«القضاء الإداري»: تعطيل الحكومة لحقوق الفقراء الدستورية «قهر إنساني»
قضت محكمة القضاء الإداري بكفرالشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عبد الحميد متولى وزكى الدين حسين، بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الحكومة بالامتناع عن صرف الدواء الموصوف للمدعية نجوى أحمد محمود التي تعمل زائرة صحية بالتأمين الصحى، وذلك بصفة مستمرة مدى حياتها لما تعانيه من ضمور بالعصب والشبكية وعرض حالتها على الطبيب المختص دوريا لتقرير مدى حالتها الصحية في ضوء ما يسفر عنه تناول ذلك الدواء وأمرت المحكمة الحكومة بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.
قالت المحكمة في حكمها "إنه من أخص واجبات الحكومة تقديم العلاج المجانى للفقراء وغير القادرين وهو حق دستورى لهم لا مراء فيه، ولا يجوز لها الانتظار لحين لجوء المرضى للقضاء، ولا يجوز لها تعطيل حق دستورى في الرعاية الصحية لإجبار المرضى على استخدام حق دستورى آخر في التقاضى فالحق الأول مقدم على الثانى لاتصاله بالحق في الحياة، ذلك أنه إزاء سطوة المرض وجبروته الذي لا يرحم قد لا تكون هناك فسحة من الوقت لإنقاذ حياتهم من الهلاك، فحق العلاج لصيق بشخص المريض الذي لم يعلق الدستور الجديد تقديمه للمواطنين على أي شرط مسبق ولو للجوئهم إلى القضاء، وبهذه المثابة فإن تعطيل الحكومة لحق الفقراء الدستورى وغير القادرين في العلاج المجانى يعرضهم لمهانة إنسانية، ويخلق الشعور بالاغتراب لدى المريض الفقير في وطنه وهو أسوأ أنواع قهر الإنسان لأخيه الإنسان، كما أن الإمعان في تعطيل العلاج لهم هو استخدام الفقر لإذلال الروح، مما يضاعف من مرضهم وآلامهم عدة مرات جسديا ونفسيا واقتصاديا وإنسانيا على نحو تكون الحكومة بفعلها قد عرضت حياتهم للخطر".
وأضافت المحكمة في حكمها "أن التضامن الاجتماعى والعدالة الاجتماعية يمثلان ركنا جوهريا للمقومات الأساسية التي يقوم عليها أي نظام ديمقراطى، ذلك أن التزام الدولة بكفالة خدمات التأمين الاجتماعى والصحى يعمق رابطة الولاء السياسي للدولة والانتماء بين المواطن ووطنه مما يعود بالاستقرار على الوطن، فالدولة ممثلة في الهيئة العامة للتأمين الصحى ملزمة برعاية المؤمن عليهم رعاية صحية وعلاجية كاملة بما في ذلك صرف الدواء وهذا الالتزام لا ينفك عنها إلا بشفائهم أو بثبوت عجزهم وذلك في مقابل ما يدفعونه من اشتراكات التأمين الصحى التي تخصم من راتبهم الشهرى ومن ثم وجب على الدولة القياد بهذا الالتزام دون أن يكون ذلك تفضلا منها عليهم ودون أن يكون التزامها تنصلا منها اليهم، وتحت أي مبررات فحق الإنسان في الحياة يعلو على كافة الحقوق".