رئيس التحرير
عصام كامل

أبو سعدة: قرارات "عبد العزيز" فضحت المخطط الإخواني لتغيير هوية مصر

فيتو

  • 80 % من موارد صندوق التنمية الثقافية من وزارة الآثار
  • ورير الثقافة الأسبق مجهول ولا يملك أي رؤية
  • الجماعة خططت لغزو "قصور الثقافة"
  • أخطط لإنشاء 10 مكتبات سنويا كما كان يحدث في السابق
  • أتمنى أن يعلن التليفزيون عن أنشطة وفعاليات الصندوق المجانية
  • فصل الثقافة عن الآثار أثر سلبيا على الوزارتين
  • اعتصام المثقفين كان الشرارة الأولى لثورة 30 يونيو
  • 48 مليون جنيه ميزانية صندوق التنمية الثقافية عام 2014/ 2015
  • 80 % من ميزانية الجمعيات الأهلية الثقافية تعتمد على دعم الدولة
  • الإعلام يتجاهل تغطية الأنشطة الثقافية
  • 90 % من أنشطة الصندوق مجانية ودعم "الفن ميدان" ماديا ولوجيستيا
  • مشروع "اقرأ" يحل إشكالية تسويق الكتاب
  • الصندوق بصدد إطلاق الـ "Book Bank" قريبا

25 عاما قضاها بين جدران وزارة الثقافة - صندوق التنمية الثقافية - منذ نشأته في 1989، دخل بابه وهو مهندس وتدرج في العمل الوظيفي إلى أن أصبح مدير إدارة الشئون الهندسية، ومدير صندوق إنقاذ آثار النوبة ورئيس جهاز التنسيق الحضاري.

المهندس محمد أبو سعدة، رئيس صندوق التنمية الثقافية، الرجل الأقوى في وزارة الثقافة كما يطلق عليه البعض، يتحدث في حوار لـ"فيتو" عن إنجازات الصندوق طوال 25 عاما والمشاكل التي يواجهها، ولماذا طلب إعفاءه من رئاسة قطاع مكتب وزير الثقافة الإخواني.. 

•  بالعودة إلى مايو 2013 ودخول الإخوان وزارة الثقافة.. طلبت إعفاءك من رئاسة قطاع مكتب الوزير دون إبداء الأسباب.. فلماذا؟
بعد تولي علاء عبد العزيز الوزير الإخواني الوزارة، فوجئت ببعض القرارات التي اتخذها آنذاك التي تفتقد لعنصر المهنية، كإقالة عدد ليس بقليل من قيادات الثقافة والتعامل معهم برؤية غير منطقية وغير محسوبة.

ومن المفترض أن يكون رئيس قطاع مكتب الوزير متبنيا لرؤية الوزير ويعمل وفق إستراتيجياته، فانتظرت لمدة أسبوع ولم يجتمع علاء عبد العزيز بقيادات الوزارة كما هو متعارف عليه، ولم يعرض عبد العزيز أي خطط أو سياسات وفكر نستشرف منها طبيعة تلك المرحلة الجديدة، وهنا استشعرت بأن وزارة الثقافة تدخل في طريق مجهول ونفق مظلم، وآثرت ألا أشارك في السياسات العامة لأنها غير واضحة المعالم من البداية، وعدت بالفعل إلى بيتي – صندوق التنمية الثقافية - فكل قرار سأتخذه فيه أنا من يتحمل مسئوليته وتبعاته، وبالفعل طلبت من الوزير إعفائي من منصبي.

•وكيف رأيت "علاء عبد العزيز" كوزير للثقافة؟
علاء عبد العزيز كان مجهولا بالنسبة لي ولكافة القيادات لا أحد يعرفه، فكل الأسماء التي طرحت لتولي مناصب ثقافية خلال السنوات الماضية كانت معروفه من خلال أعمالهم ومشاركتهم في العمل الثقافي العام، واختياره كان غريبا ومن الصعب أن يحقق أي أهداف حقيقية لتقدم وزارة الثقافة، لدرجة أن هناك أساتذة ودكاترة في أكاديمية الفنون لم يكونوا يعرفونه على الإطلاق.

• وكيف ترى خطايا الإخوان في القطاع الثقافي؟
الثقافة كانت أسعد حظا من الوزارات الأخرى، لأنها أول ما استشعرت بخطر جماعة الإخوان انتفضت بسرعة، ولم تنتظر حتى يتوغل بداخلها أعضاء من الجماعة الإرهابية، والانتفاضة أتت من العاملين في الحقل الثقافي ليس فقط العاملين داخل الوزارة وإنما من المتعاملين معها والمثقفين والفنانين بشكل عام، فوزارة الثقافة من الوزارات الصعب اقتيادها والسيطرة عليها لما فيها من تنوع فكري، واختلاف في الرؤى، فإذا كان من يجلس على رأسها لا يدرك ولا يلم بهذا التنوع الفكري وحرية الإبداع وأهمية الفنون والذوق العام، فهذه كارثة حقيقية لروح الثقافة ذاتها، وحينما استشعر المثقفون بالخطر تصدوا له بكل جرأة، وأعتقد أن اعتصامهم كان الشرارة الأولى لثورة 30 يونيو، أيضا القرارات ونوعية القيادات التي اختارها علاء عبد العزيز لتحل محل قيادات القطاعات والهيئات كالأوبرا والمجلس الأعلى للثقافة والفنون التشكيلية وهيئة الكتاب ودار الكتب والوثائق القومية التي أقالها من مناصبها كانت تشير إلى أن هناك كارثة ستتعرض لها الوزارة، فجميع القرارات التي اتخذها الوزير الإخوانى في تلك الفترة – التي لم تكن طويلة – أفصحت عن خطة الإخوان لتدمير الثقافة المصرية وتغيير الهوية الثقافية والحضارية، حيث خطط الإخوان لغزو قصور الثقافة على مستوى المحافظات للسيطرة على العقل المصري ونشر الفكر الإرهابي بها ضمن مشروع "الأخونة"، وهو ما رصده بعض قيادات الهيئة ولم يستجيبوا له.

•  وما هي أنشطة ومهام قطاع صندوق التنمية الثقافية؟
يحتفل صندوق التنمية الثقافية هذا العام بمرور 25 عاما على إنشائه في 1989، فالصندوق هو الدينامو والمحرك الرئيسي لوزارة الثقافة، فإنجازاته واضحة في كل المجالات سواء في المهرجانات المحلية والدولية، فإذا لم يكن ينظمها فيكون المانح والداعم لها على المستوى المالي، وأيضا على مستوى الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني والمبدعين، والمعارض والفعاليات الفنية الدولية مثل سمبوزيوم أسوان للنحت ومهرجان الأقصر، أيضا للصندوق نشاط كبير في إعادة توظيف واستخدام المباني التراثية والتاريخية إلى مراكز إبداع، بخلاف دعم البنية الأساسية في معظم قطاعات وزارة الثقافة كدعم المسرح القومي ودار كتب باب الخلق وترميم العديد من المسارح على مستوى الجمهورية.

فالصندوق يقدم الدعم المالي في حالة وجود عجز في ميزانيات القطاعات المختلفة، بالإضافة إلى تبني مشروع إنشاء المكتبات في القرى والنجوع المحرومة من الثقافة، حيث أنشأ الصندوق 100 مكتبة على مستوى الجمهورية، بالإضافة إلى تسويق منتجات الحرف التراثية والتقليدية، وتطوير أكاديمية الفنون بروما، فالصندوق متشعب في أدائه في تنفيد الخطط الثقافية وإدارة بعض المنشآت الثقافية التابعة له.

•  في 2013 كان الصندوق يعاني من أزمة مالية كبيرة.. فهل عادت نسبة الـ 10% من وزارة الآثار؟
نسبة الـ 10% هي أكبر جزء في موارد الصندوق، بالإضافة إلى حصيلة تسويق إصدارات المجلس الأعلى للثقافة، و50% من موارد المسارح التابعة للبيت الفني للمسرح، وبالطبع لا، فمنذ 2011 وحتى الوقت الحالي لم نحصل على دعم الـ10%، والدكتور جابر عصفور طرح ذلك وتمت الموافقة على تحصيلها من وزارة الآثار؛ لأنه قرار جمهوري محدد منذ إنشاء الصندوق، ولذلك من الضرورى أن تعمل الوزارتان في إطار واحد متكامل، وعملية الفصل بينهما كان لها تأثير سلبى كبير على الطرفين، وبغض النظر عن المسميات الوزارية لابد أن يعملا في منظومة تجمعهما.

•  وماذا عن ميزانية الصندوق لعامي 2014/ 2015؟
الميزانية الإجمالية لصندوق التنمية الثقافية هذا العام تقريبا 48 مليون جنيه، وهذا مبلغ غير كاف، فلدى الصندوق مشروعات قائمة لم ينته منها بعد، ومنها مشروع تطوير قصر عائشة فهمي، أيضا لدينا مجموعة من المكتبات التي يتم تنفيذها في شمال وجنوب سيناء وأسوان والمنيا، بالإضافة إلى أن الصندوق لديه التزامات تجاه المهرجانات والفعاليات ومنها سمبوزيوم أسوان للنحت الدولي في دورته الـ20 هذا العام، الذي أنشأنا له متحفا لوضعه على الخريطة السياحية، فالصندوق يعاني من عجز في الميزانية، ولكن بدأنا البحث عن مصادر تمويل أخرى من خلال المشاركة في معارض دولية لبيع المنتجات الخاصة بمركز الحرف التقليدية، فنعمل الآن على جعل الصناعات الثقافية تشكل جزءا من الاقتصاد الدولي من حيث الاهتمام بالحرف وتسويقها خارجيا، ونشارك أيضا في تسويق إصدارات الكتب في المعارض الدولية، وتسويق الأفلام التسجيلية وإنتاج المركز القومي للسينما على القنوات الفضائية فيما يخص التسجيلية والوثائقية حيث يكون لها حق البث نظير مقابل مادي.

ولكن كل هذه المصادر لا تغطي تكاليف المشروعات والالتزامات المالية المعني بها الصندوق، فـ 80% من مواردنا كانت من وزارة الآثار، و20% دخل الصندوق ما تحدثنا عنه.

•  بصفتك المشرف على بروتوكول التعاون بين وزارتي الثقافة والاتصالات فيما يخص رقمنة المحتوى الثقافي.. فما الإجراءات التي اتخذت حتى الآن؟
الاتفاقية بين الثقافة والاتصالات مشروع ضخم، حيث يضم المشروع شقين، الأول أن يكون لدينا أرشيف قومي يجمع كل ما هو متاح لدى وزارة الثقافة ويوضع على شبكة الإنترنت، فعملية تحويل الوثائق والمخطوطات والأرشيف الموسيقي والمسرحي، فعملية تحويل كل هذه الميديا من صورتها الأنالوج إلى الديجيتال تحتاج إلى وقت ليس بقليل.

وبدأنا بالفعل في تنفيذ المشروع، وحاليا تم إعداد كراسة لطرحها على الشركات لعمل البنية الخاصة بالموقع الإلكتروني، وكيفية نشر الوسائط الثقافية المختلفة، وحمايتها، وما الذي يتم إتاحته للاطلاع فقط، أو التحميل، وكيفية استثمار المشروع محليا ودوليا، ودراسات الجدوى الخاصة بالعائد الاقتصادي للمشروع.

أما الشق الثاني خاص بعمل صفحة تفاعلية تتبع وزارة الثقافة، تعرض كل أنشطة وزارة الثقافة على مستوى الجمهورية، بالإضافة إلى العروض التفاعلية، حيث تبث العروض المسرحية والأوبرالية والمعارض التشكيلية والمتاحف على تلك الصفحة، فيستطيع من يعيش في أسوان أن يراها في نفس لحظة عرضها وكأنه موجود بالفعل فيها.

•  وماذا عن ميزانية المشروع ومدته؟
أولا مدة المشروع خمس سنوات قابلة للزيادة، وميزانية المشروع تقدر بنحو 40 مليون جنيه، بالتعاون مناصفة بين وزارة الثقافة ووزارة الاتصالات.

•  وإلى أي مدى يتعاون صندوق الجمعيات والمؤسسات الثقافية الخاصة وكيف يدعمها؟
من ضمن مهام الصندوق دعم الجمعيات الأهلية في كافة الأنشطة الثقافية سواء السينما والفنون التشكيلية والمسرح، مثل نادي القصة والجمعية الأهلية التي تنظم مهرجان الأقصر للسينما الأوربية وغيرها، فأي نشاط خاص بالجمعيات له مردود ثقافي نحن نشارك فيه، فنحن مؤمنون بأن الدولة مع المجتمع المدني ضلعان مهمان في الحركة الثقافية، ولكن مازلنا حتى اللحظة لا نملك الجمعيات الأهلية التي تصبح داعمة أو تعمل بجانب نشاط الوزارة، فأغلب الجمعيات تعتمد ميزانيتها بنسبة 80% على الدولة.

•  وهل يتدخل الصندوق في سياسات الجمعيات التي يدعمها؟
الصندوق له مجلس إدارة يعرض عليه المشروع المقدم من أي جمعية أو مؤسسة ثقافية طالبة للدعم، والمجلس ينظر فيه، كدعم استديو المواهب والمسرح الجامعي الذي طرح فكرته المخرج خالد جلال، وحينما استشعرنا بخطر على الخط العربي أنشأنا خانا ببيت السحيمي لتعليمه حيث يتم تنظيم أول ملتقى للخط العربي في يناير المقبل.

والصندوق لا يتدخل في سياسات الجمعيات الثقافية على الإطلاق مقابل الحصول على الدعم، ولكن إذا كان المشروع الذي تقدمه تلك الجمعية ضمن اهتمامات وزارة الثقافة ورسالة الصندوق نقدم الدعم، والدعم لا يكون بالضرورة أموال نقدية للجهات، ولكن ربما يكون أعمالا نقدمها لهم كطباعة المطبوعات أو أعمال ينفذها الصندوق، ففي النهاية جميعها تشكل قيما مالية.

ولكن الجمعيات التي كنت أدعمها قبل 2011 لا أستطيع الآن دعمها بسبب العجز في الميزانية، فالصندوق كان ينشئ سنويا 10 مكتبات على مستوى المحافظات، اليوم أنفذ اثنين فقط، الأولوية الآن للمشروعات التي لم تنته بعد وملتزمة بتعاقدات مع جهات أخرى.

•  بصفتك رئيس قلب وزارة الثقافة.. كيف ترى مشكلة "الفن ميدان" وهل قدم الصندوق دعما لهم؟
الصندوق يقدم الدعم للفن ميدان على مدى سنواته سواء ماديا أو غير ذلك، فقد تم استضافته من قبل في شارع المعز وبيت السحيمي، بالإضافة إلى أن الصندوق قدم دعما ماليا بالفعل للفن ميدان في آخر فعالياته في أغسطس الماضي، وطرحت من قبل على إدارة الفن ميدان أن الصندوق على استعداد لاستضافة فعالياته داخل مراكز الإبداع التابعة له، ولكنهم كانوا متمسكين بميدان عابدين لأنه اكتسب شعبية كبيرة ومرتبط بالثورة، فقررنا دعمهم ماليا فقط، وأتمنى استمرارها فلها جمهور غير عادي.

•  لازال البعض يرى أن البيوت الثقافية مازالت تسكن الحواري.. فهل إدارة التسويق نقطة ضعف للصندوق؟
إدارة التسويق ليست نقطة ضعف بالمعنى الحرفي ولكنها تحتاج إلى تطوير، فإذا نظرنا إلى تقارير الصندوق عن نسب المشاركة في الحفلات وورش الإبداع التي تتم في مراكز الإبداع، سنجد أن الإقبال غير عادي، وأعتقد أن المشكلة في الأساس خاصة بالإعلام حيث إنه لا يهتم بتغطية الأنشطة بشكل كاف وتسليط الضوء عليها، فإمكانيات الصندوق لا تتيح له أن يعمل إعلانات مدفوعة الأجر، وأتمنى أن يعلن التليفزيون عن أنشطة وفعاليات الصندوق المجانية التي تمثل 90%، أيضا الورش التي نقدمها تكون باشتراك رمزي.

ولدى الصندوق مشكلة في تسويق الكتب والإصدارات؛ حيث نعمل الآن من خلال مشروع "اقرأ" على تخطيها بإنشاء منافذ بيع في جميع الجامعات المصرية، أيضا لدينا مشروع آخر وتم عرضه على وزير الثقافة وهو الـ "بوك بنك Book Bank" هو عبارة عن طرح مجموعة من الصناديق المصممة بطريقة معينة في مناطق محددة وتم اختيارها في القاهرة والجيزة والإسكندرية بالتنسيق مع المحافظات والأحياء، حيث يتبرع الجمهور بالكتب والإصدارات التي لا يحتاجون إليها وإعادتها إلى الصندوق كل خمسة عشر يوما، ثم يقوم الصندوق بإعادة توزيعها على المناطق المحرومة ثقافيا، وهذا المشروع منفذ في كثير من الدول الأوربية، وحاليا بأفريقيا برعاية الأمم المتحدة.

•  وما هي المشروعات التي تتمنى تحقيقها خلال رئاستك لصندوق التنمية؟
حققت مشروعا وهو تثبيت العاملين من عقود مؤقتة إلى دائمة، فالعقد المؤقت يفرض على صاحبه شروطا مجحفة لا يتطور إداريا ووظيفيا وهذا صعب للغاية، وهذا تغيير جذري في التركيبة الإدارية للصندوق، أتمنى أن أستطيع إنشاء 10 مكتبات سنويا كالسابق، وتسويق الصناعات الثقافية وبالأخص الحرف التقليدية بحيث تمثل دخلا للصندوق يغطي مصروفاته، والوصول إلى الأقاليم والنجوع المهمشة.
الجريدة الرسمية