القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة استمعت في جلسات نظر إعادة «محاكمة القرن» إلى التعقيب الختامي للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
تحية القضاء
وفى بداية التعقيب قال مبارك:" إنه يتقدم بتحية للمحكمة احتراما وتوقير لقضاء مصر ورجاله، تشهد به المواثيق من قضاء مصر منذ أن تحمل مسئوليته وأنه وقد قاربت المحكمة من حسم القضية يشكر المحكمة على إتاحتها لفرصة له للتحدث دفاعا عن نفسه.
وأكمل أنه "يتحدث باقتناع أن عجلة التاريخ لا ترجع إلى الوراء وأن أحدا لا يستطيع أن يزيف التاريخ، لأنه يعطي كل زي حق حقه مهما كانت محاولة الطمس والتزييف ولا يصح عند الله وعند التاريخ إلا الصحيح".
وقال إنه منذ تركه موقعه تعرض هو وأسرته لحملات ظالمة من الإساءة والظلم والتشهير وتعرضت سنوات حكمه لحملات مماثلة تنتقص من إنجازاته.
وأشار إلى أنه يمثل أمام المحكمة بعد 62 عامًا في خدمة الوطن والإيمان به سنوات طويلة بعدما كان ابنًا للقوات المسلحة ثم نائبًا ثم رئيسًا وخاض كل الحروب منذ 1952 وتولي قيادة القوات الجوية في 1973.
مرواغات إسرائيل
وقال "لم أسع أبدا وراء منصب أو سلطة وتعلمون الظروف التي تحملت فيها مسئولية الرئاسة خلفًا لرئيس اغتالته يد الإرهاب وواجهت تحديات وتصديت لمراوغة إسرائيل في استكمال الانسحاب من سيناء حتى تم عام 1982 ومن طابا عام 1989 واستعدنا آخر شبر من الأراضي المحتلة دون تهاون في حقوق الشعب الفلسطيني".
وتابع "رفضت زيارة إسرائيل طالما بقي الاحتلال، ولم أتردد في دعم المحاصرين في غزة وتصديت لمحاولات تهديد أمن مصر من هذا القطاع وحافظت على السلام ولم أخاطر بأرواح المصريين في مغامرات وحرصت على تطوير القوات المسلحة عتادا وتسليحا وتدريبا لتبقى درع للوطن يحمي أرضه وشعبه وسيادته والسلام".
مواجهة الإرهاب
"كان أمامي منذ اليوم الأول تحدى الإرهاب وخاضت مصر معه مواجهة شرسة وانتصرت في التسعينات والثمينات ضد الإرهاب وستنتصر بإذن الله".
وأكمل حديثه قائلا" كما كان علينا أن نواجه تحد آخر وهو بناء بنية متكاملة واقتصاد منهك القوى والحروب، فتحنا بيوت الرزق لملايين المصريين وحققنا أعلى معدلات النمو وعلى احتياطي للنقد الأجنبي دون تخلي الدولة عن تحقيق العدالة الاجتماعية وواجهنا التحديات وحققنا الإنجازات العديدة رغم الزيادة السكانية وضغطها على الموارد وكل ذلك مسجل وموثق ومتاح ولكن مجال الحديث عنها ليس الآن.
ويشهد الله أنني لم أبال بمحاولات البعض التقليل من دوري وكنت مخلصا تجاه الوطن ولا أبالي بأن يمحى اسمي من على مشروعات وشواهد وغيره طالما بقيت شاهدة على الدور.
البنية الدستورية
وقال للمحكمة "إني أقمت سياسة مصر على التكافل وسعيت لمصر وأمنها القومي على كافة المحاور ولم نكن حليفا مهادنا أو متهاونا في الحفاظ على السيادة واستعدت العلاقات لمقطوعة مع الدول العربية ويشهد مقر الدول العربية وحافظت على السياحة الدولية والأفريقية والأوربية ولم أقبل أي تدخل خارجي أي كان الظروف أو أي تواجد عسكري على أرضها أو مساس بشريان حياتنا نهر النيل، وطورنا البنية الدستورية وإتاحة مساحات غير مسبوقة لحرية الإعلام والصحافة واستهدفت التعديلات توسيع التجربة الديمقراطية والمواطنية ومحذرين من خلط الدين بالسياسة كما حدث في 2011 عندما اخترق المتاجرون بالدين والمتحالفون معهم من الداخل والخارج للقتل والترويع والتخريب والتعدي على الممتلكات واقتحام السجون وإحراق الأقسام.
وتابع "أنه عند علمي أصدرت التعليمات بنزول القوات المسلحة بعد عجز الشرطة بعدما تعرضت له من تآمر المتآمرين وفي إطار الاستجابة للمطالب طرحت خطوات بالانتقال السلمي للسلطة بانتخابات الرئاسة في سبتمبر 2011 وإذاعة في أول فبراير 2011 ولكن من أرادوا الانتكاسة سعوا إلى تأجيج الأوضاع وأوقعوا بين الشعب والقوات المسلحة وبعد تفاقم الأحداث والتأكد من أن الهدف النهائي لهؤلاء هو إسقاط الدولة فقرر طواعية التخلي عنا للرئاسة حقنًا للدماء؛ حفاظًا على الوطن ولكي لا تنجرف مصر لمنزلقات خطرة واخترت بحس وطني أن أسلم الأمانة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ثقة في قدرتها على تخطي الأزمة وقد كان وأنني أقول بكل صد أن الضمير الوطني يملي على إعادة قراءة الأحداث منذ عام 2011 بعدما اكتشف من موقف أطراف عديدية داخل وخارج مصر لازالت تتربص بمصر.
وأكمل "لن أستعرض عطائى لبلادى فعطاء مصر أكبر وسيظل لها الفضل فهي الوطن والملاذ وأرض المحيا والممات وأدافع عن نفسي اليوم ضد الاتهام والتشهير ولا أدعي الكمال فهو لله وحده وتحملت المسئولية بإخلاص وبذلت غاية قدراتي وسيحكم التاريخ على مما لنا وما علينا ومن المؤكد أن التوفيق لم يحالفني في بعض ما اتخذت من قرارات ولم يرتق إلى تطلعات بناء الوطن ولكن كنت أتوخي في كل قرار صالحًا لشعب وبالرغم مما تعرضت له من أساء لا أزال شديد الاعتزاز بما قدمته في خدمة بلادي وشديد الاعتزاز ببني وطني من أيدني أو اعترض على.
قتل المتظاهرين
وأكد أن "محمد حسني مبارك لم يكن ليأمر أبدًا بقتل المتظاهرين وإراقة الدماء وهو من أفنى عمره في الدفاع عن بلاده وأبنائه وأقول أنه قضى حياته مقاتلًا، وهكذا كانت عقيدتي منذ تخرجي من الطيران، ولم أكن لأمر أبدًا بقتل مصري واحد تحت أي ظروف ولم يكن لي أبدا أن آمر بإشاعة الفوضى وحزرت من مخاطرها ولم أصدر أبدًا أمرا بإحداث فراغ أمني ويعلم الجميع أن حافظت على استقرار مصر وأمنها القومي ولا يتقفق أن اتهم باستغلال النفوذ أو الفساد أو التربح فشرفي العسكري وكإنسان لا يسمح لي بذلك وكابن للقوات المسلحة كنت وسأظل أحرص على الشرف العسكري لا أفرط ولا أخون كما أنني ابن من أبناء مصر كنت وسأظل مهما حييت حريصًا على وطني واثقًا أن مصر لن تنسى من سهروا وعملوا من أجلها ولا يزالون ضحية وأنني أثق في عدالة المحكمة وأي كان حكمها سأتقبله بنفس راضية مطمئنة موقنًا بعدل الله الحكم العدل واثقا أن مصر ستنهض لتستعيد أمنها واستقرارها وستواصل بناء نهضتها من جديد بعزة وكرامة، ولعل حديثي إلى المحكمة اليوم هو آخر ما أتحدث به قبل أن يحين الأجل وأوارى في التراب وأنا وقد اقترب عمري من نهايته أحمد الله أني قضيته أحمي الوطني حربًا وسلامنا وأنني بخبرة السنين أقول للمصريين حافظوا على وحدة الوطن والتفوا حول قيادته وانتبهوا مما يحاط من مخططات ومؤامرات فمصر أمانة احموها وامضوا بها للأمام حمى الله مصر ورعاها وحمى شعبها الأصيل".