رئيس التحرير
عصام كامل

حوار مع ملك الموت


سألت ملك الموت وهو يراجع دفتره السري، الدور القادم على من؟ ابتسم ساخرًا وقال: الدور دائمًا من خارج المقرر الإنساني.
أدهشتني كلماته لكني طاردته قائلا: لماذا من خارج المقرر الإنساني نحاول المذاكرة والاستعداد للسؤال الذي يطرح؟

أجاب ملك الموت باستغراب واندهاش: الإجابة عند ربي!!

عدت إلى أوراق حياتي.. وتذكرت أسئلة طرحتها على أشقائي:
أخي الأكبر اتصل ليلًا وقال: أخوك تعيش أنت!!
قلت: مين؟
قال: مدحت!
قلت: مين؟؟
قال: مدحت!!

مدحت أخي «٣٨ سنة» الذي ترافقنا كتفًا بكتف، حلمنا معًا جرينا وتشابكت أيدينا، ضحكنا وبكينا معًا، مدحت ابتسامنا في الحياة.. لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله!!

رحل.. وبالرغم من مضي ١٧ سنة على رحيله، فهو يطاردني في كل مكان، في الشارع، البيت، في كل مكان، في أحلامي، فكان بالنسبة لي توءم حياتي.

كان رحيل أخي مدحت منذ ١٧ سنة، وتوالت حالات الرحيل في الأهل والأصدقاء لكن للموت قانونًا لا نعرفه فهو يدهشك.
والحياة مثل محطات القطار، تنظر إلي المارين ولا تعبأ بأي شيء ، فليذهب من يذهب، ويأتى من يأتي!!

بعد الفجر بقليل.. رنين التليفون صوته يحمل خبرًا، طوال الليل في قلق، ويبدو أن الإجابة على أرقي قد جاءت مع رنين التليفون، قلت: صباح الخير أخي.. خير.
قال: خير.. أخوك تعيش أنت!!
قلت: مين؟!
قال: ماجد!
قلت: ميين؟
قال" مااااجد!

قلت: لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله!!
ماجد أخي الأصغر، عميد بالقوات المسلحة، تجاوز الخمسين وهو لا يزال طفلا، يحمل بين جنبيه قلب طفل، لا يعرف سوى الضحك والابتسام.. والهزار، الدنيا سقطت على رأسه، ولكنه ظل يبتسم.. يضحك.. ويستهزيء منها، طاردته المصائب فكان يسخر من هموم الحياة.

عدت إلى ملك الموت.. أسأله: لماذا دائما الإجابة من خارج المقرر الإنساني؟ وضع رأسه بين دفاتره الكبيرة، وهو لا يعبأ بما أقول، ربما وقع نظره على اسمي أو على من أحب أو على اسم لا أتوقعه!
تدهشني حكمتك ياالله، تدهشني وتجعلني أسجد لك عابدًا مستسلمًا لقضائك.. راضيا لحكمك، حامدًا.. شاكرا!!
الجريدة الرسمية