رئيس التحرير
عصام كامل

الرجل الجالس بسلامته في وزارة التربية والتعليم


ارحموا الرئيس..
بعد أن صمم الرجل الجالس بسلامته في وزارة التربية والتعليم في الحكومة المَحلبيَّة المُحلَّبة على أن الدراسة في مدارس مصر في موعدها الأسبوع القادم، يقرر أنه لو كانت هناك مستجدات سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الأمر!


ما هذا التصريح المائع؟! فالرجل أراد أن يترك الباب مواربًا لمستجدات القرارات الرئاسية العليا، في زمن عاد مسئولوه من جديد إلى مبدأ تحميل رئيس الجمهورية ليس فقط قرارات المهمة وإنما البسيطة منها أيضًا! وهو ما يفوق طاقة أي رئيس مع الحكومات المحترمة التي يتولى فيها الوزير أمور حقيبته الوزارية من الألف إلى الياء في إطار العمل الجماعي لحكومته!

هاتها صريحة مباشرة بأنك تنتظر التعليمات النهائية في هذا الأمر، وهو ليس عيبًا بالمناسبة مع وزارة ما زالت تُدار بالبركة، بدلًا من أن تُصر على قناع التجمل للخروج من أي احتمالات للتأجيل!

سنعالجهم بالحب!
ذكرتني التصريحات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم الأخيرة بتصريحات مرشد الإخوان المجرمين عن المقاومة بالحب! إذ قررت الوزارة بخلو أول أسبوعين من العام الدراسي من المناهج الدراسية، وعدم تحميل الطلاب عبء المذاكرة قبل العيد، وإنما سيكون الأسبوعان للأنشطة والكرنفالات لإعطاء فرصة للطلاب للتقرب من بعضهما وحُب المدرسة! وهي لا تعكس غير فقر فكري واضح في إدارة المنظومة التعليمية المصرية، لأن المسئولين عن التعليم لا يدركون حتى الآن أن الأنشطة يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من العملية التعليمية وليست هامشية كما عشنا وتربينا عليها، وهي أحد المحاور الرئيسة في الانتماء للوطن أولًا ثم تنمية الود والتقارب بين الطلاب، بدءًا من طابور الصباح وتحية العلم ومرورًا بحصص الدين والمعمل والألعاب والرسم وانتهاءً بالمكتبة والفنون والرحلات والأمسيات والمسابقات، على أن يأتي ذلك ضمن إطار متكامل مع المناهج الدراسية وطبيعة التدريس وفق منظومة تعليمية شاملة.

أما ما يحبب الطلاب في المدرسة فهو صلاح حال منظومة التعليم من مناهج متطورة ناضجة غير مكدسة أو محشوة بالفيروسات، ومعلِّم مؤهَّل ومدرَّب أخلاقيًا وتربويًا وفنيًا لا يسيل لعابة على دروس خصوصية أو خلافه، وفي بنايات مجهَّزة وفق أبسط المعايير الدولية المتحضرة!

راحة الشعب
تعجبت من التصريح الرسمي الصادر عن وزارة التربية والتعليم في الحكومة المَحلبيَّة المُحلَّبَة بأن مهمة الوزارة راحة الشعب، بعدما أمتعنا بعدم وجود مناهج دراسية في أول أسبوعين منها وإنما أنشطة وكرنفالات بين الطلبة! فهل في هذا راحة للشعب؟

كيف ذلك وسوف يتحمَّل هذا الشعب المطحون دربكة المنزل والتفاعلات النفسية والعصبية الناتجة والمصاحبة للأمر وارتفاعات ضغط الدم التي اعتاد عليها أولياء الأمور مع حلول العام الدراسي، ومصاريف المواصلات التي زادت تلقائيًا خلال الفترة الماضية، وهذا طبعًا غير مصروفات الزي المدرسي والأدوات الدراسية وخلافه التي استُدرجت إليها الأُسر قبل فاصل من متطلبات عيد الأضحى المبارك بأيام قليلة!

ثم إن القريب لا يُدرك ما تفعله الطلعات الطلابية من أزمات مرورية في الشوارع المُتخمة أصلًا بما لا يُطاق، والتلوث البيئي والكثير من المشكلات التي كان الشعب في غنى عنها لو ارتاح باله أسبوعين ليستقبل العيد مبتسمًا!

ثورة التعليم
هل موعد بدء العام الدراسي ظهر فجأة! هل من أفعال الثورة أن تتأخر طباعة ربع المناهج على الأقل قبل بداية العام الدراسي، وتتجمل الوزارة بأن أول أسبوعين سيكونان بلا مناهج من أجل الأنشطة والكرنفالات التي تزرع الود والحب بين الطلاب والمدرسة! وهل مسألة التعديل في المناهج طرأت فجأة أم كانت واردة ضمن دراسات فنية وتربوية منذ شهور على الأقل؟

إذا كان هذا الشعب الجميل قد قام بثورتيْن عظيمتيْن في أقل من عاميْن ونصف العام أطاح فيهما بنظام فساد ونظام متآمر، فإننا بلا شك نحتاج إلى ثورة تالية في نطاق التعليم لنُخرج أجيالًا قادرة على إدارة البلاد بفكر متطور أرادته الثورة وشعبها.
Poetgomaa@gmail.com
الجريدة الرسمية