رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. «كواليس» مفاوضات كامب ديفيد.. بدأت بقرار مجلس الأمن رقم 338 بوقف إطلاق النار بين الطرفين.. «شاوشيسكو»: مناحم بيجن يريد السلام.. وفدان مصري وإسرائيلي يعقدان لقاءًا سريًا بر

فيتو


أدت حرب السادس من أكتوبر 1973، وعدم التطبيق الكامل لبنود القرار رقم «338»، والنتائج غير المثمرة لسياسة المحادثات المكوكية التي انتهجتها الخارجية الأمريكية، والتي كانت عبارة عن استعمال جهة ثالثة «الولايات المتحدة» كوسيط بين جهتين غير راغبتين بالحديث المباشر، والتي كانت متمثلة بالعرب، وإسرائيل، أدت هذه العوامل إلى تعثر وتوقف شبه كامل في محادثات السلام.


ومهدت النتائج الطريق إلى نشوء قناعة لدى الإدارة الأمريكية المتمثلة في الرئيس الأمريكي آنذاك «جيمي كارتر» بأن الحوار الثنائي عن طريق وسيط لن يغير من الواقع السياسي لمنطقة الشرق الأوسط، وحدثت في إسرائيل تغييرات سياسية داخلية حيث فاز حزب «الليكود» في الانتخابات الإسرائيلية في 1977، وكان يمثل تيارًا أقرب إلى الوسط، وكان لا يعارض فكرة انسحاب إسرائيل من سيناء، ولكنه كان رافضًا لفكرة الانسحاب من الضفة الغربية.

بوادر السلام
وعلى الجانب الآخر بدأ الرئيس محمد أنور السادات، تدريجيًا يقتنع بعدم جدوى القرار رقم «338»، بسبب عدم وجود اتفاق كامل لوجهات النظر بينه وبين الموقف الذي تبناه حافظ الأسد، والذي كان أكثر تشددًا من ناحية القبول بالجلوس على طاولة المفاوضات مع إسرائيل بصورة مباشرة.

واستنادًا إلى حديث الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، مع الإعلامى عماد أديب عام 2005 أن السادات اتخذ قرار زيارة إسرائيل بعد تفكير عميق حيث قام بزيارة السعودية وإيران ورومانيا قبل زيارته لإسرائيل، وصرح الرئيس الراحل السادات فى خطابه أمام مجلس الشعب بأنه «مستعد أن يذهب إليهم فى إسرائيل»، وزار أيضًا سوريا قبل أن يذهب لزيارة إسرائيل ولكن حدثت مشادة كبيرة بينه وبين الرئيس السوري لاعتراضه على الزيارة، واستنادًا أيضا إلى إبراهيم نافع رئيس مجلس إدارة، رئيس تحرير الأهرام الأسبق أن الرئيس الرومانى نيكولاي شاوشيسكو قال «بإن مناحم بيجن بلا شك صهيوني وصهيوني جدا‏،‏ ولكنه رجل سلام‏،‏ لأنه يعرف ماهي الحرب‏،‏ ولكنه أيضا‏ يريد أن يترك اسمه علامة في تاريخ الشعب اليهودي».‏
 

سبقت زيارة «السادات»، إلى القدس مجموعة من الاتصالات السرية، حيث تم إعداد لقاء سرى جمع بين مصر وإسرائيل في المغرب تحت رعاية الملك حسين الثانى، التقى فى هذا اللقاء كلاً من حسن التهامي نائب رئيس الوزراء، برئاسة الجمهورية وموشي ديان وزير الخارجية الإسرائيلى، وفى أعقاب تلك الخطوة التمهيدية زار السادات عدد من الدول من بينها رومانيا، وتحدث مع رئيسها تشاوشيسكو بشأن مدى جدية «بيجن»، ورغبته في السلام، فأكد له شاوشيسكو أن بيجن رجل قوي وراغب في تحقيق السلام.

وفي الجلسة الشهيرة لمجلس الشعب عام 1977 أعلن فيها «السادات» عن استعداده للذهاب إلى للقدس بل والكنيست الإسرائيلي، وقال: «ستُدهش إسرائيل عندما تسمعني أقول الآن أمامكم إنني مستعد أن أذهب إلى بيتهم، إلى الكنيست ذاته ومناقشتهم».
 
وانهالت عاصفة من التصفيق من أعضاء المجلس، ولم يكن هذا الهتاف يعني أنهم يعتقدون أنه يريد الذهاب فعلًا إلى القدس.

زيارة إسرائيل
بعد تأكيد «السادات» في خطابه الشهير أمام الكنيست الإسرائيلي في 20 نوفمبر 1977 على أن فكرة السلام بين مصر وإسرائيل ليست جديدة وأنه يستهدف السلام الشامل، ودعا السادات «بيجن» لزيارة مصر وقتها، وعقد مؤتمر قمة فى الإسماعيلية وبدأ يتكلم «بيجن» عن حق إسرائيل فى الاحتفاظ بالأراضي المحتلة.

وبعد الاجتماع الذي عقد بالإسماعيلية بشهر واحد اجتمعت اللجنة السياسية من وزراء خارجية مصر وإسرائيل والولايات المتحدة في القدس، شرعت إسرائيل خلال انعقاد تلك اللجنة في بناء مستوطنات جديدة بسيناء، لاستخدامها كورقة مساومة على مصر، لم يكن «بيجن» مستعدًا لقبول تنازلات، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي «موشى ديان»: «إنه من الأفضل لإسرائيل أن تفشل مبادرة السلام على أن تفقد إسرائيل مقومات أمنها».

وعرض الجانب الإسرائيلي على مصر ترك إدارة قطاع غزة مقابل تعهد بعدم اتخاذها منطلقًا للأعمال الفدائية، وكان هدفهم من ذلك عدم إثارة موضوع الضفة الغربية، شعر السادات أن الإسرائيليين يماطلونه؛ فألقى خطابًا في يوليو 1978 قال فيه: إن «بيجن» يرفض إعادة الأراضي التي سرقها إلا إذا استولى على جزء منها كما يفعل لصوص الماشية في مصر.

بداية مفاوضات كامب ديفيد
وصل الوفدان المصري والإسرائيلي إلى كامب ديفيد يوم 5 سبتمبر عام 1978 واستمرت المحادثات إلى 12 يومًا حول ثلاث مواضيع أساسية وهي
الضفة الغربية وقطاع غزة: استند هذا المحور على أهمية مشاركة مصر وإسرائيل والأردن وممثلين عن الشعب الفلسطيني في المفاوضات حول حل هذه القضية التي اقترحت الولايات المتحدة إجراءات انتقالية لمدة 5 سنوات لغرض منح الحكم الذاتي الكامل لهاتين المنطقتين وانسحاب إسرائيل الكامل بعد إجراء انتخابات شعبية في المنطقتين ونص الاقتراح أيضا على تحديد آلية الانتخابات من قبل مصر وإسرائيل والأردن على أن يتواجد فلسطينيون في وفدي مصر والأردن.

حسب الاقتراحات في هذا المحور كان على إسرائيل بعد الانتخابات المقترحة أن تحدد في فترة 5 سنوات مصير قطاع غزة والضفة الغربية من ناحية علاقة هذين الكيانين مع إسرائيل والدول المجاورة الأخرى.

علاقات مصر وإسرائيل: استند هذا المحور على أهمية الوصول إلى قنوات اتصال دائمة من ناحية الحوار بين مصر وإسرائيل وعدم اللجوء إلى العنف لحسم النزاعات واقترحت الولايات المتحدة فترة 3 أشهر لوصول الجانبين إلى اتفاقية سلام.

علاقة إسرائيل مع الدول العربية: حسب المقترح الأمريكي كان على إسرائيل العمل على إبرام اتفاقيات سلام مشابهة مع لبنان وسوريا والأردن بحيث تؤدي في النهاية إلى اعترافات متبادلة وتعاون اقتصادي في المستقبل

توقيع الاتفاقية
كان الموقف الإسرائيلي متصلبًا متشددًا يرفض التنازل، وهو ما جعل «السادات» يعلن لمرافقيه أنه قرر الانسحاب من كامب ديفيد، فنصحه وزير الخارجية الأمريكي «سايروس فانس» أن يلتقي بكارتر على انفراد، واجتمع الرئيسان نصف ساعة.
ثم تم توقيع الاتفاقية بين مصر وإسرائيل فى 17 سبتمبر 1978.
الجريدة الرسمية