رئيس التحرير
عصام كامل

مصائب قوم عند قوم فوائد


أنا مشفق على الرئيس السيسي.. فالتركة ثقيلة والمشكلات متراكمة والأزمات مستحكمة.. صحيح أن المؤسسة العسكرية بكل قدراتها وطاقاتها تقف وراءه، وصحيح أيضا أن مشروع القناة الجديدة فكرة عبقرية وأن تنمية محور قناة السويس سوف يعود بالخير على مصر، لكن الحال في مصر بشكل عام لا يسر عدوا ولا حبيبا..

المجتمع في وضع لا يحسد عليه، وكأنما "حطت" عنده كل المصائب رحالها في وقت واحد.. الملاحظ أنه لم يعد أحد يطيق أحدا..الناس تكاد تمزق ملابس وسير وضمائر بعضها.. فصائل العنف والاغتيال والإرهاب والفوضى لا تريد لمصر أن تشهد استقرارا.. وكذلك أمريكا ومن دار في فلكها.. 

في هذا الجو الملبد، بين الأمل والإحباط، بين الصفاء والكدر، يقول العالمون ببواطن الأمور - وما أكثرهم - إن البلد في الظروف الراهنة لا يتحمل إجراء انتخابات مجلس النواب المقبل، فالانتخابات من شأنها أن تشعل أجواء من الاضطرابات قد لا يمكن السيطرة عليها، والمشرحة كما يقولون "مش ناقصة قتلى"..المهم أن أمريكا وتابعيها، يلحون على مصر، بمناسبة ودون مناسبة، أن تستكمل مسارها الديمقراطي، أي إنها تستعجل - بحرص زائد لا تحسد عليه - إجراء انتخابات مجلس النواب.. 

ورغم أن الطلب والإلحاح عليه - مع خباثته - لا أحد يستطيع أن يعترض عليه، لكنه يجعلنا نتساءل: منذ متى وأمريكا راعية الاستبداد في عالمنا، وصاحبة المعايير المزدوجة، والداعم القوى والمؤيد - حتى النهاية - للعدو الصهيونى في جرائمه ومجازره، فضلا عن تاريخها الوحشى والبربرى في أفغانستان والعراق؟ أقول منذ متى وهى تهتم باستكمال المسارات الديمقراطية؟! لكن أمريكا ومن دار في فلكها لا يخجلون ولا يستحون، وفى الحديث "إذا لم تستح فافعل ما شئت"..عموما، واضح أن القصد هو محاولة إحراج مصر، أو بالأحرى الرئيس السيسي.

على الطرف الآخر، يهمس بعض الخبثاء أن الرئيس السيسي لا يريد إجراء انتخابات المجلس هذا العام ولا العام الذي يليه، وأن يتم ترحيلها إلى نهاية مدته الأولى، أي بعد ٤ سنوات.. وفى هذه الفترة يكون قد انتهى من فصائل العنف والاغتيال والإرهاب والفوضى من ناحية، ويكون قد أحرز شيئا ذا قيمة بشأن المشكلة الاقتصادية ومسار التنمية من ناحية ثانية، ولكى يخلو له الجو في أن ينفرد بالتشريع، حيث إن المجلس المقبل له صلاحيات واسعة وغير مسبوقة، وقد تشكل عائقا أمام الرجل في أن ينطلق نحو تحقيق أهدافه من ناحية ثالثة.. ثم، وهذا هو الأهم، ألا يحاسبه أو يسائله أحد من ناحية رابعة.. والرئيس السيسي بذكائه لا يتكلم في هذا الأمر، ويبدو أنه يدفع من خلال بعض المريدين، سياسيين وإعلاميين، في اتجاه التأجيل، ويذهب بعض الخبثاء إلى أن بعضا ممن يهاجمون التأجيل يفعلون ذلك من باب الإيهام بأن هناك من يؤيد ومن يعارض(!)

حزب الوفد، وأحزاب أخرى، تريد تأجيل الانتخابات إلى العام المقبل ريثما يتغير القانون الحالى، بدعوى أنه يمهد الطريق، وفق أغلبية النظام الفردى، أمام الحزب الوطنى والإخوان لتحقيق نسبة "معقولة" في مجلس النواب المقبل، إذ إن كلا الطرفين مستعد بما لديه من مال وماكينة انتخابية للسيطرة عليه، خاصة أن بعض الأحزاب ذات الصلة بالإخوان انسحبت، صوريا، مما يسمى بالتحالف الوطنى لدعم "الشرعية"، كى تتمكن من خوض الانتخابات، وكى تكون معبرا وبوابة خلفية لترشح وجوه إخوانية غير معروفة..
الجريدة الرسمية