قنابل السيسي في خطاب الكبرياء !
وكأنها المذكرة التفسيرية للسياسة المصرية في عهدها الجديد..وكأنه يشرح للعالم ويحدد له تفاصيل ما جري وملامح ما سيكون.. ولأن الخطاب وحتى اللحظة محل اهتمام محلي وإقليمي وعالمي..فلن نستطرد في وصفه أو في مدحه كثيرا ولننطلق إلى ملاحظاتنا الموضوعية حوله ويشكل قنابل سياسية فعليه فجرها في نيويورك..قالها في السطور وفي ما بين السطور وإليكم التفاصيل:
شكلا وبالإضافة إلى الكبرياء الكبير في إلقاء الخطاب وتأكيده الدائم على حديثه باسم شعب مصر إلا أنه كان:
- أول رئيس يحي جماهير شعبه التي ذهبت إلى نيويورك لتحيته من كل الولايات المتحدة وعندما يعلم البعض أن بعض الولايات تبعد عدة ساعات عن نيويورك بالطائرة من داخل أمريكا فسوف نعلم كم المعاناة التي عاناها البعض وكأنه ذهب من مصر إلى أوربا مثلا لتحية رئيسه وبما يستحقون تحيتهم أيضا من رئيسهم !
- السيسي يحسم الجدل عن ثورة يناير..أنها ثورة " ضد الفساد وحكم الفرد وطالب بحقه في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية" !
- الربط الذكي المباشر بين ما يجري في مصر من إرهاب وبين ما تعانيه المنطقة من إرهاب أيضا!
- الإرهاب في مصر قديم ومنذ عشرينيات القرن الماضي !! أي منذ تأسيس هذه الجماعة البغيضة المسماة بالإخوان !!
- أن عجلة التنمية في مصر دارت بالفعل وتقدم الآن هديتها للعالم من خلال مشروع قناة السويس.
- أن الحكم الجديد في مصر يقوم على دعائم الدولة الحديثة وهي المواطنة واحترام الدستور واستقلال القضاء والفصل بين السلطات.
عند بداية الحديث عن الأزمات والمشاكل الدولية لم يبدأ بما يهم أمريكا إنما بما يهم مصر..حيث بدأ بليبيا..وهنا نكمل:
- طالب بوقف تهريب السلاح إلى ليبيا والجميع يعرف من هم الذين يدفعون بالسلاح والإرهابيين إلى هناك وخصوصا أنهم أنفسهم من ينقلبون على الديمقراطية في ليبيا وهي الحجة الأمريكية ومزاعمها ضد مصر في الشهور الأولى لثورة يونيو !
- ومن الأقرب جغرافيا إلى الأقرب أيضا..فلم يذهب إلى العراق مباشرة..حجة أمريكا للعودة إلى المنطقة إنما تحدث السيسي عن سوريا..التي أكد كالمعتاد على وحدة أراضيها وشعبها لكنه يؤكد على "ثقته في وضع إطار سياسي" للحل هناك وليس بدعم المعارضة وفي الوقت نفسه بلا مهادنة لـ "الإرهاب".. ولا "لاستنساخ أوضاع تمرد السوريين عليها" وهي رسائل للنظام السوري أيضا ولذلك كان منطقيا أن يختتم الجملة بقوله "دعم مصر لتطلعات الشعب السوري في حياة آمنة" !
- عن العراق..وهنا وللمرة الأولى ولمرة واحدة يذكر السيسي كلمة "داعش" لأنه يريد أن يقول إنها ذريعة وصناعة أمريكية لكنه أيضا يقدم الحل في مواجهتها وهو دعم الحكومة العراقية لاستعادة الأراضي من الإرهابيين..لماذا؟ ليس لتقسيم العراق وإنما "للحفاظ على وحدة الأراضي العراقية" وكأن السيسي يتحدث عن المخطط الشيطاني الذي يجري هناك!
- وعن فلسطين..فهي أم المشاكل والأزمات العربية والشرق أوسطية وبقاؤها بلا حل يؤدي إلى تداعيات خطيره..وهو يقصد الإرهاب ويقصد أيضا ما قاله صراحة بقوله: "إن اِستمرار حرمان شعب فلسطين من حقوقه، يوفر مدخلًا لاستغلال قضيته لتأجيج أزمات أخرى، ولتحقيق البعض لأغراض خفية، واختلاق المحاور التي تفـتِت النسيج العربى، وفرض الوصاية على الفلسطينيين، بزعم تحقيق تطلعاتهم" وبالتالي يصيب حماس بغمزات تكاد تكون صريحة وينولها من الخطاب جانب هي وتركيا !
ويعود السيسي إلى الداخل المصري ليؤكد:
- أن الدولة المصرية القوية ليس جديدا عليها محاربة الإرهاب وإنها قادرة على استمرار اجتثاثه من جذوره !! وهو ما يؤكد استمرار المواجهة مع الإخوان أو إعلانهم لاستسلامهم !
- وتبقي أهم العبارات التي تقطع صلة مصر الجديدة بسنوات حكمها الأخير حين قال: " مؤكدًا أن شعب مصر بعد ثورتيه، بات المصدر الوحيد لما نتخذه من سياسات داخلية وخارجية، في إطار سعينا لتحقيق الاستقرار والتنمية.. تلك هي مصر التي اِستعادت ثقتها بنفسها" !
- يبقي تأكيد السيسي ورغم اعتزازه بانتماء مصر للحضارة الفرعونية إلا أنه أكد صراحة على هوية مصر العربية وجذورها الأفريقية وبما يؤكد إعلانه للمجال الحيوي للأمن القومي المصري !
والخلاصة: مصر تمضي في طريقها ولن يوقفها أحد وأن مصر في عداء مع الإرهاب و"للقوي الإقليمية التي تفسح له الطريق" ولذلك..تجاهل السيسي تماما أي ذكر للتحالف الدولي ضد الإرهاب ورتب أولويات بلاده وأن أي قرار لها في أي شىء هو قرار شعبها وحده..ووحده فقط !