«الجيش العراقي» رابع أقوى الجيوش العالمية في عهد «صدام» ينهار.. أمريكا حلته بعد سقوط النظام.. ضعفه يهدد بفشل التحالف الدولي ضد «داعش».. والأكراد يسيطرون على مناطق متنازع
كان الجيش العراقي في وقت من الأوقات مصدر فخر لكل عربي، لأنه كان يقارن بأعظم القوى العسكرية في العالم، بل وكان يشكل تهديدا عليها، وبعد الاجتياح الأمريكى للعراق وسقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين، وحل الجيش العراقي، انقلب السحر على الساحر واصطدمت الولايات المتحدة الأمريكية بضعف الجيش العراقي، والذي بات يهددها بالفشل في حربها ضد تنظيم «داعش»، والذي يبلغ قوام جنوده على أقصى التقديرات 30 ألف مقاتل.
"بداية تكوين أقوى الجيوش"
مع وصول صدام حسين إلى هرم السلطة في العراق عام 1979 وقيام الثورة الإسلامية في إيران بقيادة "خميني"، بدأ الاصطدام مع النظام الإيراني الجديد حيث توالت الاعتداءات الإيرانية على القرى والمخافر الحدودية العراقية، وازداد التدخل الإيراني في الشئون العراقية، ما أدى إلى إعلان العراق إلغاء اتفاقية الجزائر المبرمة سنة 1975، وبعدها بدأ الرد العراقي حيث دخلت القوات العراقية الأراضي الإيرانية.
وخلال حرب استمرت 8 سنوات كان الجيش العراقي بلغ ذورة قواته وبلغت أعداد الأفراد فيه مليون فرد كرابع أكبر جيش في العالم من حيث عدد الأفراد وكان يتشكل من 50 فرقة للقوات البرية.
الجيش العراقي كان رابع أقوى جيش في العالم، وكان في المرتبة الأولى "الاتحاد السوفيتى والثانية أمريكا، والمرتبة الثالثة بريطانيا، والرابعة العراق، والخامسة فرنسا".
هذا الترتيب عام 1989م وبقى الجيش العراقي يحتل هذه المرتبة حتى عام 1991م.
"تسليح جيش صدام"
وكان الجيش العراقي يملك صواريخ بعيدة المدى تصنيع عراقي مثل صواريخ الحسين والعباس والصمود، بالإضافة إلى صواريخ أخرى سوفييتية وفرنسية وصينية، كما كان العراق يصنع منظومة الدفاع الجوي "الفداء والنداء"، بالإضافة إلى أنظمة الدفاع الجوية السوفييتية والفرنسية التي كان يملكها العراق، كما امتلك العراق ثاني أقوى بحرية عراقية في الخليج وامتلك بارجات متطورة للغاية سوفييتية وإيطاليا وماليزية.
كما تشكل خلال هذه الفترة قوات الحرس الجمهوري وهي إحدى أهم وحدات القوات المسلحة العراقية، وكانت تشكل عنصر الهجوم الرئيسي للجيش والقوة الضاربة للجيش العراقي.
"اجتياح العراق وحل الجيش"
وفي أعقاب اجتياح العراق في 2003 حل الأمريكيون جيش صدام حسين، والذي كان تعداده وقتها 450 ألف جندي، وتم تشكيل قوة جديدة تشمل حاليا نحو 200 ألف عسكري للحفاظ على الأمن بعد انسحاب القوات الأمريكية، لكن العراقيين لطالما اشتكوا من نقص المعدات والتدريب.
"المالكي أفسد الجيش"
وأفاد الخبير في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية "انتوني كوردسمان"، لوكالة الأنباء الفرنسية، أن الجيش العراقي لم يكن "جاهزا للقتال أواخر 2011" عند انسحاب الولايات المتحدة من العراق.
واعتبر أن رئيس الوزراء السابق الشيعي نوري المالكي، أضعف الجيش وأفسده عبر تحويله مخلصا لشخصه، ما حرم الجيش الفدرالي من دعم الأقلية السنية.
وأكد المحلل المتخصص في تقييم المخاطر لدى مجموعة "أيه أي كاي جون دريك"، أنه "بين 2011 ومطلع 2014 لم يتلق الجنود تدريبا كافيا ولم يحصلوا إلا على خبرة قتالية ضعيفة".
وتابع: "أمضى غالبيتهم الوقت على الحواجز وتفتيش الآليات وليس في محاربة المتمردين على الأرض".
"فشل التحالف ضد داعش"
وتهدد نقاط الضعف لدى الجيش العراقي التي برزت في أثناء الهجوم الكاسح لما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، في يونيو الماضي، شمال بغداد، بفشل الائتلاف الدولي الساعي إلى القضاء على المتطرفين الإسلاميين، فالولايات المتحدة التي تعمل على تشكيل تحالف دولي لـ"تدمير" التنظيم المتطرف، لن ترسل قوات ميدانية وتعتمد على الجيش العراقي لمقاتلة الإسلاميين، علما بأن واشنطن ستكثف الغارات التي تستهدفهم.
وفي إطار هذه الإستراتيجية قررت واشنطن "إعادة بناء" الجيش العراقي، حيث ستزوده الولايات المتحدة ودول أخرى في الائتلاف بالمعدات والتدريب ووسائل الاستخبارات العسكرية.
"ميلشيات شيعية"
وفي الأشهر الأخيرة بدا جليا عجز الجيش عن وقف تقدم الإسلاميين المتطرفين، فبعد خسارة مدينة الفلوجة مطلع العام ومناطق أخرى غرب بغداد تخلى الجنود العراقيون عن مواقعهم أمام هجوم تنظيم الدولة الإسلامية في يونيو شمال العاصمة.
ومنذ بدء الغارات الجوية الأمريكية في مطلع أغسطس الماضي، كانت استعادة الجيش السيطرة على بعض المناطق بطيئة، كما أنها نتيجة معارك خاضتها وحدات نخبة مدعومة من ميليشيات شيعية وقوات البشمركة الكردية في الشمال والعشائر السنية في الغرب.
ويعزى التقدم النسبي الذي سجلته قوات الأمن العراقية مؤخرا إلى الدعم الكبير الذي تلقته من الميليشيات الشيعية، المعروفة بعنفها في السنوات الأخيرة ضد السنة، كما كان بعضها يقاتل القوات الأمريكية قبل أعوام خلت.
وقال إيهم كامل، مدير فرع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة يوريجيا: "على المدى القصير، ستكون جميع الهجمات، أيا كان شكلها، بدعم ميليشيات أو متطوعين شيعة تحت قيادة الجيش العراقي" طبقا لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
لكنه اعتبر أن تعزيز المساعدات الأمريكية للجيش سيقلص تدريجيا من الحاجة إلى هذا الدعم.
في غضون ذلك، من شأن استمرار الاعتماد على المقاتلين الشيعة إبعاد الأقلية السنية التي يعتبر دعمها للجيش محوريا إن أراد استعادة السيطرة على المناطق التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية حيث الغالبية من العرب السنة.
واستغلت الجماعات الإسلامية المتشددة على غرار تنظيم الدولة الإسلامية، المعارضة القوية للحكومة لدى السنة لتطوير قدراتها في الأعوام الأخيرة، بالتالي تمكنت من تجنيد العناصر والتحرك بسهولة أكبر بحسب خبراء.
ولاستعادة ثقة السنة، اقترح رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي إنشاء قوة "حرس وطني" تجيز للمحافظات بالدفاع عن نفسها عبر قوة تم تشكيلها محليا.
كما قد تطرح المشاكل المزمنة بين العرب والأكراد مسألة التنسيق بين الجيش العراقي وقوات البشمركة.
"سيطرة الأكراد"
واغتنم المقاتلون الأكراد تشرذم الجيش العراقي للسيطرة على مناطق متنازع عليها مع الحكومة الفيدرالية، ويسعى الأكراد حاليا إلى ضم هذه المناطق إلى إقليمهم، الأمر الذي ترفضه بغداد.