"مافيش تفاهم"!
ما الدروس المستفادة من أحداث ميسورى الأمريكية؟ الإجابة: أن هناك شيئا اسمه دولة.. وأن هناك ما اسمه: "سلطة الدولة ".
مجلس ولاية ميسورى الأسبوع الماضى، طلب من قوات الأمن مواجهة عنف التظاهرات بالحسم والسلاح. قفز المتظاهرون على مجلس الولاية، وأشعلوا فيه النار. خرج أعضاء مجلس الولاية وطلبوا الحرس الوطنى.. وما أدراك الحرس الوطنى؟
في إحدى طرقات السفارة الأمريكية بالقاهرة استوقفنى أحدهم مرة.. لم أصل لملامح وجهه من ارتفاعه. قال ديبلوماسى أمريكى "نسميهم ديد ميتر.. أو ترمومتر الموت".
اعتبر مجلس ولاية ميسورى أن التجاوزات الأمنية في حق المواطنين لا تبرر الفوضى. قال التحقيقات جارية فيما يتعلق بالتجاوزات، لكن ما يحدث من المتظاهرين ردا على مقتل الشاب الأسود فوضى. لم يظهر لحقوقيين صوت.. ولا نط في المشهد أعضاء منظمات مجتمع مدنى، قالك بس وقف يا جدع.. اوعى ياسيدى.. إيه اللى بتعمله ده يا عم ؟
لما نزل الحرس الوطنى شوارع مدينة فيرجسون..علق أفراده على ظهورهم عبارة "أنا رجل القانون". وفى الولايات المتحدة، عندما تأتى كلمة القانون.. يتوقف كل شىء.. وينزوى كل شخص، ويختفى كل حقوقى.للحرس الوطنى في الولايات المتحدة، بموجب الدستور سلطات واسعة لفرض هيبة الدولة، واستعادة النظام العام. يرد أفراده على أية تجاوزات، تحت أي مسمى بالحزم.. والرصاص.
قال أعضاء في مجلس الولاية إن هناك من يدعم التظاهرات من خارج الولاية.. فمنع الحرس الوطنى الخروج والدخول إلى الولاية. قالوا إن هناك سلاحا في بعض منازل السود، فمنع الحرس الوطنى مواطنى فيرجسون من النزول للشوارع ولو "بقصافات أظافر".. أو " بيرة " في عبوات زجاجية !
ماذا تعنى عبارة "أنا رجل القانون" ؟. تعنى أن للدولة وجها واحدًا. وأن لسلطتها وجها وحيدًا. وأن استعادة هيبة الدولة في الأزمات الكبرى، يأتى في المقام الأول.. قبل مناقشة أي تداعيات أو طرح حلول لأية مشكلات.
لدى فقهاء القانون في القاهرة وواشنطن أن القواعد القانونية "أمرة"، لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، لا بالتراضى ولا بحكم الظروف. ولدى فقهاء القانون في القاهرة وواشنطن أيضا، أن الدولة قد تأتى أولا قبل المواطن.. وأن هيبة الدولة، قد تتصدر المرتبة الأولى أحيانا.. حفاظا على مبادئ النظام العام.. والأمن العام.. والسلم العام.. والاستقرار العام.
مفاهيم الحريات بين القاهرة وواشنطن هي التي تختلف. وأفكار الحقوقيين بين القاهرة وواشنطن هي التي تتباين. ففى القاهرة، شد وجذب منذ فترة على قانون الجمعيات الأهلية الجديد. تصاعد الخلاف بين الحكومة والحقوقيين مستمر. في مشروع القانون الجديد، ألزمت الحكومة المنظمات الحقوقية، بالإفصاح عن مصادر تمويلها من الداخل والخارج. يرفض الحقوقيون القانون الجديد، ومؤخرا اتهموا الحكومة بالديكتاتورية. قالوا إنه لا يجوز لحقوقى الإفصاح عن مصادر دخله، ولا من أين تأتى منظماته بالتمويل.
لدى بعضهم أن الحقوقي لا يأتيه الباطل من بين يده ولا من خلفه. بينما لدى أصحاب الفكر السليم أن رقابة الدولة على المنظمات الأهلية من صلب اختصاصها.. حفظا لهيبتها، وأمنها القومى. مؤخرًا طالب حقوقيون بطرح قانون الجمعيات الأهلي لحوار مجتمعى. حوار مجتمعى يعنى: نتفاهم. لو في دولة ديمقراطية مثل الولايات المتحدة، كانت ردت الحكومة: في مثل تلك الأمور.. مافيش تفاهم. لكن حكومة محلب.. ربما تطرح قانون الجمعيات الأهلية الجديد لحوار مجتمعى.. للتفاهم !
غريبة حكومة محلب !