وداعا شيخ الجيولوجيين المصريين
رحل عن عالمنا يوم 8 فبراير 2013 عن عمر يناهز الـ 93 عاما أستاذنا العظيم العالم الكبير الأستاذ الدكتور رشدى سعيد تاركا ثروة هائلة من الإنجازات العلمية والفكرية يفتخر بها كل مصرى وطنى، فهو ينتمى إلى جيل من العلماء الكبار الذين جمعوا بين احترام العلم وتقديس الوطن، ترعرع فى ظل أجواء النهضة الوطنية وتشبّع من المدرسة الليبرالية المصرية، اقترب من مصطفى مشرفة واستمع إلى طه حسين ورفاقه وصادق سلامة موسى الذى ودعه إلى المركب الذى حمله لجامعة زيورخ عام 1945 لينتقل بعدها إلى جامعة هارفارد عام 1948 ليعود منها حاملا أول دكتوراه لمصرى من هذه الجامعة العريقة عام 1951، ولهذا كان رشدى سعيد ذا عقل علمى جبار وثقافة واسعة مشبعة بالوطنية المصرية الصادقة وبأجواء نهضة مصر الليبرالية المنفتحة على الغرب.
ورشدى سعيد الذى تحدث عنه العلماء والمثقفون ووصفوه بأنه"جيولوجى القرن العشرين"، و" أبوالنيل"، و"شيخ الجيولوجيين"، و"عاشق الصحراء"، و"أبوالجيولوجيا المصرية"، أنا أعتقد أنه أهم جيولوجى مصرى ظهر فى تاريخ مصر الطويل الممتد لسبعة آلاف عام، ورغم هذا لم تكرمه مصر منذ عام 1962 حيث منحه عبدالناصر وقتها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وكما كتب محمد حسنين هيكل فى تقديم كتابه (الحقيقة والوهم فى الواقع المصرى) "إن رشدى سعيد رجل تسعى إليه جامعات الدنيا وتستضيفه محافلها، لكن وطنه بشكل ما لم يسمعه بالقدر الكافى، وهو رجل مطلوب فى كل مكان ولكن وطنه لم يستدعه للخدمة العامة إلا لفترة قصيرة فى منتصف الستينات وأوائل السبعينات، ثم أزاحته أجواء السياسة عن مواقع التفكير والتنفيذ لكى يحتضنه هؤلاء الذين عرفوا قدره فى خارج وطنه لسوء الحظ"، ويرى الأستاذ هيكل أنه لولا الحساسية الدينية لصار رئيسا لوزراء مصر( الحساسية أم العنصرية والتعصب؟!!) على كل الأحوال لقد كرم العالم "جامعة تكساس" عام 1983، و"جامعة برلين" عام 1986، و"الجمعية الجغرافية الأمريكية عامى 1989، 2003".