رئيس التحرير
عصام كامل

من يمول «داعش» القصة الكاملة!... التمويل الذي حصل عليه التنظيم مرّ بمصارف أوربية وتركية متنوعة.. يحوّل المال من بعض دول الخليج.. والتنظيم يبيع برميل النفط لتركيا بـ 100 دولار فقط

تنظيم داعش - صورة
تنظيم داعش - صورة ارشيفية

منذ تشكيل التحالف الدولي للقضاء على "داعش" كثُر الحديث عن تجفيف المنابع المادية والعسكرية للتنظيم الإرهابي الأخطر حول العالم، حتى أن البعض اعتبر توقف الدول المنضمة للتحالف عن دعم التنظيم تجفيف يمهد لضربه في سوريا والعراق. 

التنظيم الذي يسيطر على مناطق واسعة في بلاد الشام ساهمت معطيات مهمة في تكبيره وتنشيطه. فمن أين جمعت "داعش" كل هذا الأموال؟ ومن هي الدول الداعمة له؟.


التمويل
"كل التمويل لداعش يمر في لعبة المصارف"، بهذه العبارة يستهل المصدر الدبلوماسي العربي رفيع المستوى حديثه، بحسب ما ذكر موقع "العهد" الإخباري، ويوضح "إن كل التمويل الذي حصل عليه التنظيم، إما من الدول العربية أو الغربية، مرّ بمصارف أوربية وتركية متنوعة".

ويشرح المصدر كيف كان يحوّل المال من بعض دول الخليج إلى داعش"، ويقول: "جمع مال من متبرعين وأصحاب مؤسسات ضخمة وأخرى صرفتها حكومات بعض الدول العربية في مصارف بالمملكة العربية السعودية، لحساب متمول سعودي عنده حسابات في المصارف الأوربية. ومن ثم أنشئت شركات وهمية في دول أوربية وفتحت حسابات لها في المصارف، أبرزها في العاصمة البريطانية لندن".

بعدها، يتابع المصدر الرفيع المستوى، أن المتموّل السعودي نقل تلك الأموال من مصارف الرياض إلى مصرف في لندن، بذريعة شراكة مؤسساتية بينه وبين شريك بريطاني. وعندما جمعت الأموال في بريطانيا، انشئت شركة وهمية أخرى في تركيا، ودخلت في شراكة مع الشريك البريطاني".

وأكمل المصدر حديثه لـ "العهد"، بالقول "وبعد عدة أسابيع نقلت الأموال عبر دفعات من حسابات الشريك البريطاني إلى حسابات الشركات التركية، التي بدورها أعادت تسليمها إلى متمول تركي، فنشرها في عدد من المصارف التركية. رجل الأعمال التركي تولى بدوره، وبغطاء من الحكومة، توزيع هذه الأموال على تجار وأصحاب مصالح لنقلها إلى قيادات "داعش" على الحدود".

ويختم المصدر كلامه حول هذه الفكرة بالقول "هكذا نقل المال السعودي إلى داعش، فالعملية المصرفية تصبح أكثر تعقيدًا وأصعب كشفًا عندما تنتقل من يد إلى أخرى، فقصة الدعم أشبه بالمثل الشعبي من "هالك لمالك لقباض الأرواح!".

وحول منابع التنظيم المادية، يكشف المصدر أن هناك دعمًا ماليًا غربيًا كان يصل ايضًا للتنظيم وذلك عبر العملية المصرفية ذاتها، لكن "بزواريب" أخرى، حسب تعبيره. ويوضح أن الأموال كانت تمر بمصارف في أوربا أو أميركا إلى منطقة "أربيل" في العراق، ويعاد توزيعها على قيادات في "داعش".


على الهامش
قام عدد من مشيخات السعودية المعروفين بتطرفهم ودعمهم للجماعات التكفيرية ومنها "داعش" بالطلب من الإدارة السعودية ومن الملك تحديدًا بتخصيص جزء من عائدات الحج والعمرة والمراسم الدينية في المملكة لدعم "داعش" وعوائل قتلاهم، تحت اسم "المشاركة في الجهاد لتحل البركة والرحمة على أراضي المملكة!".


السلاح الأسود
من جهة ثانية، يؤكد المصدر الرفيع المستوى أن "داعش" الذي استولى على أراض واسعة في سورية والعراق، يسيطر على أكثر من 11 حقلا نفطيا في البلدين، حيث يقوم باستخراج النفط مستعينًا بأصحاب كفاءات، عن طريق نقله (النفط) عبر شاحنات إلى "الأسواق السوداء" في الأردن وتركيا والعراق.

ويستشهد المصدر بتقارير كشفت عنها وسائل إعلام أميركية نقلًا عن الإدارة في واشنطن بأن "داعش" بات يجني يوميًا أكثر من 3 ملايين دولار جراء مبيعات النفط، ما يجعله من أغنى المنظمات الإرهابية في التاريخ.

وفي إشارة لافتة، يؤكد المصدر أن التنظيم الإرهابي يجني الكثير من الأموال من خلال عمليات السرقة (الغنائم كما يسميها)، والمتاجرة بالناس كخطف الرهائن ومطالبته بالفدية".


من يستمر بدعم "داعش"؟
المصدر الرفيع المستوى، لا يستغرب تصرفات الدول التي قدمت الدعم لداعش بأنها بدأت تبدي تخوفها وقلقها من خطر التنظيم. وإذ يشبه الصورة بتربية الوحش الصغير الذي إذا كبر افترس مربيه، يرى أن تلك الدول التي تدعي اليوم محاربتها للتنظيم، لا تزال تموله "من تحت الطاولة" خوفًا من أن يعلن الحرب عليها".

ويضيف في هذا الصدد أن هذه الدول وإن أوقفت دفع المال لداعش، إلا أنها لم توقف تسهيل تمرير الإرهابيين، أو ضبط تحرك عناصر التنظيم في أراضيها. فتركيا، بحسب المصدر "تعد اليوم من أكثر الدول رأفةً بداعش، فهي لا تحافظ على علاقة طيبة مع التنظيم تخوفًا من غزوتها أو إعلان الحرب عليها، بل لأنها أكبر المستفيدين من وجوده بجوارها".



ويتحدث المصدر كيف تستفيد تركيا من وجود "داعش"، مشيرًا إلى أن سعر برميل النفط الذي يبيعه التنظيم يتراوح ما بين 25 و60 دولارًا للبرميل الواحد، ويصل أحيانًا إلى الأتراك بـ 15 دولار، في حين أن سعر النفط في الأسواق العالمية يقارب الـ 100 دولار للبرميل الواحد.

من جهة ثانية، يرى المصدر أن الدعم اللوجيستي الذي تقدمه تركيا لـ "داعش" مؤثر جدًا على قوة التنظيم. ويقول " إن رئيس تركيا الحالي ورئيس الوزراء التركي السابق رجب طيب اردوغان فتح لداعش الباب لدخولهم الاراضي التركية وشراء كل مستلزماتها".

ويكشف المصدر أن الحكومة التركية، ساهمت في نقل وشراء أكثر من 200 آلية بين عسكرية ومدنية، وأعطتهم لداعش تسهيلًا لحركتهم على الحدود مع دمشق. ويضيف أنها (الحكومة التركية) جهزت للتنظيم الإرهابي معامل ومصانع لتصليح الآليات، ومعامل أخرى لتصليح المعدات العسكرية خصوصًا تلك الثقيلة التي سرقها التنظيم خلال معاركه مع الفصائل المسلحة الأخرى في سوريا أو من الجيش العراقي خلال هجومه على الموصل.

وهنا يخلص المصدر الدبلوماسي العربي الرفيع المستوى، في إطار حديثه لموقع "العهد" الإخباري إلى أنه "لا يمكن الحد أو القضاء على "داعش" ما دامت هناك دول مصرة على تسهيل للتنظيم تحركه ومده بالدعم. فداعش اشبه بـ "حريق" لا يمكن إطفاؤه بالماء والبنزين معًا، ولا يمكن تركه يستعر في ظل العواصف التي تهب بالمنطقة".
الجريدة الرسمية