رئيس التحرير
عصام كامل

مجانين "ضنك"!


إما أن الإخوان انتهوا، أو على الأقل في حالة ضعف عام، أو أن هناك من غير الإخوان من يتعامل مع الإخوان بالقطعة ويحاسبهم عن أعمال يقومون بها بالوكالة، كل هدفها إرباك المشهد العام في مصر وإشغال الدنيا في مصر وخارجها بمواجهات تلو مواجهات، وجماعات سرية حركية من بعد بعضها!


فبالنظر، مجرد النظر إلى قصة جماعة "ضنك" وتهديداتها التي تحولت إلى مشهد كوميدي بالقبض على أعضائها يؤكد ذلك، فأبجديات العمل الجماهيري وتحريك الجماهير ضد أي نظام حاكم يتطلب شروطا معروفة تحددها كتب الاجتماع السياسي وأفرع أخرى للعلوم السياسية، كما تعرفها التيارات ذات الخبرة بفكرة الثورة وتحريك الجماهير وخصوصا قوى اليسار بشكل عام.

أهم هذه الشروط شرطان أساسيان هما توافر الشرط الموضوعي.. أي أسباب الثورة ومبرراتها واقتناع الناس بها واقتناعهم بتبنيها، الثاني هو الشرط الذاتي، أي التنظيم القادر على تحريك الناس وحشدها وتنظيمها وتوجيهها، ولا نر توفر كلا الشرطين، فالتوازن على مواقع التواصل الاجتماعي هو سيد الموقف، لم يعد الفيسبوك أو تويتر حكرا بالخبرة أو بالحركة على حركة أو جماعة كما كان قبل ٢٥ يناير وبعدها بفترة، وبات على ساحات هذه المواقع لاعبون كثيرون لهم أنصارهم ولهم قدراتهم في الحشد والإقناع، بعد أن استخدمت هذه المواقع بديلا عن التنظيم السياسي الذي ينظم الجماهير ويوجههم.

كما تدهشنا القدرة على دعوة الثورة على النظام، في حين تحتشد الجماهير خلف هذا النظام يوميا بشكل أسطوري، ليس فقط لتهتف له أو لتطلب منه شيئا، بل على العكس من ذلك، إذ تقف حاشدة محتشدة في بنوك مصر الوطنية لتمنح النظام - الذين يطالبون بالثورة عليه - ممتلكاتها وثرواتها وتحويشات العمر، وترهنها له لخمس سنوات مقبلة بغير الاقتراب منها ولا القدرة على استخدامها في طوارئها العائلية والشخصية، في ملاحم نقرأ كل يوم ما يثبت أنها لا تتم طمعا في فائدة مرتفعة ولا غيرها.

هذا الأخير، ما يؤكد، ولدينا ما يقترب من المعلومات، أن هناك وكلاء يعرضون خدماتهم من مرتزقة العمل السياسي وبعض "الصيع" على الإخوان، للقيام بأي دور؛ اعتقادا أنهم بعيدون عن رصد الأجهزة الأمنية أو رغبة في توسيع دائرة المعارضة للسيسي لتستوعب حركات أخرى غير الإخوان حتى لا يبدو الأمر مقتصرا أمام العالم على جماعة ضاعت منها السلطة وتحاول استرجاعها، إنما أمر قوى عديدة تختلف مع السيسي ونظامه، كما يتوهمون!

مجنون بلا شك، من يدعو للثورة على نظام، يجمع له المصريون مليارا من الجنيهات كل ساعة عمل بالبنوك الوطنية، وكان وحده معيارا عاقلا لإدراك ذلك، إنما لعقلاء ليس إلا!
الجريدة الرسمية