مُنشق إخواني بالعسل!
لو كان الراحل العظيم (صلاح جاهين) عالمًا بما سيحدُث بعد رحيله بسنوات طوال، لأدخل تعديلًا هامًا على كلمات أغنيته الشهيرة (يا واد يا تقيل) التي غنّتها الرائعة (سُعاد حُسنى) في فيلمها الشهير (خلّى بالك من زوزو)!
كنت أتوقع أن يكون التعديل على غرار: ما تقولشى أمين شُرطة اسم الله واللا مُنشَق إخوانى.. بدلًا من المقولة القديمة في الأغنية ذاتها: ما تقولشى أمين شُرطة اسم الله واللا دبلوماسى، أيامها كان الدبلوماسى ده شخص مُهم، ذا حيثية ونفوذ، الآن أصبح الإخوانى المُنشق أكثر أهمية، تجرى وراءه الصحف والقنوات، تُتابع أخباره بنهم وشراهة، تنقل لنا كُل شاردة وواردة ونَفَس وريح يتفضل بإخراجه سرًا أو علنًا!
الانشقاق الإخوانى قد يكون خالصًا لوجه الله تعالى، مع توبة نصوحة بالتطهُّر من هذه الوصمة الإرهابية، وقد يكون سياسيًا ذا أغراض إخوانية مغموسة في الخداع كما اعتدنا منهم دائمًا، ويمكن يكون موضة بتأكَّل عيش، تُعلن انشقاقك عن جماعة فاشلة، انتهت تاريخيًا وحاضرًا ومستقبلًا، وتاكُل عيش في الفعل المُضارع، وتفِت براحتك في الوجبات المسبوقة بسوفَ كمان!
يعنى شوف حضرتك عيّنة من أخبار تغطية نشاطات الإخوان المنشقين إياهم: الإخوانى المُنشق فلان الفلانى بيشكر وزارة الكهربا علشان النور معادشى بيقطع كتير زى الأول (سم في العسل)، المُنشق الإخوانى علان العلاَّنى يُصرِّح بأنه مش لاقى بنزين (سم في السم)، إخوانى مُنشق اشترى موبايل سامسونج الجديد (يا عسسسل)، منشق إخوانى يؤكد أن ساندوتشات الطعمية من غير سلطة طحينة، أحسن من مثيلتها اللى من غير سلطة طماطم (بيض في السم.. سم في الساندوتش ياكشى نخلص)..
الغريب إن الإعلام عندنا يجرى وراهم ويطاردهم، وينشُر أخبارهم في المواقع والصحف والفضائيات، ويلهث خلف استضافتهم وتصريحاتهم، ما هو برضو عندنا مشكلة إعلامية إن المنافذ كتيرة، وكُل منفذ عايز يشتغل، وينشُر أخبار جديدة على مدى الدقيقة مش الساعة، وبالتالى لازم أي هيافة تتنشر، منشق إخوانى زعل من سواق التاكسى علشان مخدش باله من مطب صناعى، وهو أصلًا عنده بواسير فوجعته جامد (طب ما يجرَّب العسل)، منشق تانى راح يسوّى دقنه عند الحلاق، فحَفّ منها شوية زيادة، وغير له اللوك غصب عنه (شكله غلط واستعمل عسل أسود)، منشق إخوانى يروى على حلقات متلفزة طوال شهر رمضان عن حكاياته ومغامراته ومواقفه الشديدة مع المُرشد اللى مشافوش غير مرَّة واحدة طول حياته في التليفزيون (ياختى عسل)!
حكاية المُنشقين الإخوان دى، حاجة كده زى الناشط السياسي، وزى الفعاليات، وزى المش عارف إيه على الأرض، وزى حق الشهدا، وزى اللى مش إخوان بس بيحترمهم، وزى الفصيل السياسي، وزى التطهير، وزى يمين طلاق بالتلاتة حَق الاعتصام مكفول، كُلها مصطلحات الموضة اللى أبهرت الإعلام من أيام ثورة يناير، فقرفنا بيها لحَد ما كرّهنا في الكلام، والمشكلة إنك تيجى تدوَّر على مضمون متلاقيش، كُله كلام في كلام، ولت في هلس وخلاص، وتلاقى الأخبار من عيّنة: تحالف الإخوان المُنشقين مش داخل البرلمان، يا عم في داهية أحسن، خير وبركة، والمركب اللى تودى، خلصنا؟ لأ طبعًا.. بعدها بساعة إلا ربع: تحالف المنشقين عن الإخوان داخل على انتخابات البرلمان، وقدامه عشرين كيلو يا دوب، يا وقعة سودا، يا داهية دُقى، طيب نروح نعزّى، واللا نستنى اللى يعزّى فينا إحنا شخصيًا؟ واللا نشغّل (عدوية) ونرقص معاه وهو بيغنى: حبة فوق وحبة تحت!
طيب ماذا بعد؟ وإزاى نحافظ على نسل ووجود المنشقين الإخوان؟ وهل يتزوج المنشق الإخوانى من منشقة إخوانية، علشان يخلّفوا منشقين مقطقطين؟ حاجة كده زى (صبحى صالح) لما كان بينصح الإخوانى الصرف يتجوز إخوانية صرفة علشان يحافظوا على دمهم الزفر ويخلفوا عيال جلفة، قصدى صرفة، واللا ممكن نعمل جامعات ومدارس، يتخرَّج منها الطفل أو الشاب العادى، وقد تحوَّل لمنشق إخوانى مُحترف، يمتهن هذه المهنة، زيها زى مهنة المُدرس والدكتور والمُهندس والمُحامى؟ كُل دى مشاكل عاوزة دراسة وتخطيط من الدولة، فمن الواضح إن المهنة دى مفيدة اقتصاديًا جدا لصاحبها، ولازم يتم استغلالها إيجابيًا وإعلاميًا وسياسيًا كيلا تُضر بموازنة الدولة؛ لأن الإقلاع عنها أكيد هيضاعف نسبة البطالة في بلدنا، وحضرتك عارف إن الإيد البطَّالة نجسة، وإحنا مش ناقصين بصراحة!