رئيس التحرير
عصام كامل

من يدفع ثمن داعش؟


كل من عاصر سنوات الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي "زمان"، والولايات المتحدة الأمريكية يعرف أنها لم تكن حربا باردة إلا بينهما لكنها كانت حربا ساخنة في ميادين أخرى لا يلتقيان فيها وجها لوجه.. ابتداء من الحرب الكورية عام 1950 ثم حرب فيتنام عام 1958 مرورا بحرب 1967 بين مصر وإسرائيل حتى انتهت إلى حرب أفغانستان عام 1979 التي انتهت بهزيمة الاتحاد السوفيتي ثم انهياره السريع.

ما يهمني هو حرب أفغانستان. استعانت فيها الولايات المتحدة بابن لادن وطالبان ومولتهما ودفعت إلى أفغانستان بالمقاتلين الذين كان يتم تدريبهم في مصر والذين عرفوا بعد ذلك بالعائدين من أفغانستان وساهموا في حرب البوسنة وعاد بعضهم إلى مصر. 

تهمني هذه الحرب الأخيرة لأن الولايات المتحدة فيها كانت راعية المقاومة للاحتلال السوفيتي وهؤلاء هم أنفسهم الإرهابيون بعد ذلك الذين حولوا وجههم إلى الولايات المتحدة نفسها وأحدثوا تفجيرات سبتمبر عام 2001 في نيويورك.

بعد أن انفجر ربيع الثورات العربية نجحت الثورات في تونس ومصر وليبيا واليمن في إزاحة رءوس الأنظمة الحاكمة وتعثرت الثورة في سوريا.. بدأها ثوار تأثروا بما جري في البلاد الأخري لكن قوة نظام البعث عطلت قدرتهم فلم تجد الولايات المتحدة أمامها إلا الدفع بقوي الإرهاب. شجعت جبهة النصرة التي هي امتداد لطالبان يقودها من بعيد أيمن الظواهري ثم شجعت داعش وشجعتها في العراق أيضا.. لم تستفد من الدرس القديم. لا أظن. هناك شيء لم يظهر بعد سأشير إليه في نهاية المقال.. المهم أن داعش خرجت عما هو مرسوم لها في سوريا وامتدت بسرعة في العراق وأعلنت الخلافة في دولة العراق والشام خاصة أن الطريق مفتوح بين ما سيطرت عليه من شمال العراق وما سيطرت عليه من شرق وشمال سوريا.

وكما يفعل الإرهاب دائما أظهرت داعش طمعها في البلاد العربية الخليجية القريبة ومنها السعودية التي كانت تشجعها في سوريا. انتهى الأمر باستشراء الخطر وتوحشه وخروجه عما هو مرسوم له.. من هنا بدأ تدخل الولايات المتحدة من جديد ضد داعش. احتاجت لذلك غطاء من الدول العربية وجدته في عشر دول اجتمعوا في جدة بالسعودية.

إذًا، ستبدأ الولايات المتحدة التوسع في ضرب داعش. ورغم أن العراق يريد ذلك ويوافق عليه إلا أن سوريا اعتبرت ذلك تدخلا في شأنها وهذا صحيح. الآن ستواجه أمريكا داعش بغطاء عربي ولا يعرف أحد دور العرب. هل سيكون لوجستيا فقط يعني إمداد الطائرات الأمريكية بما تريد والسماح لها بالحركة في أي مكان أم سيكون اشتراكا فعليا بجيوش عربية.

مصر دخلت في المسألة ولم يصرح أحد بالدور المناط بها. وسواء تم استدراج مصر وتوريطها في الحرب أم لا؛ فالسؤال هو هل حقا تريد أمريكا القضاء على داعش، وهل ستستطيع ؟ أم أن ذلك مقدمة لتواجد أمريكي رسمي وعلني في الشرق العربي كله وإدارته على هواها. ليس الأمر كما يقول البعض تضييقا على الإخوان المسلمين فالتضييق على الإخوان يتم من الشعوب الآن.. ولكن دخول الجميع في طاعة أمريكا تمهيدا لعصر جديد لا تكون فيه قوة غير إسرائيل.. أمريكا لم تساعد داعش هدرا لكن لتدخل يوما المعركة ضدها لحماية العالم العربي شكلا ولتحقيق ما تريد إسرائيل مضمونا.
ibrahimabdelmeguid @hotmail.com
الجريدة الرسمية