رئيس التحرير
عصام كامل

هي.. إرادة القوة.. أم قوة الإرادة ؟!


لما كانت كل التأثرات الباطنة والأفعال النفسية مردها إلى شيء واحد هو (الإرادة) ولما كانت الإرادة هي جوهر وجود الإنسان، وهى موضوع المعرفة وليست المعرفة في ذاتها، لكون أن هذه من خصائص العقل، الإرادة هي مشيئة وعزم ورغبة ورجاء ورهبة وبأس وبغض وحب، وهى كل ما ينتج عنه لذة أو ألم، لذلك نجد الناس اعتادوا على أن يردوا فكرة الإرادة إلى (القوة) لكن عند صاحب مذهب الإرادة (شوبنهور) رد كل قوة إلى (الإرادة) لكونها هي الأنا أو الذات بمعنى (البدن) أو الجسم، وهى لا تمثل العقل.


إذن هي الشيء في ذاته وهى الجوهر الباطن لكل شيء، فإذا رددنا فكرة القوة إلى الإرادة، فإننا بذلك نرد المجهول إلى شيء معلوم، ما يزيد من دائرة معرفتنا، أما إذا قمنا برد فكرة الإرادة إلى فكرة القوة، فإننا نفقد حينئذ المعرفة المباشرة عن العالم.

فالقوة التي سبقت الإرادة، قوة غير عاقلة لم تحكم العقل قبل اتخاذ القرار، فأصبح بذلك القرار غير متعقل، وبطريقة أدق وأوضح، نقول إن الإرادة كالجذر في النبات والمعرفة أو العقل كالتويج، والأول جوهرى والآخر ثانوى، لذلك نستطيع القول إن التويج الكبير ينشأ عن جذر كبير.

وهكذا الحال لدى الإنسان، تقوم الملكات العقلية على إرادة قوية، هذه الإرادة القوية تجعلنا قادرين على اتخاذ القرار الحر العاقل بدقة وتروٍ؛ لأن الحرية هنا تتبع الإرادة وليس العقل، ومن هنا كان القرار الأول الذي اتخذ للاستقصاء والعزل كان قرارًا سريعًا غير متعقل ولا يستند إلى إرادة القوة، ولكنه استند إلى قوة الإرادة ولم ينظر إلى ما سيترتب عليه وما هو مبيت من دول أخرى كانت قد وظفت هذه الجماعة للقيام بهذا الدور المشين.

وهكذا كانت القوة وسيلة لقرار آخر يلى القرار الأول وهو فك الاعتصام الذي نتج عنه استكمالا للدور الذي وظفت من أجله هذه الجماعة وجماعات أخرى كنا نعلم كل العلم بوجودها داخل القطر المصرى وغض النظر عنها، حقيقة أن الدولة تمتلك من السلطات والتشريعات ما يمكنها من قوة الإرادة بالبطش بأى أغلبية أيًا كان مسماها أو عقيدتها عندما تقف أمام مصالح الدولة لتقلل من هيبتها أو قدراتها أو لتشويه إدارتها أمام العالم، من هنا يمكن القول إن العقل لا يستطيع أن يؤدى وظائفه على النحو الأتم إلا إذا ساندته الإرادة، بينما هي في غنى تام عنه.

لذلك فإن أحوال الإرادة من عواطف وشهوات، يمكن أن تكون عقبة في سبيل العقل، فمثلا في حالة ما يصاب بمصيبة كبيرة، فإنها يفزع فزعا عظيمًا، عندها نجد أنفسنا غير قادرين على التفكير السليم الذى يمكننا من إيجاد طريقة نتخلص بها من هذا الفزع الكبير، وعلى العكس من ذلك، نجد أننا ندفع بأنفسنا إلى النار دون وعى منا ولا شعور لأن هول المصيبة أفقدنا التفكير والشعور، ولذلك نقول إنه عندما تواجهنا مثل هذه المصائب، علينا أن نفكر جيدًا بأن نرد هذه إلى أحوال الإرادة ونحن في مواجهة مشكلة عظمى، حيث إن الهدوء والأمن يعودان إلى الإرادة، ويمكن التدليل على ذلك، بأن هناك من الناس ذوى الإرادة الثابتة العتيدة والقوية والذهن الضعيف معًا. ومثل هؤلاء مصدر تعب كبير لأن التفاهم وإياهم شاق وإخضاعهم لمنطق العقل عسير.

لذا نقول إن علينا تقليب الأوراق ثانية من أجل الخروج من هذه المصيبة الكارثية التي ألمت بنا بأقل الخسائر الممكنة، فنحن ما زلنا في بداية الطريق، والطريق مخطط له منذ سنوات، فالآخر غير مكترث بالوقت، فهو يريد أن يتمم ما خطط له في تدمير الجيوش العربية ودول منطقة الشرق الأوسط.
Dr_hamdy@hotmail.com

الجريدة الرسمية