رئيس التحرير
عصام كامل

وزير الكهرباء لـ "سطوطة الفنجري": "أنا الواد بتاع سكينة الكهربا"!

فيتو

يوم حالك الظلام، عشته مثلما عاشه المصريون جميعا خلال الأسبوع الماضى.. بدأ اليوم في التاسعة صباحا عندما استيقظت من نومى جراء "الحر" الناتج من انقطاع الكهرباء عن التكييف.. أخذت ألف وأدور حول نفسى في المنزل مثل "الفرخة الدايخة".. مرت ساعة أو يزيد حتى عاد التيار الكهربائى فتنفست الصعداء وجلست أتابع قراءة الصحف بأحد البرامج التليفزيونية مع فنجان القهوة الصباحى..


بعدها اتجهت إلى "الحمام" كى آخذ "شاور" ينعشنى.. وبينما أوشكت على الانتهاء من إزالة الشاور من على جسدى وإذا بالكهرباء تنقطع مرة أخرى فتنقطع معها المياه بعد توقف الموتور الذي يعمل بـ "أم الكهربا"..
لم أستطع أن أدعو على وزير الكهرباء وأنا في الحمام فكظمت غيظى واستعنت بالماء الاحتياطي وأنهيت الشاور وخرجت أنتظر عودة التيار.

عاد التيار بعد ساعة أو يزيد فارتديت ملابسى بسرعة ثم خرجت من منزلى متجهة إلى مكتبى في "درب الفشارين".
قبل أن أصل للدور الأرضى بدورين انقطع التيار الكهربى وتوقف الأسانسير لكن من فضل ربى أنه لم يتوقف بين الأدوار لكنه توقف في الطابق الثانى وعندما صرخت من "القهر"، وليس الفزع هرول إليّ البواب وفتح لى باب الأسانسير فترجلت الدورين حامدة شاكرة لاعنة الوزير "حامد شاكر" وكل من يعمل بالكهرباء.

اتجهت إلى سيارتى ووجدتنى أحمد الله أنها تعمل بالبنزين وليس بالكهرباء.. وصلت إلى مقر عملى لأجد التيار الكهربائى مقطوعا منذ ساعتين واستمر ساعة أخرى في جميع أنحاء المنطقة، وعلمت بعد ذلك أن هذا حدث في جميع البنوك وكافة أنحاء الجمهورية بفعل فاعل.

لم أدع على الوزير ساعتها لكننى دعوت على الفاعل... سويعات النهار انقضت ومع بدء ساعات الليل كنت في منزلى أشاهد برامج التوك شو لأفاجأ بالزميل مصطفى بكرى يقر بأن وزير الكهرباء هو في الأصل إخوانى، وكان مرشحا على قوائم الإخوان بنقابة المهندسين عام 2011.

برنامج آخر يقر ضيفه بأن وزارة الكهرباء عبارة عن خلية إخوانية هي السبب في ظلام مصر المتكرر.
برنامج ثالث ينفى كل هذا، ويؤكد أن الوزير لا ذنب له وأن حالة التيار عادت للعمل بنسبة 100 %..

في صباح اليوم التالى، اتصلت بمكتب العلاقات العامة والإعلام الخاص بوزارة الكهرباء.. طلبت منهم رقم هاتف الوزير.. قالوا لى أأمرينا يافندم واحكى شكوتك وسوف نقوم بتوصيلها للوزير.. أخذتنى العزة بالإثم فنهرت من وصف نفسه لى بأنه مدير العلاقات العامة والإعلام بالوزارة وقلت له "أنا سطوطة الفنجرى ياابنى.. إدينى رقم الوزير"..
قال بصوت خال من أي تيار "آسف يافندم تقدرى تقولى شكوتك وأنا أقوم باللازم"..
قلت "طب قول للوزير بتاعك إن سطوطة الفنجرى اتصلت وطلبت رقمه وأنت طلعت شاطر ورفضت أن تعطيه لها..أما أنا فلا أريد أن أكلم الوزير الإخوانى هذا".

أغلقت الهاتف في وجه الرجل، وأنا أشتعل غضبا لدرجة أن "فيوز كهرباء مخى" كادت تنفجر وقررت أن يكون هذا الوزير وأفراد علاقاته العامة هم كبش فداء مقالى الذي سينشر هذا العدد.

لم تمر نصف ساعة حتى جاءتنى مكالمة تليفونية من المهندس محمد حامد شاكر وزير الكهرباء يقول لى "أنا بالنيابة عن وزارة الكهرباء والحكومة كلها أعلن أسفى لسطوطة هانم.. يا فندم الولاد مش واخدين بالهم من حضرتك.. أأمرينى ياست الكل".
قلت: ما يأمرش عليك ظالم محمد بيه.. أنا كنت عايزة أعمل معاك حوار !
قال: أنا بصراحة مش قد حواراتك ياسطوطة هانم وكفاية اللى عملتيه في عمرو موسى العدد اللى فات.. لكن مقدرش أرفض.. إنتى تنورى في أي وقت !
قلت: وحياة أبوك ماتجيبش سيرة النور على لسانك كفاية أنه مقطوع اليوم كله !
ضاحكا قال: ليه هو إنتى بتشتغلى بالكهربا ولا إيه ياسطوطة هانم ؟!
قلت: لا،، وأنت الصادق أنا شغالة باللمس وبقول بابا وماما !
ضاحكا قال: الله يجازيكى ياسطوطة هانم.. طب هتنورينا.. قصدى هتشرفينا إمتى ؟!
قلت: سأأتى لك بمكتبك في الثامنة مساء.. عندك كهربا وللا إجيبلك معايا ؟!
قال: عندى ياست الكل.. في انتظار معاليكى !

انتهت المكالمة التليفونية مع الوزير، وفى تمام الثامنة كنت داخل مكتب العلاقات العامة "أوبخ" في مستشاريه الإعلاميين الذين استسلموا تماما وأبدوا لى اعتزارهم ثم أبلغوا الوزير بوصولى فخرج لاستقبالى مرحبا واصطحبنى إلى مكتبه حيث جلست أمامه ومع فنجان القهوة كان لى معه هذا الحوار:

قلت: ممكن أستأذنك نطفى النور ياحامد بيه ؟!
قال: اشمعنى ؟!
قلت: علشان نوفر التيار !
قال: هو إنتى بتصدقى الكلام ده.. إحنا عندنا تيار يكفى ثلاث دول !
قلت: وده تيار طبيعى يعنى وللا واخد منشطات !
قال: طبيعى والله ياهانم.. طبيعى !
قلت: شكلك إخوانى يامعالى الوزير !
قال: دى إشاعات ياهانم !
قلت: لكن مصطفى بكرى وهو الصحفى الهمام أكد أنك إخوانى وخضت انتخابات نقابة المهندسين على قائمة الإخوان !
قال: أنا أصلا الواد بتاع سكينة الكهربا اللى كان بيقطع التيار أيام الرئيس محمد مرسي !
قلت: وأنا أحترم صراحتك.. وطبعا أنت اللى كنت شغال "مؤقت" في الوزارة وتم تثبيتك وتدرجت في المناصب حتى أصبحت وزيرا !
قال: إنتى هتجننينى ياست إنتى.. معقولة بتتكلمى بجد ؟!
قلت: طب يعنى أقولك إيه وأنت بترد عليا كدا !
قال: علشان كلام الأستاذ بكرى ده مالوش أساس من الصحة !
قلت: طب أنت ليه دايما ترضى بأى حاجة، ولا ترد على مثل هذه التصريحات ؟!
قال: علشان أنا كده دايما حامد شاكر !
قلت: آه.. أنا نسيت أن اسمك فعلا حامد شاكر.. لكن إحنا مش هنسكت على الضلمة دى ياعم حامد شاكر !
قال: والله أنا ماليش ذنب في الضلمة دى ياهانم !
قلت: أمال مين اللى له ذنب يابيه ؟!
قال: وزير البترول هو السبب في انقطاع التيار، فأنا بالفعل أمتلك محطات كهرباء تضيء ثلاث دول لكنها تحتاج إلى سولار وبنزين !
قلت: ولماذا يسلط الإعلام غضبه عليك أنت وليس على وزير البترول ؟!
قال: أقولك الحقيقة بس توعدينى بأن لا تنشريها وتكون سرا بيننا !
قلت: سرك في بير.. قول !
قال: أنا فعلا كنت عضوا في جماعة الإخوان لكننى من "الخلايا النائمة"، وعندما تقلدوا السلطة أتوا بى وزيرا للكهرباء وكنت وزيرا فاشلا واعترف بذلك.. والدليل أن السنة التي قضاها مرسي في الحكم كانت تتميز بالظلام.. وفوجئت بعد زوال حكمنا بالمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء يعرض عليا الاستمرار في وزارة الكهرباء وعدم توجيه أي اتهامات لى تدخلنى السجن بجوار "الإمام" المرشد محمد بديع وحاشيته بشرط أن أتحمل أنا مسئولية قطع التيار الكهربى بدلا من وزير البترول.. وأن أخرج في الإعلام أناقش المشكلة وكأننى المسئول عنها لأن محلب رأى أن يحل مشكلة تكدس السيارات أمام "البنزينات" بتوفير وقود الكهرباء وتحويله لمحطات البنزين ومصانع أنابيب الغاز لأن حل مشكلة الأنابيب والمرور وطوابير البنزين أهم عنده من مشكلة انقطاع التيار !
قلت: وبالطبع أنت وافقت كى تهرب من جحيم السجن وجلسات المحاكمات !
قال: هو كذلك فما أنا فيه أرحم بكثير !
قلت: يعنى أنت متأكد من كلامك ده ؟!
قال: طبعا لأ.. "أنا بس عايز أسليكى عبال ما النور يقطع"
قلت: هو النور بيقطع هنا في مكتب الوزير كمان ؟!
قال: طبعا.. وهل على رأس الوزير ريشة ؟!
قلت: لكنك منذ قليل، قلت لى إننى في مكتب وزير الكهرباء ولا أقلق، فلديك تيار يكفى ثلاث دول !
قال: وهل ذنبى أنكى صدقت ما أقول.. إحنا بنضيع وقت عبال ما النور يقطع !
قلت: هذا يعنى أن تصريحك بأن مشكلة انقطاع التيار في طريقها للحل يعتبر تضييع وقت !
قال: طبعا.. "على فكرة أنا مش أعرف أتكلم جد خالص.. وكل حوارى معك هزار في هزار ! "
قلت: طب ممكن حضرتك تيجى تشتغل معانا في درب الفشارين وسنعطى لك نفس راتبك في الوزارة ؟!
ضاحكا قال: بس تضمني لى إن النور يفضل قاطع !

وهنا أدركت أن الرجل "بيشتغلنى قبل أن أشتغله" فتناولت حقيبتى، وقلت له نردها لك في الأفراح يامعالى وزير الضلمة" ثم تركته ورحلت وسط ضحكاته العالية التي لم تنقطع حتى أننى ظللت أسمعها بعد وصولى للأسانسير !
الجريدة الرسمية