رحلة البحث عن عقل "محلب"
السبت الماضى، كتب الأستاذ سليمان جودة، عموده اليومى بالمصري اليوم، مقالا تحت عنوان "هذا هو جسد محلب فأين عقله"، تناول المقال تركيز نشاط رئيس الوزراء على الجولات الميدانية في الشوارع والميادين والمحافظات، وتفضيله قضاء وقت كبير في الشوارع، وإصراره على أن تكون هذه سياسة الحكومة خلال الفترة الحالية، كما تناول المقال عدم وضوح رؤية رئيس الوزراء حول مواجهة الأزمات التي نعانى منها منذ سنوات طويلة، وتأكيده عليها قبل ذلك، وأن المهندس محلب يعتمد في إدارته للبلاد على قوة جسده وقدرته على القيام بذلك من جولة ميدانية في نفس الوقت، وليس على قدرته على التفكير وتقديم حلول خارج الصندوق..
هذا كان رأى سليمان جودة في أداء المهندس محلب، وبالمناسبة لم يكن رأيه وحده فأنا أشاركه هذا الرأى، وكثيرون غيرى يرون في محلب مسئولًا تنفيذيًا عظيمًا ولكنه لا يمتلك مهارة رجل الدولة الذي يخطط للمستقبل وتحقيق إنجازات اقتصادية عظيمة، وبما أن محلب تربطه علاقة قوية بالإعلام وهو الذي أتى به رئيسًا للوزراء لم يعجبه ما كتبه سليمان جودة وأرسل ردًا مهذبًا يرفض فيه كل ما جاء في المقال بلغة مهذبة واستعرض التحديات الكبرى التي تواجه الحكومة في ظل الفترة الحالية كما لم يفُته أنه يستشهد بالنجاحات التي تحققت خلال الفترة الحالية - من وجهة نظره طبعًا - ومنها نقل الباعة الجائلين من وسط البلد إلى جراج الترجمان وبداية العمل في مشروع قناة السويس الجديدة وتنمية الساحل الشمالى وغيرها من المشروعات القومية الكبرى.
وأنا لست ضد هذا، ولكن ما أريد أن أتوقف عنده، أن تجربة محلب في إدارة البلاد انتقلت إلى جميع الوزراء والمحافظين وأصبحت عدوى يعانى منها جميع المسئولين، فمسئول يعمل من أجل أن يتحدث عنه الإعلام ويجتهد من أجل أن يراه الإعلام، ويسهر من أجل أن يبرز دوره الإعلام، أما الاهتمام بمشاكل المواطن بشكل حقيقي فعال غير موجود على أجندته.
العمل في صمت وتحقيق إنجازات على أرض الواقع يشعر به المواطن، ثقافة لم تبدأ عندنا بعد، وتأكيدًا لهذا المعنى تابعت خلال الأسبوع الماضي حلقة على شاشة إحدى القنوات مع مسئول تنفيذى كبير واستقبل جميع المكالمات على الهواء بصدر رحب وحل جميع المشاكل التي عرضت عليه، بل إنه أصر على كتابة رقم هاتفه على الشاشة ووعد باستقبال كل من يواجه مشكلة في المؤسسة التي يرأسها، وأردت التأكد بنفسي من صحة رقم الهاتف ولكن المفاجأة أنه كان غير موجود بالخدمة، من المؤكد أننى لست ضد وجود علاقة طيبة بين المسئول والإعلامي ولكن يجب أن تظل العلاقة في إطار المواجهة لكشف الحقيقة وليس في إطار التلميع والترويج للشخص قبل العمل، حتى أصبح المسئولون أكثر ظهورًا من لاعبي كرة القدم والفنانين.
شخصيًا، أعرف عددًا من الوزراء والمحافظين يلحون على الإعلاميين للظهور في البرامج للترويج لأشخاصهم قبل عملهم، ولمعرفتهم جيدًا أن الإعلام إما أن يكون سببًا في استمرارهم أو جلوسهم في الظل.
Essamrady77@yahoo.com