رئيس التحرير
عصام كامل

الشتاء القادم في أوكرانيا بلا تدفئة.. روسيا تستخدم الغاز كأداة ضغط على كييف.. الصناعة الأوكرانية تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 75%.. موسكو تخشى انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي

 شبه جزيرة القرم
شبه جزيرة القرم - صورة ارشيفية

مع تفاقم الأزمة الأوكرانية وإعلان روسيا قرارها التدخل عسكريا في شبه جزيرة القرم، ورد كييف بإعلان حالة الاستنفار في صفوف جيشها، جاء الضغط الاقتصادي بوصفه إحدى الأوراق المهمة التي من الممكن لروسيا أن تلوح بها بقوة، في وقت يشكل الغاز الطبيعي أحد العناصر المهمة في هذا الضغط.


شتاء بارد
وأعلن وزير الطاقة الأوكراني يوري برودان أمس الجمعة أن "الحكومة قد تضطر هذا الشتاء إلى اتخاذ تدابير غير شعبية على صعيد الاقتصاد إذا لم تستأنف روسيا تسليم الغاز إلى بلاده".

وأوقفت مجموعة "غازبروم" الروسية تزويد أوكرانيا بالغاز في يونيو الماضى على خلفية مطالبتها كييف بتسديد متأخرات تصل قيمتها إلى 2 مليار دولار.

واستوردت أوكرانيا العام الماضى نصف استهلاكها من الغاز من روسيا وهي تحاول تعويض النقص في الغاز الروسي عبر الالتفات إلى حلفائها الأوروبيين.

وقال وزير الطاقة خلال مؤتمر دولي في كييف: "أعتقد أننا نستطيع تجاوز الخريف والشتاء، لكن علينا تبني إجراءات غير شعبية يلحظ بعضها تقليص استهلاك الطاقة"، متهمًا روسيا بـ"استخدام الغاز كأداة سياسية".

ودعت المفوضية الأوربية وزيري الطاقة الروسي والأوكراني إلى اجتماع جديد يناقش موضوع تسليم الغاز الروسي إلى أوكرانيا وذلك في العشرين من سبتمبر ببرلين، وفق ما أعلنت ناطقة باسم المفوض الأوربي للطاقة جونتر أوتينجر.

أهمية الغاز الروسى
الغاز الروسي من الأوراق المؤثرة في العلاقات بين روسيا وأوكرانيا، وهو عصب حساس بالنسبة لكييف، لأن الكثير من الصناعات الأوكرانية تعتمد على الغاز الروسي خاصة السماد واستخراج وتنقية المعادن.

وبالرغم من أن أوكرانيا لديها مخزونات من الغاز لكن الغاز الأوكراني منخفض السعرات بمعنى أن كل 1500 إلى 2000 متر مكعب من الغاز الأوكراني يعادل ألف متر مكعب من الغاز الروسي.

ويستخدم الغاز الأوكراني لتدفئة المنازل في حين يستخدم الغاز الروسي في الصناعة، والتي تعتمد عليه بنسبة 50% إلى 75% تقريبا.

وفي حال انقطاع الغاز الروسي فإن ذلك سيساهم في انهيار قطاعات صناعية عديدة وسيضر بالاقتصاد الأوكراني الذي يوشك على الانهيار.

رفع أسعار الغاز
وفى شهر يونيو الماضى تراجعت موسكو عن منح أوكرانيا سعرا مخفضا للغاز الأمر الذي سيرفع ثمنه من 380 دولارا إلى 480 دولارا لكل ألف متر مكعب، وهو أحد أعلى الأسعار التي تبيع به روسيا غازها الطبيعي للدول الأوربية.

وأضاف وزير الطاقة الأوكراني لوري برودان لوكالة أنترفاكس، أن بلاده لن تتجاوز سعر 387 دولارا لكل ألف متر مكعب، قائلا "إذا رفع الروس السعر أكثر من ذلك فما عليهم سوى مقاضاتنا".

أزمة سابقة
بدأت الأزمة بين الدولتين الروسية والاوكرانية منذ العام 2005، وإمتنعت أوكرانيا عن دفع 7 مليارات دولار في 7 أكتوبر من كل عام بحسب الاتفاق بين شركة نافتوغاز الأوكرانية وغازبروم الروسية.

في العام 2009، قامت روسيا وأوكرانيا بتوقيع عقد بين الشركتين الوطنيتين غازبروم الروسية ونافتوغاز الأوكرانية وضع حدًا لأزمة امتدت بين العام 2006 و2009 وتطورت إلى قطع الإمدادات إلى أوربا بعدما اتهمت أوكرانيا بسرقة الغاز الروسي.

وبحسب هذا العقد، تُسلّم روسيا سنويًا 52 مليار متر مكعب من الغاز إلى أوكرانيا على أن تدفع أوكرانيا ثمن 42 مليار متر مكعب فقط، وتبلغ قيمة 1000 م3 من الغاز الروسي المُباع إلى أوكرانيا 410 دولار أميركي وهو أعلى سعر بين الدول التي كانت تابعة للاتحاد السوفياتي سابقًا.

وتسعى أوكرانيا إلى تحديد الكمية المستوردة من روسيا عبر الاستثمار في الغاز الصخري والذي يبلغ حجمه عشرات مليارات الدولارات.

وعلى الرغم من أن روسيا تدفع مليارات الدولارات لأوكرانيا تعويضًا على تمرير أنابيب الغاز إلى أوربا، إلا أن أوكرانيا لا تدفع المستحقات المُتوجبة عليها في الأوقات المُتفق عليه،. وفي آخر مواجهة بين البلدين، قامت شركة غازبروم بوقف توريد الغاز إلى أوكرانيا.

وبلغت قيمة المشتريات الأوكرانية من الغاز الروسي في شهر أكتوبر من 2013، 3،2 مليار متر مكعب أي بمعدل 104 مليون متر مكعب في اليوم، لكن هذه الكمية بلغت 9 ملايين متر مكعب في اليوم في أوائل الشهر الحالي.

وأخذت الأمور منحى تصعيديًا في الثامن من نوفمبر 2013، وتوقفت أوكرانيا كليًا عن استيراد الغاز الروسي ويبلغ مجموع المستحقات الأوكرانية لروسيا 1،355 مليار دولار لشهر أكتوبر و792 مليون دولار لشهر أغسطس 2013.

كما أن الوضع المالي لشركة نافتوغاز الأوكرانية هو وضع شبه مفلس وتعيش الشركة تحت ديون هائلة روسية وأوكرانية، وقد توقفت الشركة عن الدفع لعديد من موريديها الأوكرانيين منذ أغسطس 2013 ممّا يضع عدد من الشركات المهدّدة بالإفلاس في خطر.

الغاز أداة سياسية
وتستخدم روسيا، التي تعترض على التقارب الأوكراني من الاتحاد الأوربي من جهة، ورقة الغاز للضغط على الرئيس الأوكراني للعدول عن هذين التقاربين اللذين يُقلصان من النفوذ الروسي في المنطقة.

وهذا ما ترجمه نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روجوزين الذي توعد بملايين العاطلين عن العمل في أوكرانيا في حال تم التوقيع على اتفاق بين أوكرانيا والاتحاد الأوربي في 26 نوفمبر 2013.

أضاف أن روسيا لن تسمح بترك عدد من التقنيات الحساسة في أوكرانيا بإشارة إلى انسحاب عدد من الشركات الروسية الموجودة في أوكرانيا (الصناعة الفضائية).

يبقى الخوف الأكبر من أن تعمد أوكرانيا إلى الانضمام إلى حلف الأطلسي وبذلك قد يتم نشر بطاريات صواريخ اعتراض ورادارات في أوكرانيا، أي في العمق الروسي، وهذا إذا ما حصل سيكون ضربة كبيرة لروسيا خاصة مع السقوط السياسي لدول الاتحاد السوفيتي سابقًا في حضن الولايات المتحدة الأميركية.

وتضغط روسيا لضم أوكرانيا إلى مشروعها "الاتحاد الجمركي" والذي يضم دول الاتحاد السوفيتي سابقًا (آخر الدول التي وقعت على هذا الاتحاد هي دولة أرمينيا).
الجريدة الرسمية